خبر : وثيقة بمبادرة ديوان رئيس الوزراء:اللاجئون اليهود سيكونون جزءً من كل اتفاق مستقبلي / بقلم: باراك رابيد /هآرتس 14/9/2012

الجمعة 14 سبتمبر 2012 06:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
وثيقة بمبادرة ديوان رئيس الوزراء:اللاجئون اليهود سيكونون جزءً من كل اتفاق مستقبلي /  بقلم: باراك رابيد /هآرتس 14/9/2012



  لروزا مولخو، ابنة 78، توجد ذكريات طفولة صعبة وباعثة على الصدمة. ومع أنها ولدت في القاهرة، إلا انه للحظة يخيل أنها تتحدث عن أحداث في بولندا 1941. "عند الظهر سمعت ضجيجا"، تروي في فيلم صدر على قناة خاصة في اليو تيوب. "نظرت في النافذة... رأيت دائرة نار فهربت. صرخت أمي! أمي! ابدا لن أنسى مشهد الجثث على الارضية... عندم أخذوا جثة أمي صرخوا "لماذا تدفن اليهودية القذرة؟"... تركت مصر في كانون الاول 1949... أنا روزا مولخو وأنا ايضا لاجئة".             في أفلام مشابهة صدرت في ذات القناة تظهر بنينا بصراوي، لبنى زمير ولوسي كلمارو اللواتي هربن من مصر في الخمسينيات، ديفيد نوي ودوريس اسحق اللذان هربا من بغداد في 1951 واسحق الباز وبن تسيون سيلع اللذان هربا من الجزائر في 1962. "أنا ايضا لاجيء"، يقول كل واحد منهم الى الكاميرة.             الأفلام التي يظهر فيها مولخو زمير وآخرون صدرت على الشبكة كجزء من حملة إعلامية يقودها نائب وزير الخارجية، داني ايالون.             خلف الخطوة يقف قرار سياسي من مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية بموجبه فان مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية ستندرج من الان فصاعدا في المفاوضات مع الفلسطينيين. دون حل قضية اللاجئين اليهود، قرروا في القدس، لن توافق اسرائيل على الاعلان عن نهاية النزاع.             لعشرات السنين امتنعت حكومة اسرائيل عن الانشغال بقضية اللاجئين اليهود الذين هربوا من الدول العربية. وكان للسياسة في الثلاثين سنة الاولى للدولة نصيب كبير في ذلك. فنائب وزير الخارجية ايالون، الذي جاء أبوه من الجزائر، يقول ان ممثلي منظمات سليلي ليبيا أو العراق رووا له بان وزيري الخارجية يغئال الون وموشيه ديان رفضا رفضاً باتا طلباتهم رفع الموضوع في الساحة الدولية.             "قالو لهم ان الزمن غير جيد"، يروي ايالون. "رئيس الوزراء الاسبق دافيد بن غوريون ابتعد هو ايضا عن هذه المسألة كما يبتعد المرء عن النار. فهذا لم يكن يلائم الفكرة التي حاولوا خلقها وتقول ان يهود الدول العربية هاجروا لدوافع صهيونية وانخرطوا في المجتمع. اللجوء، حسب هذا المفهوم، لم يكن إلا في يهود اوروبا. مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية اسكتت بل ولم تدخل في المناهج التعليمية في اسرائيل".             وبدأت حكومة إسرائيل الانشغال بالمسألة بكثافة بعد زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاولى في واشنطن، في ايار 2009، وخطاب بار ايلان بعد شهر من ذلك. وأعرب نتنياهو في حينه، لاول مرة، عن موافقته على مبدأ الدولتين للشعبين.             ووجه نتنياهو تعليماته الى عوزي أراد، في حينه رئيس قيادة الأمن القومي للشروع في الاستعداد لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وعندما كان باحثا كبيرا في مركز هرتسيليا متعدد المجالات، نسق اراد عمل فريق أكاديمي عني بالجوانب السياسية والقانونية لمشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية.             كمستشار للأمن القومي قرر أراد تشكيل فريق خاص من مندوبي الحكومة وخبراء من الاكاديميا لبلورة الموقف الرسمي لاسرائيل في موضوع اللاجئين اليهود من الدول العربية. وروى اراد بانه تلقى مباركة نتنياهو وعين المقدم احتياط اورنا مزراحي لرئاسة الفريق.             ووضع اراد في الصورة الون ايضا، وضم الى المداولات رجال وزارة الخارجية، وزارة العدل، وزارة المالية ووزارة شؤون المتقاعدين. وفي مداولات الفريق شارك ايضا مؤرخون واقتصاديون من الاكاديميا، وممثلو منظمات يهودية مثل الكونغرس اليهودي العالمي والمنظمة اليهودية الامريكية العدل ليهود الدول العربية (JJAC).             