خبر : الإخوان والرئاسة بمصر .. هل هي غلطة الشاطر ؟! ..بقلم: أكرم عطا الله

الأحد 10 يونيو 2012 03:24 م / بتوقيت القدس +2GMT
الإخوان والرئاسة بمصر .. هل هي غلطة الشاطر ؟! ..بقلم: أكرم عطا الله



مصر والمنطقة على مرمى أسبوع من اللحظة التي يحبس الجميع أنفاسه بانتظار ما سيفصل بين حقبتين في تاريخ مصر الحديث، وفي ظل غياب القدرة على التنبؤ بمن سيرث سلسلة طويلة من الفراعنة الذين حكموا هذه الدولة العريقة، وفي ظل احتدام المعركة واستنفار طرفي التنافس والتهديد بعدم التسليم بالنتائج يبدو الأمر مدعاة للخوف من كارثة في عاصمة قال عنها يوما هنري كيسنجر انها "خيمة العرب الأولى". المعركة ظاهريا بين شفيق ومرسي ولكن الحقيقة أنها بين كتلتين تمتلكان من القوة والنفوذ ما يجعل من احتدامها بهذه الصورة أمرا طبيعيا، فالمرشحان هما الاسم الرمزي لصراع بدأ منذ ثلاثة أشهر بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكري بما يملكه كل طرف من فائض قوة ربما يجعل من تقبل خسارته أو هزيمته كما يصفها الإخوان مدعاة للشك. فما إن قدم الرئيس السابق مبارك استقالته حتى التقت مصالح الطرفين فيما عرف بـ "شهر العسل" بين الإخوان والعسكر والذي استمر لأكثر من عام اتهم خلاله الثوار جماعة الاخوان بخذلانهم ومحاصرتهم والمساهمة بإجهاض ثورتهم حين تخلت عنهم (أحداث العباسية نموذجا) ووقفت إلى جانب العسكري لدرجة اتهامها ببيع الثورة وإفشالها من قبل أن تحقق إنجازاتها، فقد كان هم الإخوان المسلمين استقرار الوضع وصولا للانتخابات لعدم إعطاء المجلس العسكري ذريعة لإلغائها، واستمرت هذه الحال حتى مطلع هذا العام بعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب وتأكيد سيطرة حزب الحرية والعدالة على نصيب الأسد والرغبة لدى الحزب السياسي لحركة الإخوان بتسلم الحكومة ارتباطا بهذه النتائج حين تم التصويت على عزل حكومة الجنزوري التي عينها المجلس العسكري وهنا بدأت نذر الطلاق. فقد رفض المجلس العسكري تغيير الحكومة لتصدر حركة الإخوان للمرة الأولى بيانا ضد المجلس وتتهمه بإحباط الثورة وممارسة الابتزاز ضدها ليصدر المجلس بيانا شديد اللهجة ضد الإخوان المسلمين لترد الجماعة على هذا البيان باجتماع لمجلس شورتها بترشيح أحد كوادرها للرئاسة وهو المهندس خيرت الشاطر في البداية قبل أن ترفضه المحكمة، أي أن الترشح كان بداية المعركة مع العسكري بعد أن قالت الحركة إنها لن تنافس على الرئاسة وبالتالي ليس صدفة أن يكون مرشحا الجولة الثانية هما انعكاس طبيعي لتوازنات القوة في مصر، فلدى الإخوان المسلمين أكثر قليلا من مليون عضو، ولديهم جهاز دعاية كبير وتقف خلف ذلك موازنة ضخمة أدارها في أصعب الظروف رجل الاقتصاد خيرت الشاطر، وبالمقابل لدى الجيش مليون جندي واقتصاد كبير وجهاز إعلام على مدار الساعة. ربما أن هذه القوة المتعادلة بين الطرفين وارتباطا بثقافة حركة الإخوان المسلمين التي تعكس نفسها في الدعاية الانتخابية كحالة استحواذية وليس ثقافة الشراكة وهذا اتضح بعد أن قالت إنها لن ترشح أكثر من 30-40 % من المقاعد إذ بها تغلق جميع الدوائر بمرشحيها 100% وتتراجع عن وعدها بعدم المنافسة على الرئاسة وترؤسها لكل لجان البرلمان هذه الثقافة وطبيعة موازين القوى بين الجانبين وخوف الجيش من الهزيمة التي قد تذهب لمحاكمة قادته وتجريده من قوته الاقتصادية تجعل