أيها الساسة تعلموا من ياسرعرفات ،،، أشرف صالح

السبت 09 نوفمبر 2019 10:16 ص / بتوقيت القدس +2GMT
أيها الساسة تعلموا من ياسرعرفات ،،، أشرف صالح



لم يجرؤ قلمي أن يكتب تاريخ الشهيد ياسرعرفات في مقال , لأن صورة عرفات الشهيد والرئيس والقائد والأب , معلقة على جدران بيوت فلسطين , وفي كل نظرة ينظرونها الناس للصورة , يتذكرون من خلالها إحدى المعارك أو المواقف المشرفة لعرفات , فلذلك أخشى أن أتهم الناس بالجهل عندما أقدم معلومة واحدة عن تاريخ ياسر عرفات , لأن الطفل والشاب والشيخ والعجوز , والأم والأخت والبنت والزوجة , يعلمون جيداً من هو ياسر عرفات .

في الذكرى الخامسة عشر لإستشهاد عرفات , والذي أطلقوا عليه إسم ياسر لسماحة وجهه , وأطلق على نفسه أبو عمار حباً للصحابي الجليل "عمار بن ياسر" , فعرفات هو الجد , أما القدوة  فهو إسم يجمع بين العائلة والسمات  , فعرفات قدوة لأبناء وبنات فلسطين والعرب , وفي هذه الذكرى إخترت ثلاث سمات لعرفات من بين عشرات بل مئات السمات , كي أتحدث عنها , وهي أنه في يوم من الأيام جمع بين ثلاث مناصب , وهي قيادة منظمة التحرير , وقيادة حركة فتح , وقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية , والتي تعرف الآن بدولة فلسطين , ففي كل صفة من هذه الصفات كان لعرفات شخصة مختلفة , ولها كاريزما خاصة .

أولاُ : قائد منظمة التحرير .

 بدأ عرفات في صياغة الهوية الفلسطينية عندما كان قائداً لمنظمة التحرير , ففي عام 1969 قرر أن يكون ميثاق المنظمة وطنياً بإمتياز , بعدما كان قومياً ذات أجندة عربية , وفي الخطوة الأكثر ذكائاً , عمل عرفات  بقول الله تعالى , بسم الله الرحمن الرحيم "ولو كنت فاظاً غليظ القلب لإنفضوا من حولك" صدق الله العظيم , وبناء على ذلك إستطاع عرفات أن يكون على مسافة واحدة من الجميع , وحتى الأحزاب التي تأسست خارج المنظمة , إختلفوا معه ولم يختلفوا عليه .

ثانياً : قائد حركة فتح .

قاد عرفات حركة فتح كمؤسس في نهاية الخمسينات في الكويت , ثم إنطلق بها عام 1965 , ثورة... وصولاً الى محطة سلام عام  1993, جمعت بين شعب وأرض وقيادة وحلم ودولة , ليمارس دور الرئيس , ولكن راحة يده لم تغادر السلاح , وجسده لم يغادر البدلة العسكرية , لأنه كان يعلم جيداً أن مرحلة التحرر لا زالت قائمة , لأن الطرف الآخر في عملية السلام هم يهود , واليهود لا عهد ولا ميثاق لهم , وبالفعل في محادثات كامب ديفيد عام 2000 , أدرك عرفات اللعبة "إنسحاب إسرائيل من إتفاق السلام"  وقرر أن يستأنف شخصية قائد حركة فتح , فأعلن النفير العام , وأطلق عنان المقاومة , وشكل كتائب شهداء الأقصى "الجناح العسكري لحركة فتح" , وهكذا تحول عرفات بين  يوم وليلة من رئيس الى قائد ثورة .

ثالثا : قائد السلطة الوطنية الفلسطينية .

لم ينسى عرفات الثائر أيضاً أنه رئيس , فكان الفلاح يزرع الأرض في زمن عرفات , والعامل يخرج في الصباح الى العمل , ليعود في المساء وبيده فاكهة لأولاده في زمن عرفات , والموظف يتقاضى راتب كامل   , وضف على ذلك الصحة والتعليم  الماء والكهرباء والوجه الحسن , والأهم من ذلك أن المواطن الفلسطيني كانت له كرامة , وكانت تضرب له التحية العسكرية في المعابر والمطارات والعواصم العربية في زمن عرفات .

أيها الساسة تعلموا من ياسرعرفات

يبدو أن الساسة المعاصرين وبمختلف مسمياتهم وأحزابهم , لم يملكوا كريزما ياسر عرفات , والدليل على ذلك وبكل بساطة وبدون الدخول بتفاصيل , فكل الشعب الفلسطيني وبلا إستثناء  يقول اليوم "الله يرحمك يا ياسر عرفات لو كنت عايش كان ما حصل الي حصل".. أيها الساسة تعلموا من ياسرعرفات وأنظرو ماذا حصل.. ماذا حصل؟؟ حصل أن غزة دولة والضفة دولة , حصل أن اليسار في واد , وفتح في واد , وما يسمى بالأحزاب الدينية في واد , والسلفية الجهادية في واد , والشعب في واد , ورغيف الخبز في واد.. حصل أن العامل يجلس في البيت , والطالب يجلس في البيت , والموظف يجلس في البيت.. حصل الكثير والكثير والكثير.. فأنا أحتاج ألف مقال لأكتب ماذا حصل .

أيها الساسة تعلموا من ياسرعرفات

أيها الساسة أصحاب القرار, ياسر عرفات ترك لكم ثورة ودولة ومدرسة , فإذا كانت الثورة إنحرفت , والدولة إنقسمت , بقيت لكم المدرسة , فنحن نعلم أنكم عجزتم عن تحقيق مصالحة طوال 13 عام , ولذلك نخشى أن تعجزو عن تحقيق إنتخابات , فنرجوا أن تتعلموا ونتعلم جميعاً في مدرسة ياسر عرفات , فالعلم ليس له نهاية , أيها الساسة عشتم وعاشت الذكرى , ونحن معاً وسوياً وجنباً الى جنب في مدرسة ياسر عرفات .