خبر : الجيش والرئاسة في مصر ...محمد صلاح

السبت 25 مايو 2013 09:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
الجيش والرئاسة في مصر  ...محمد صلاح



الجيش لن ينقلب على الحكم طالما بقيت الأزمات عند مستوى لا يهدد كيان الدولة  في دولة بحجم مصر، ومهما كانت تداعيات الثورة وما جرى بعدها على مختلف الصعد، ستبقى العلاقة بين الجيش ومؤسسة الرئاسة والقوى المؤثرة فيها وعليها، كجماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «الحرية والعدالة» والإسلاميين الآخرين الموالين للرئاسة، على المحك. ومهما سعى الطرفان إلى ترطيب الأجواء أحياناً، أو الترويج «للعسل» الذي يسبحان فيه، أو إظهار حرصهما على تفادي صدام علني بينهما، فإن طبيعة الظروف التي فرضتها التطورات والطموحات، لدى جماعات ومجموعات وأشخاص وشخصيات وقوى وجبهات وتكتلات وعائلات ومصالح ومنافع وتحالفات وانتماءات، تجعل كل واقعة مؤثرة موقف كل من الرئاسة والجيش محل رصد وتحليل وتدقيق، للوقوف على مدى التباينات والاتفاقات بينهما، وتأثير كل خلاف أو اتفاق على شكل العلاقة ومحتواها بينهما في المستقبل. واللافت ذلك التناقض الصارخ في قناعات بعض المصريين تجاه موقف الجيش من حكم «الإخوان»، وكذلك توجهات الجماعة تجاه الجيش، خصوصاً أن أصحاب الرؤيتين لديهم دائماً ما يعتقدون أنه يوثق قناعاتهم ولا يدع مجالاً للتشكيك فيها، فالذين يعتقدون بأن الجيش العسكري في عهد المشير طنطاوي «باع البلد للإخوان»، ويروجون لصفقة بين الطرفين جرى الإعداد لإخراجها، بحيث يحتفظ الجيش بمكتسباته ومزاياه مقابل أن تقفز الجماعة إلى سدة الحكم، لا يرون أن صداماً يمكن أن يقع بين الطرفين طالما حافظ كلاهما على قواعد اللعبة ولم يغيرها بمفرده أو «بضرب» اتفاق الصفقة من جانبه. في هذا الإطار، هناك عشرات التفاصيل والمعلومات والمذكرات والذكريات والفتاوى و «المكالمات» مقابل مثيلتها التي تدعم اعتقاداً آخر بأن «الإخوان» أوقعوا المجلس العسكري وباقي العناصر الفاعلة في الثورة في الفخ، واستدرجوا الجيش دائماً ومنذ لحظة التنحي، إلى مواجهات في الشارع أساءت إلى سمعته، وأوقعت ما بينه وبين الشعب، وساعد على ذلك شطط بعض الثوار أحياناً (أحدهم أبدى أمس تأييده لخطف الجنود في سيناء!!) واندفاع القوى المدنية خلف مطالب ثورية كان من الصعب على الجيش تلبيتها لقلة خبرة قادته بالعمل السياسي، أو حساباتهم الدقيقة قبل كل خطوة يسيرون فيها، أو حتى لحرص قادته على عدم «التنكيل» بمبارك وأسرته وأركان حكمه. ويتحدث هؤلاء الآن عن إخفاء معلومات عن أدوار مارسها «الإخوان» قبل الثورة وأثنائها كان الكشف عنها في حينه يجعل الناس على يقين أنهم يُستخدمون لتحقيق أهداف «الإخوان» وليس لتنفيذ مطالب ثورية حقيقية أي كان مفعولاً بهم وليسوا بفاعلين!!. وبين كل تلك التفاعلات تطل كل فترة، ومع كل أزمة، بسبب أخطاء الحكم والأصوات المطالبة بنزول الجيش فتتسع بؤرة الضوء المسلطة على علاقة الجيش بمؤسسة الرئاسة، وحتى مع ردود وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي وباقي القادة المؤكدة على التزام الشرعية رغم الولاء للشعب، وكذلك تصريحات الرئيس مرسي حين يكون وسط قادة الجيش، أو في أي تجمع آخر، وتشديده على قوة العلاقات مع القوات المسلحة واعتراضه على الإساءة إلى الجيش و «عمق» الارتباط بين الحكم وقادة الجيش وأفراده، إلا أن كل ذلك لا يخفي حالة الترقب، أو قل الترصد لمدى صبر كل طرف على تصرفات الآخر!! الآن هناك قضية الجنود المختطفين في سيناء وموقف الجيش منها، خصوصاً بعد بيان الرئاسة الذي ساوى في حرص الرئيس على سلامة الخاطفين والمخطوفين!!، وكذلك الإجراء غير المسبوق بالدعوة إلى حوار وطني للبحث في قضية جنود مخطوفين!؟، أما ملف «الجنود الشهداء» في رمضان فما زال مفتوحاً، وبين الواقعتين هناك عشرات المفردات والوقائع والأحداث التي تجعل من تصديق نغمة أن الجيش والحكم «إيد واحدة» محل شك، أو قد تكون كذلك، لكن في الصور وأمام المصابيح والعدسات فقط. عموماً، وجهات النظر والرؤى المختلفة حول طبيعة ومستقبل العلاقة بين الجيش والرئاسة قد تتباين في بعض التفاصيل، لكن الاتفاق يسود بأن الجيش لن ينقلب على الحكم طالما بقيت الأزمات عند مستوى لا يهدد كيان الدولة، لكن الجيش لن يحمي مؤسسة الرئاسة ولن يتحول إلى أداة في يدها إذا ما قرر الشعب -أو قل غالبيته- الاستغناء عن خدماتها.