صحيفة اسرائيلية تتساءل: هل تكفي مساعدة موضعية لخروج غزة من أزمتها المتجذرة؟

الأربعاء 12 أغسطس 2020 10:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة اسرائيلية تتساءل: هل تكفي مساعدة موضعية لخروج غزة من أزمتها المتجذرة؟



القدس المحتلة /سما/

إسرائيل اليوم - بقلم: يوآف ليمور "السيناريو معروف ومشروخ حتى التعب: حماس تستخدم "الإرهاب" على سكان غلاف غزة كي يضغط هؤلاء على حكومة إسرائيل، لإيجاد حل يضخ الأموال والمشاريع إلى غزة، لكي توقف حماس "الإرهاب" الذي تستخدمه على سكان الغلاف".

هذا التكتيك بالضبط هو الذي تتخذه حماس منذ بدأت أحداث العنف على الجدار في 2018، فبعد أن فشلت في كل المحاولات منذ حملة “الجرف الصامد” في إقناع الدول العربية والغربية لمساعدة غزة المنكوبة، انتقلت إلى طريقة الابتزاز: ممارسة الضغط على إسرائيل كي تحل مشاكلها.

نجحت هذه الطريقة مع حماس في السنتين والنصف الأخيرة. فالمظاهرات والبالونات (الحارقة والمتفجرة) التي جاءت بعدها، دفعت حكومة إسرائيل إلى التوسط في اتفاق تحويل الأموال شهرياً من قطر إلى القطاع. بداية، خمسة ملايين دولار، بعد ذلك عشرة، واليوم ثلاثين مليوناً شهرياً، ظاهراً لتمويل الفقراء، أما عملياً فلتزييت دواليب الجهاز الهائل الذي بنته حماس في القطاع أيضاً، والذي يصب في بعضه (بخلاف نية المتبرعين) في أهداف الإرهاب أيضاً. وفق زعم الكاتب الاسرائيلي

غير أن هذه المساعدة الشهرية يفترض أن تنتهي في أيلول. وقد تم تحويل الأموال عن آب منذ الآن، وليس لدى أحد أدنى فكرة ما سيحصل لاحقاً: هل سيستمر التمويل، وإذا كان “نعم” فلكم من الوقت. يسود لدى حماس قلق بأنها ستبقى بلا تلك المساعدة الوحيدة، وعادت تنغص على إسرائيل لتحل مشكلتها. المال هو الموضوع الأساس الذي على الطاولة، ولكنه ليس الوحيد. فثمة سلسلة مشاريع مهمة جداً لحماس على جدول الأعمال (من المنطقة الصناعية وحتى خط الكهرباء، وبضع مسائل أخرى)، تدعي بأنها تتأخر أكثر مما ينبغي. وتأمل حماس بأن ما لم تفعله أشهر من محادثات التسوية، ستفعله بضعة أيام من البالونات والحرائق. إذا لم يجدِ هذا، فستعود حماس أيضاً إلى المناوشات الليلية – إثارة اصوات الانفجارات قرب البلدات المجاورة للجدار لقض مضاجع السكان – وربما إلى مظاهرات الجمعة على الجدار أيضاً.

يتعاظم ضغط حماس على خلفية كورونا. فليس الاهتمام الدولي وحده هو ما تقلص، بل وحقيقة أن العمال الـسبعة آلاف الذين تلقوا تصاريح للعمل في إسرائيل بقوا في القطاع. وإسرائيل بالذات ة لاستقبالهم، ولكن حماس تخاف من نقل العدوى إليهم فيتسببوا بانتشار واسع للمرض في غزة. قرارها مفهوم من ناحية طبية، ولكن تداعياته الاقتصادية جسيمة: يدخل إلى القطاع مال أقل، وكثيرون بقوا بلا مصدر رزق.

يمكن أن نتعلم من كل هذا عدة أمور: الأول، أن حماس اليوم في ضائقة اقتصادية حقيقية وعميقة، على شفا اليأس. والثاني، أنها تسيطر بشكل كامل على القطاع وما يحصل فيه؛ فإذا أرادت فتستخدم الإرهاب، وإذا أرادت توقفه. الثالث هو أن حماس لا تريد التصعيد أو الحرب، بل الحل؛ الخطوات التي تتخذها مدروسة وتستهدف منع الإصابات في الأرواح، وتقدر بأن إسرائيل ستعرف كيف تتعايش معها.

 إسرائيل تفهم هذا، ولهذا يردون بشكل مقنون بما يناسب ذلك. الغارتان الجويتان اللتان حدثتا في الأيام الأخيرة جاءتا أساساً لإطلاق الإشارة وللردع. الخطوة التي اتخذت أمس (إغلاق معبر البضائع في كرم سالم) أكثر أهمية: فهي تمارس الضغط الحقيقي على حماس، في مسألة تؤلمها للغاية من حيث سير الحياة الاعتيادية في غزة. إذا تواصلت البالونات، سنرى خطوات أخرى، ولكن خطوات تضمن ألا يكون تدهوراً إلى التصعيد. ومع أن الخطاب الذي سمعناه أمس من القيادة السياسية -الأمنية العليا كان متصلباً (لاقى إسناده حين جاء على خلفية الطائرات القتالية والسفن الحربية) إلا أن القيادة الإسرائيلية لا تريد تصعيداً في غزة الآن.

العكس هو الصحيح: التجربة التي تجري في الساعات الأخيرة هي إيجاد حل ينزل حماس عن الشجرة، ويعيد الهدوء إلى بلدات الغلاف. غير أن شيئاً ما في الطريق قد يتشوش: حريق يخرج عن السيطرة ويتسبب بإصابات، أو رد إسرائيلي يلحق ضرراً غير مخطط له في القطاع ويؤدي إلى رد فعل. فبعد كل شيء، يدور الحديث عن لعب بالنار من قد يتسبب باكتواءات بها.

تجتهد إسرائيل وحماس لأن تكونا حذرتين، ولكن حتى لو نجحتا فسيكون نجاحاً مؤقتاً، فمشاكل غزة عميقة ومتجذرة أكثر من أن تتمكن مساعدة موضعية من حلها. وبغياب خطوة كبيرة استراتيجية – لاتفاق واسع من جانب ما، أو خطوة عسكرية واسعة من جانب آخر – فإن شيئاً لن يحل حقاً، وآجلاً أم عاجلاً سيكرر السيناريو المعروف نفسه.