من 1948 حتى 1968             في 24 أيار 2011 رفعت قيادة الامن القومي لنتنياهو ومسؤولين كبار آخرين في القيادة السياسية خلاصة دراستها للمسألة. الفريق، الذي تنكشف تفاصيل عن الوثيقة التي وضعها لاول مرة هنا، أوصى بادخال مسألة التعويضات للاجئين اليهود من الدول العربية الى المفاوضات مع الفلسطينيين.             واعتقد فريق قيادة الامن القومي بانه يجب الاعتراف بالفوارق بين يهود الدول العربية وبين اللاجئين الفلسطينيين. وبعد الفحص القانوني قرر الفريق بان اليهود الذين تركوا منازلهم في الدول العربية وهاجروا الى اسرائيل يستحقون مكانة لاجيء حسب القانون الدولي. ورقة الموقف من قيادة الامن القومي تتضمن، لاول مرة، تعريفا رسميا لمفهوم اللاجيء اليهودي من الدول العربية. وحسب الوثيقة، فان نقطة البدء في احصاء اللاجئين اليهود من الدول العربية هي قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة في مشروع التقسيم في تشرين الثاني 1947. احصاء اللاجئين اليهود ينتهي في 1968، بعد حرب الايام الستة.             عدد اللاجئين اليهود في الفترة موضع البحث، حسب الوثيقة، هو نحو 800 الف. اللاجئون الفلسطينيون يعدون، بالمقابل، 600 – 700 ألف. معظم اللاجئي الفلسطينيين تركوا في 1947 – 1949. 200 – 300 ألف منهم، ممن انتقلوا من الضفة الغربية الى الاردن بعد حزيران 1967، يعتبرون نازحين.             الوثيقة التي رفعتها قيادة الامن القومي الى نتنياهو، وعنوانها "خلاصة دراسة واقتراح موقف اسرائيل للمفاوضات مع الفلسطينيين في موضوع اللاجئين اليهود"، تقضي بان المصلحة الاسرائيلية هي تثبيت صلة بين "مأساة اللاجئين اليهود" وبين مسألة اللاجئين الفلسطينيين. ويشدد واضعوها على أن المسألتين مرغوب فيه عرضهما كجملة واحدة في البحث في موضوع اللاجئين في المفاوضات على التسوية الدائمة.             وحسب قيادة الامن القومي، فان كشف مشكلة اللاجئين اليهود يمكن أن يستخدم "لتلطيف حدة المطالب الفلسطينية أو على الاقل لكبح جماح أنماط الانشغال بمسألة اللاجئين الفلسطينيين".             وتشاور الفريق مع موظفين كبار سابقين، كانوا مشاركين في المحادثات مع الفلسطينيين في كامب ديفيد 2000، تحت رئيس الوزراء ايهود باراك، وفي المفاوضات في مسار أنابوليس في 2008 تحت رئيس الوزراء ايهود اولمرت. وكتب واضعو التقرير بانه في الجولات السابقة من المفاوضات طرحت مسألة اللاجئين اليهود في الهوامش فقط. ويضيف الفريق بانه في الجولات السابقة من المفاوضات اكتفت اسرائيل بردود على المطالب الفلسطينية ولم تطرح مطالب من جانبها. وجاء في التقرير ان "الفلسطينيين أجادوا في تهيئة التربة للمفاوضات من خلال تثبيت الرواية عن مصيبة اللاجئين الفلسطينيين في الخطاب الدولي. وقد تمكنوا من تحقيق اعتراف دولي واسع بالحاجة الى حل مناسب للاجئين الفلسطينيين بل والاستعداد للمساعدة في تمويل الحل". ويقول موظف كبير سابق ان مشكلة اللاجئين اليهود بالذات بحثت بشكل جدي في الماضي. موقف اسرائيل في محادثات كامب ديفيد 2000 كان أنه "لا يجب اهمال قضية اليهود الذين طردوا من البلدان العربية أو اضطروا الى تركها في أعقاب حرب الـ 48 أو النزاع الاسرائيلي – العربي، والمطالب المرتبطة بها". بل وتطرقت اسرائيل الى المسألة في ردها على الافكار التي طرحها الرئيس الامريكي بيل كلينتون في كانون الاول 2000. فقد اقترح كلينتون تشكيل صندوق تعويضا للاجئين الفلسطينيين واليهود على حد سواء. في المفاوضات في مسار أنابوليس طرحت مشكلة اللاجئين اليهود وزيرة الخارجية في حينه، تسيبي لفني. مصدر شارك في المحادثات يقول ان الفلسطينيين لم يرفضوا الطلب الاسرائيلي بدفع تعويضات للاجئين اليهود، ولكن ادعوا بان الامر يجب أن يطرح في المفاوضات مع الدول لعربية وشددوا على أنهم ليسوا طرفا في المسألة. وبالتالي، قال الفلسطينيون، لا توجد أي صلة بين مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ومسألة اللاجئين اليهود. "لم يهمل احد مشكلة اللاجئين اليهود. عملنا على ذلك بهدوء"، يقول شخص كان ضالعا في المفاوضات في فترة باراك وفترة اولمرت. "الاسهل هو الخروج في حملة اعلامية والصراخ في وسائل الاعلام عن العدالة ولكن هذا لن يجلب حلا بل وحتى سيضع المزيد من العصي في العجلات". ويعقب أراد فيقول: "لم يحاول احد عرقلة المفاوضات. لم تكن هنا في أي مرحلة اي محاولة للتسييس". مسؤولية عربية             ورقة موقف رفعتها قيادة الامن القومي الى نتنياهو ترسم الاستراتيجية الاسرائيلية في مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين في كل ما يتعلق باللاجئين اليهود. وهي تقترح ان تلقي اسرائيل المسؤولية في خلق مشكلة "اللجوء المزدوج" على الجامعة العربية وعلى الدول العربية.             "الدول العربية مسؤولة مباشرة، بالفعل وبالقصور، عن اللجوء اليهودي"، جاء في التقرير. "زعماؤها شجعوا أو لم يمنعوا العنف الشديد ضد اليهود ودفعوا نحو طردهم... وهم لم يسمحوا لليهود بالخروج مع أملاكهم وأجبروهم على الهجر بلا شيء... وهكذا تسببت الدول العربية بخراب جاليات فاخرة تعود الى 2500 سنة".             وحسب ورقة الموقف، في كل مفاوضات مستقبلية على التسوية الدائمة ستشدد اسرائيل رغبتها في حل "مشكلتي اللاجئين". وستقترح اسرائيل الا تكون مسألة اللاجئين اليهود والفلسطينيين جزءً من المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، بل ان تتم في إطار متعدد الاطراف، بسبب الحاجة لتمويل التعويضات للاجئين. في هذا الاطار سيكون شركاء ممثلو الجامعة العربية والدول العربية وكذا الاسرة الدولية. وجاء في الوثيقة "توصيتنا هي الا تشكل مشاركة محافل عربية شرطا لا غنى عنه كي لا يفشل تماما الحل المقترح... فتسوية لا تقدم جوابا للجوء اليهودي لن تعتبره القيادة والشعب في اسرائيل كنهاية للنزاع".             في مسألة حق العودة يوصي التقرير بتحديد حسم متساوٍ بين اللاجئين الفلسطينيين واليهود. "اسرائيل تطالب بالتنازل عن حق العودة للطرفين، لان هذا حل غير عملي"، جاء في الوثيقة. "ليس للاجئين اليهود رغبة أو امكانية للعودة الى الدول العربية حيث سيصبحون رهينة أو موضع تمييز".             ويوصي واضعو التقرير عدم قبول التعريف الفلسطيني في أن كل سليلي اللاجئين يعتبرون لاجئين، والتعاطي فقط مع أبناء الجيل الاول. اذا كان تعريف "لاجيء" ينطبق أيضا على سليلي اللاجئين، كما قرر الفريق، فالمعنى هو أن نصف مواطني اسرائيل اليهود وملايين آخرين في الخارج هم لاجئون.             وتعنى ورقة الموقف ايضا بمسألة التعويضات. فقد أوصى الفريق بان تعرض اسرائيل في المفاوضات المستقبلية تشكيل صندوق تعويضات دولي. توصية اخرى هي الا تكتفي اسرائيل بطلب التعويض الشخصي للاجئين، بل تطلب ايضا تعويضا للدولة على المقدرات التي استثمرتها في استيعاب اللاجئين اليهود في الخمسينيات والستينيات. وجاء في التقرير ان "اسرائيل مستعدة لان تعترف بحق مشابه بالتعويض الشخصي للاجئين الفلسطينيين وكذا للدول التي استثمرت في استيعابهم، اي الاردن".             ويوصي الفريق بان تطلب اسرائيل في المفاوضات بان تكون نسبة التعويضات 2:3 في صالح اللاجئين اليهود. وحسب التقدير الذي ادرج في البحث في 2008، في موجتي اللجوء فقد الفلسطينيون مُلكا خاصا قيمته في الفترة موضع الحديث كانت نحو 450 مليون دولار. قيمة هذا المبنى اليوم هي 3.9 مليار دولار. اما اليهود ففقدوا مُلكا بقيمة 700 مليون دولار، أو نحو 6 مليار دولار اليوم. وقضت قيادة الامن القومي بان "هذه النسبة يجب أن تقبع في أساس كل بحث في موضوع التعويضات.             أيالون ووزارة الخارجية هما المحرك الاساس الذي يدفع نحو رفع مشكلة اللاجئين اليهود في الساحة الدولية. أيالون والسفراء في دول أساس نشروا في السنتين الاخيرتين مقالات عديدة في المسألة في صحف رائدة في العالم.             ووجهت تعليمات الى الدبلوماسيين في كل ممثليات اسرائيل بطرح المشكلة في المحادثات السياسية وتشجيع الجاليات والمنظمات اليهودية على الاهتمام بها. وبعد اسبوعين، الى جانب مداولات الجمعية العمومية للامم المتحدة ستعقد وزارة الخارجية والكونغرس اليهودي العالمي ندوة خاصة عن اللاجئين اليهود من الدول العربية. وتأمل وزارة الخارجية في أن يعطي الجهد الدبلوماسي ثماره، بعد بضع سنوات سيجرى بحث أولي في المشكلة في مؤسسات الامم المتحدة نفسها ايضا.