خبر : هل علينا أن نقلق دائماً!!؟؟..بقلم: هاني عوكل

الأحد 26 يونيو 2011 11:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هل علينا أن نقلق دائماً!!؟؟..بقلم: هاني عوكل



مربك إلى حد كبير الوضع الفلسطيني، على مساريه الداخلي والخارجي، الأول المتعلق بمصير المصالحة والأطراف الواقفة عليه، والثاني المتصل بالاستعدادات الفلسطينية الجارية للذهاب بملف الدولة المستقلة إلى الأمم المتحدة. في المسار الخارجي، هناك تحضيرات إسرائيلية مكثفة باتجاه وأد الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما تنفك الآلة الإعلامية الإسرائيلية التحضير لهذه المعركة الدبلوماسية، مرةً تعلن الاستعداد عن تخصيص ميزانيات هائلة للدعاية الإعلامية، ومرة أخرى تعلن وصل عمل موظفيها في كافة الدول حتى في أيام الإجازات، من أجل تحصيل اختراق يسقط قيام الدولة الفلسطينية. آخر تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كانت تتعلق بالتوجه الإسرائيلي لجمع تكتل بين 30 إلى 50 دولة، تعترض على التوجه الفلسطيني أحادي الجانب إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعلى الأرجح أن بين هذه الدول الاتحاد الأوروبي بما يحمله من سلة مليئة بالدول الوازنة وذات الحضور الدولي القوي. الأميركيون والأوروبيون لا يرغبون بأي توجه أحادي الجانب صادر عن السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، ولذلك فإن المبادرة الفرنسية التي طرحها وزير الخارجية آلان جوبيه ولم تلاق استحسان إسرائيل والولايات المتحدة، هذه المبادرة يجري تعميمها والتقاطها أوروبياً من قبل كاثرين اشتون، المسؤولة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي. تقول المبادرة الأوروبية إن أصحابها يسعون لاستئناف المفاوضات على أساس مبادئ أوباما ومعايير الاتحاد الأوروبي، فأما مبادئ أوباما فيعني ذلك التفاوض حول حدود العام 1967 مع تبادل أراضٍ متفق عليها وضمانات أمنية متشددة، وأما معايير الاتحاد الأوروبي فتعني حل واقعي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين واعتبار القدس عاصمة للطرفين. هذه الحركة الدبلوماسية المكثفة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا والآن يجري إدخال الرباعية الدولية لتبني المبادرة الأوروبية، نقول إن كل هذه التحركات تستهدف في الأساس وضع حد للتوجه الفلسطيني أحادي الجانب، وضمان عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، بدون موافقة إسرائيلية تامة. المبعوثة أشتون نبهت إلى التغيرات الحاصلة في العالم العربي، واحتمال انعكاس ذلك على الصراع الفلسطيني والعربي- الإسرائيلي، لذلك يفضل الأميركيون والأوروبيون أن يكون هناك تفاوضاً ثنائياً بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يجنب اتخاذ خطوات أحادية الجانب ويسقط أي حالة تشاحن تؤدي في نهاياتها إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية أو صراع في المنطقة. لكن ماذا عن الشأن الفلسطيني والاستعدادات الفعلية للقبول بالتفاوض أو الذهاب إلى الأمم المتحدة؟ نعم، هناك موقف فلسطيني متبلور إزاء رفض التفاوض مع إسرائيل إلا وفق رؤية واضحة ومستندة على معايير ثابتة، أما بصدد الاستعدادات وتكثيف الحملات الدبلوماسية لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية على صعيد رفض الدولة الفلسطينية فإن العمل بطيء والتصريحات والأقوال أكثر من الأفعال. الجمهور الفلسطيني بحاجة إلى أن يتعرف على الخطة الفلسطينية للذهاب بالدولة إلى الأمم المتحدة، ماذا سنفعل وكيف ستتحرك السلطة ومع من؟ لا يكفي القول إننا سنذهب إلى الأمم المتحدة، وأن الدول الصديقة متضامنة معنا. الحركة بركة، والأهم أن تستند هذه الحركة على خطة محكمة ومعدة سلفاً. أما عن الشأن الداخلي، فهذا صداع مزمن جداً ويحتاج إلى أكثر من حبة "أكامول"، لأن المتتبع لهذا الشأن الفلسطيني يدرك سريعاً أن المصالحة في شكلها الأولي كانت مجرد اجتماع بين الفصائل المتخاصمة، في حضور باقي الفصائل المهمشة، للاحتفال على توقيع الاتفاق ومن ثم النوم في أشهر العسل!!! الحكومة الفلسطينية المستقلة لم تتشكل منذ توقيع اتفاق المصالحة أوائل شهر أيار الماضي وحتى اللحظة، وهذا الوضع يحتاج إلى معالجات حاسمة ومهمة، ذلك أن تأجيل الاجتماع الذي كان من المقرر عقده في القاهرة بين عباس ومشعل، ينذر بتدهور حالة الحوار وتمأزقه أكثر وأكثر. هناك خلافات لا تبيحها أو تقول عنها الاجتماعات التي جرت مؤخراً على مستوى الحركتين "فتح" و"حماس" في القاهرة، فحركة "حماس" لا ترغب بالدكتور سلام فياض الذي رشحته "فتح" لرئاسة الوزراء، وهي أي "حماس" تريد شخصاً متفقاً عليه، وعلى الأرجح أنها تريده من قطاع غزة، على قاعدة "من عندكم الرئيس ومن عندنا رئيس الحكومة". طبعاً هذه القاعدة ستخضع لبعض التعديلات، مثل أن تختار "حماس" رئيس وزراء من قطاع غزة، إما أن يكون مستقلاً ويتمتع بحضور مقبول لدى الطرفين، أو أن يكون مستقلاً قريباً من "حماس" في الأفكار والتوجهات، وهذا يشمل بطبيعة الحال المرشحين من الوزراء. الأنكى في كل ما يدور، أن الجمهور الفلسطيني مستثنى من معادلة المصالحة، وهو يطلع عليها في التلفزيون وباقي وسائل الإعلام والصحف المتنوعة، عدا عن ذلك الجمهور ينتظر ويترقب بفارغ الصبر حل التفاصيل التي تسبق ترجمة المصالحة وإنجازها على أرض الواقع. ليست فصائل العمل الوطني التي استنكفت عن استكمال مشروع المصالحة هي الوحيدة خارج ميدان الحوار الداخلي بين قطبي المصالحة، بل إن الجمهور الفلسطيني بكل قواه الحية، ويشمل ذلك مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات المختلفة، جميعهم خارج هذا الحوار أيضاً. والأخطر في كل هذا، أن تصبح المصالحة بالخلاف الحاصل حولها، عنواناً للخلاف داخل كل فصيل، ففي "حماس" هناك خلاف برز منذ فترة بسيطة بين الداخل والخارج، بين مشعل والزهار، يعود إلى الموقف الفلسطيني العام من المفاوضات مع إسرائيل. حتى أن "فتح" عانت وتعاني من ضائقة ترشيح رئيس وزراء ومرشحين من الحكومة المستقلة، فضلاً عن مشكلة آلية التوحد والالتحام بين شطري الوطن، وهناك مشكلة قديمة حديثة تتعلق بقرار اللجنة المركزية لحركة "فتح" فصل محمد دحلان وإحالته للقضاء للتحقيق معه في عدة تهم منسوبة إليه. هذه الخلافات التي تبرز على السطح الآن، من الطبيعي أن تؤثر على أجواء المصالحة، والحقيقة أنها تؤثر أيضاً على مسار الحركة الخارجية وإقامة الدولة الفلسطينية، ولذلك على قياداتنا أن تصارح الشعب بما يجري في دائرة الحوار، وأن تكون حريصة كل الحرص على إنجاز ملف المصالحة. كنا نتوقع أن المصالحة الأيارية التي جرت في القاهرة، ستوصلنا إلى اتفاق متماسك ومصالحة حقيقية، لأن معركة المسار الخارجي صعبة وتحتاج إلى أعصاب هادئة، أما وأن لا نحقق تقدماً ملموساً على المسار الداخلي الفلسطيني ولا على الخارجي، فهذا وضع لا يدعو للاطمئنان، وفي كل الأحوال من حق الشعب أن يعرف ماذا يدور في الكواليس المغلقة.