خبر : قطر الرابح الاكبر من الشتاء الاسلامي/بقلم: سمدار بيري/يديعوت 19/12/2011

الإثنين 19 ديسمبر 2011 12:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
قطر الرابح الاكبر من الشتاء الاسلامي/بقلم: سمدار بيري/يديعوت  19/12/2011



أحب أن اتابع كلمات رئيس الوزراء ووزير الخارجية لامارة قطر. فهو طلق اللسان، ثعلب سياسي يعرف كيف يتصرف مع الصحفيين والا يبيع الا ما يريد. للشيخ حمد بن جاسم طموحات حاكم امبراطورية رغم أنه بالاجمال يدير شبه جزيرة ثلاثة ارباع سكانها على الاطلاق أجانب. المحليون يعيشون في ثراء عظيم بفضل الكميات الهائلة من الغاز الطبيعي. اما العمال الاجانب فيحشرون ببؤس في أكواخ من الصفيح تتلظى في قيظ الصيف. بطلي هو الذي حفز ابن عمه، الحاكم حمد بن خليفة، على تنحية ابيه من خلال "ثورة الفاكس"، حين حذره من مغبة العودة الى قطر. كما أنه هو الذي نجح في أن يرفع الى الخريطة مدينة العاصمة الدوحة، بفضل قناة "الجزيرة" الاعلامية التي أثارت ثورة وصنعت التاريخ في كل أرجاء العالم العربي.  الشيخ جاسم يلتف بجلابية وبعمامة تقليدية وهو لطيف الحديث وهاديء دوما، حتى عندما يقول اقوالا حازمة. وليلة أول امس رأيته يدير مؤتمرا صحفيا بصفته الثالثة، كرئيس دوري للجامعة العربية. وعلى جدول الاعمال: التقتيل في سوريا ورفض بشار الاسد تبني المبادرة العربية لاخراج القناصة، الشبيحة والجنود من الشوارع. هذه بالضبط فرصة الشيخ جاسم لاخذ زمام القيادة. اذا ما نجح – فسيسجل مهمة الوساطة على إسم إمارة قطر. اذا فشل – الفشل سيسجل في سجل الجامعة العربية السلبي.  نعود الى الازدواجية. لم يعد احد يؤمن في أن يتمكن الاسد من البقاء. السؤال كيف وفي أي ظروف سينزل، وماذا سيحصل في اللحظة التي تلي الركلة. ومثلما ينقل عبر شبكات "الجزيرة" رسائل مزدوجة – رسالة واحدة للاسلاميين بالعربية واخرى بالانجليزية للعالم الواسع – هكذا تستعد الامارة الصغيرة لعرض وجهين: من جهة يتحدثون (فقط بالانجليزية!) عن الديمقراطية وعن حقوق المواطن. ومن جهة اخرى يحرصون على تطوير العلاقات مع الحركات الاسلامية في مصر، مع حماس في غزة، بل ويصلون حتى الى حركة تنظيم الاخوان المسلمين السري في سوريا.  خطة المراحل في موضوع سوريا ستقود غدا وزراء الخارجية العرب الى مقر الجامعة العربية في القاهرة. هنا سيصوتون على نقل المعالجة الى مجلس الامن في نيويورك. ولكن الشيخ جاسم يملي الشروط: لا حاجة الى أغلبية ساحقة في التصويت الذي سيعقد في القاهرة، وهو لا يعترف بمخاوف لبنان من الايدي الطويلة للقتلة في دمشق، ومن جانبه فليرفس لبنان بقدميه ويطلق عويل المعارضة. والشرط الثاني: "لا" قاطعة لارسال قوات أجنبية الى سوريا. فبعد كل شيء لا يمكن لاحد أن يسمح لنفسه بتحويل دمشق الى ساحة مواجهات مع الحرس الثوري الايراني. هكذا بحيث أنه كلما ضعف بشار، التصق آيات الله به.  الاكثر راحة الان هو امتشاق الوجه الاسلامي لقطر، الميزانية غير المحدودة، ورعاية الجيل التالي الذي سيقود سوريا. هكذا يفعلون أيضا في مصر: مبارك أدار معارك صد ضد قطر وأدار حردا مع الحاكم ووزير الخارجية. بعثوا له بفرق معززة من الجزيرة لقيادة الثورة. هكذا كان ايضا في حالتنا: تخلينا عن صفقة الغاز الطبيعي مع قطر في صالح مصر وتلقينا ثمانية انفجارات في انبوب النفط. ابعدناهم عن الوساطة في موضوع تحرير جلعاد شليط، واندفعنا الى حملة نقل مصابين انتهت بتحرير عدد شبه مضاعف من السجناء الفلسطينيين مقابل ذاك الذي اقترحه الشيخ جاسم بفضل علاقاته الوثيقة مع قيادة حماس.  أنت تطل من النافذة في الدوحة وتكتشف أنه بين ليلة وضحاها أقاموا مبنى جديد آخر، مبهر للعين. تفتح قناة "الجزيرة" وتسمع الحوار مع رجل الشريعة البارز القرضاوي في برنامج "الشريعة والحياة". عندهم لا يتحدثون عن الثورة. بصمات القطريين تجدها في ليبيا، في اليمن، في البحرين. الاصابع الطويلة للشيخ جاسم موجودة في كل زاوية. لا شك أن هذه الامارة تعلمت كيف ترفع نفسها وهي لا بد ستربح من الشتاء الاسلامي.