الخوف واردا من عدم تسليم أي طرف بالنتيجة وبالتالي أن تدخل مصر بحالة من الفوضى. هذا ربما ما يجعل بعض المحللين يعتقدون أن جماعة الإخوان أخطأت حين أخلفت بوعدها بعدم ترشيح أو دعم أحد للرئاسة، وقد ذهب الأمر أبعد من ذلك فحين قررت الحركة ترشيح المهندس الشاطر أرسلت في أواخر آذار الماضي وفدا ضم أربعة من كوادرها بينهم عضو برلمان ومستشار رفيع المستوى لطمأنة الولايات المتحدة وللحصول على ضوء أخضر لمرشحها، والتقى الوفد مع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية منهم كان يهاجمه الأمين العام لحزب الله ويتهمه بدفع لبنان نحو الحرب الأهلية، وكذلك التقى الوفد مع مسؤولي مجلس الأمن القومي وفي أحد اجتماعاتهم في البيت الأبيض هبط الرئيس أوباما وأبهر ضيوفه المصريين كما يقول الكاتب عصام الأمين في مقال نشره بالانجليزية وترجمه الدكتور محمد شرف. في اجتماعات وفد حركة الإخوان بكبار قادة الإدارة الأميركية ومسؤولي مجلس الأمن القومي كان لدى الأميركيين سؤال محدد حول مصيراتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وقد وعد الوفد "بأن جماعة الإخوان ليس لديها خطط لإلغاء أو تعديل معاهدة السلام"، وقد ارتاح كلا الطرفين كما يقول الأمين للآخر وكانوا راضين عن نتائج مناقشاتهم، ولم يكن المجلس العسكري بعيدا عن تحركات الإخوان المسلمين الدولية، وزاد الطين بلة ما تردد عن لقاء مع مسؤول الاستخبارات القطرية لتكون المعركة على حقيقتها معركة منزوعة القفازات والملاحظ للاتهامات المتبادلة ليس فقط بين المرشحين اللذين يعبران ظاهريا فقط عن دلالاتها بل القوة على الأرض وماكينات الإعلام التي تقف خلف كل من الكتلتين اللتين تتصارعان على حكم مصر، فمن سينتصر؟، هذا السؤال الذي يؤرق الكثير من المتابعين والمراقبين لعاصمة ستحدد قوتها قوة العرب وما هي السيناريوهات القادمة. واحد من اثنين سيفوز ليس هناك احتمال ثالث والسؤال هو هل سيسلم المجلس العسكرية بهزيمة وهو الذي يشعر بأن لديه فائض قوة للسيطرة على ما هو أبعد من مصر ؟ هل سيستسلم قادته لخسارة قد تجرهم للمحاكم وخاصة أن حركة الإخوان وجماعات الثورة رفضت إعطاءه حصانة كانت على شكل وثيقة فوق دستورية سحبت من التداول بعد احتجاجات شعبية أدت لانهيار الحكومة في تشرين الثاني الماضي ؟ وبالمقابل هل ستسلم جماعة الإخوان المسلمين بفوز شفيق ؟ لقد أعلنت مسبقا رفضها لهذا الفوز وبالتالي في حالة نجاح شفيق يمكن أن تصعد الحركة جملة الاحتجاجات في الشوارع رغبة بإسقاطه وإلغاء النتائج فإذا ضمنت النجاح ستستمر ولكن إذا ما دعم الجيش مرشحه الفائز ستتراجع وتتخلى عن المتظاهرين خوفا من حل البرلمان والذي حققت به نسبة لن تتكرر، فهذه المرة لديها ما تخسره فهل يمكن التضحية بذلك ؟ على كل مصر تبدو كأنها تجلس على صفيح ساخن، الصورة ليست وردية والمعركة شرسة وربما أن ذلك سيتغير إذا ما أصدرت المحكمة الدستورية يوم الخميس القادم ما يحرف مسارها حيث ستنعقد للبت في قانونية ترشيح الفريق شفيق وكذلك قانونية انتخاب مجلس الشعب، وإذا ما حدث أي تغير فالأمور لن تكون سهلة في معركة الأسبوع القادم والطرفان في حالة الاستنفار والتحفز والشك بقبول النتائج والأمل غير ذلك وهناك من يرى أن عجلة الإخوان سارت لتدفع مبكرا لهذه المعركة فهل هذا صحيح ؟ الأسبوع القادم سيقدم الإجابة ...! Atallah.akram@hotmail.com