خبر : حيلة دعائية مضادة للجمهور الاسرائيلي/بقلم: رونين بيرغمان/يديعوت 30/6/2011

الخميس 30 يونيو 2011 03:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
حيلة دعائية مضادة للجمهور الاسرائيلي/بقلم: رونين بيرغمان/يديعوت 30/6/2011



اليكم لغزا: لنفرض أن قوة تُعرفها الاستخبارات الاسرائيلية بأنها عدو تخطط لعملية كبيرة على اسرائيل. تبذل "أمان" والموساد جهودا كبيرة ليتبينا ما الذي تخطط له وبأي وسائل ستنفذه. يُبينان الاسلحة السرية والمخططات التنفيذية لكيفية قتل جنود الجيش الاسرائيلي. ولنفرض أن شخصا ما نشر هذه المعلومات السرية، ماذا كانت الرقابة تفعل به؟ و"الشباك"؟ والجمهور؟ يذبحونه، وربما بحق. هذا صحيح بطبيعة الامر لولا أن الحديث عن عناصر عسكرية من أعلى مستوى سربت هذا الاسبوع لكل وسائل الاعلام عن الوسائل الكيماوية التي سيستعملها المشاركون في القافلة البحرية الى غزة لقتل جنود الجيش الاسرائيلي. اذا كان صحيحا ما سُرب باذن ورخصة من الجيش فان الحديث عن شأن خطر جدا. لماذا تنشر هذه المعلومة ويُكشف للمنظمين عن حقيقة أن المعلومات تسربت وجعلهم يغيرون الخطة؟ واذا كان الحديث عن معلومة استخبارية وأنهم في الجيش الاسرائيلي قد اختلقوا المعلومة فان الامر أخطر كثيرا. مهما يكن الامر، سجل جهاز الامن لنفسه في الاسابيع الاخيرة طائفة من الانجازات العظيمة في حربه للقافلة البحرية. واذا شئنا دقة أكبر قلنا في المعركة التي يجريها على الرأي العام في اسرائيل. جمعت جهات عسكرية رفيعة المستوى عشرات الصحفيين لتوجيههم. وعدوا قائلين نحن مستعدين للقافلة البحرية القادمة والدروس قد استخلصت والوسائل جُربت والجنود دُربوا وسيعمل نظام الاتصال بلا خلل هذه المرة ايضا. سيحظى المراسلون المقربون بزيارة لم يسبق لها مثيل للتدريب التمثيلي. وسيكون تدفق المعلومات وقت وقوع الأحداث تقريبا من سفينة صواريخ تخصص كلها للصحفيين وحواسيبهم المحمولة، مدهشا. كشف عنصر عسكري رفيع المستوى في هذه الأحاديث عن أن "القافلة البحرية السابقة كانت قافلة سياسية، قافلة احتجاج هدفها كله أن تمس بصيت دولة اسرائيل". وأضاف ذلك العنصر أن أدوية المساعدة التي كانت على متن "مرمرة" نفد أمدها وهذا برهان على أن قصد المنظمين لم يكن المساعدة في الحقيقة. قد يكون هذا صحيحا لكن ينبغي أن نذكر أن دولة اسرائيل تنقل الى السلطة الفلسطينية كل يوم أدوية انتهت صلاحيتها وتزعم أن الحديث عن مساعدة انسانية. تبين لجهات عسكرية المذنب الحقيقي في قضية القافلة البحرية عندما هاجمت في أحاديث مغلقة بشدة صوت الجيش الاسرائيلي وصوت اسرائيل لأنهما أجريا مقابلات صحفية مع ناس من "آي.اتش.اتش". إن مشروع الدعاية الاعلامية هذا كله يثير بطبيعة الامر السؤال المهم وهو لماذا يستعدون عندنا دائما لحرب كانت ولماذا لا يمكن التوصل الى هذه الاستنتاجات من قبل؟. أحكماء بتأخر؟ ليس بالضبط. فقد حذر عنصران عسكريان رفيعا المستوى جدا على الأقل قادة الجيش الاسرائيلي بأن الامر سينتهي كما انتهى بالضبط: اللواء ابراهام بوتسر قائد سلاح البحرية في نهاية الستينات من عمره واللواء يوآف غالنت قائد منطقة الجنوب زمن وقوع الحادثة. ولم يستمعوا اليهما. كان أهم من ذلك عند الجيش الاسرائيلي أن يخرج في عملية كوماندو تظاهرية للوحدة البحرية 13 وأن يحاولوا بعد ذلك الاختباء وراء ظهر محاربيها العريض. نجحت اسرائيل في مضاءلة بعض أضرار تلك الحماقة بواسطة اللجنة الوطنية العامة التي أُنشئت. إن العمل الممتاز الذي أداه الاسرائيليون (وعلى رأسهم القاضي تيركل ورجل الموساد والمدير العام لوزارة الخارجية سابقا رؤوبين مرحاف) أقنع المراقبين الدوليين بأن اسرائيل على حق وأن تركيا مذنبة. هذا انجاز غير عادي، لكنه بعيد عن اصلاح الضرر الدولي الشديد الذي أصاب اسرائيل. ليس أكثر الجهد الدعائي الحالي سوى حيلة دعائية يحثونها قُدما على حسابنا جميعا. فالحملة الدعائية لا تستشرف المستقبل بل الماضي لبيان أن كل شيء كان على ما يرام في المرة السابقة ايضا. فهي موجهة الى أذن مراقب الدولة الذي نشر في الايام الاخيرة مسودة تقريره عن القضية. يجري بين المراقب وبين فريق ممن يصورهم التقرير بصورة أقل حسنا، في الاشهر الاخيرة، جدل غير سهل وبينهم رئيس "أمان" السابق عاموس يادلين. كان هذا الاخير يسعده بيقين أن يتخلى عن السنة الاخيرة التي وجد فيها نفسه في معمعان طائفة من القضايا (قضية هرباز ومأساة القافلة البحرية)، ولجان تحقيق وتحقيقات من مراقب الدولة. لكن ليس الحديث عن يادلين فقط بل عن عناصر رفيعة المستوى اخرى تحاول عن طريق وسائل الاعلام أن تقنع المراقب أو باقي الجمهور على الأقل بالواقع البديل الذي انشأوه لأنفسهم. من المؤسف أنهم لم يبذلوا الجهود أنفسها قبل أن يرسلوا محاربي الوحدة البحرية، واحدا واحدا، للهبوط فوق الجمهور الغاضب على متن سفينة "مرمرة".