خبر : حلف مع الشعوب العربية/بقلم: ليئون فيزلتر /هآرتس 15/6/2011

الأربعاء 15 يونيو 2011 11:47 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حلف مع الشعوب العربية/بقلم: ليئون فيزلتر /هآرتس 15/6/2011



 لم يكن الاستقرار الذي منحه حسني مبارك لعلاقات اسرائيل مع مصر يستطيع ان يستمر الى الأبد، ولا يمكن سياسة اسرائيل الامنية ان تعتمد على فرض ان سلطة المستبدين في البلدان العربية ستوجد الى الأبد. مع ذلك لا يصعب ان نفهم الخوف الذي أثاره الفوران في مصر واماكن اخرى في العالم العربي في اسرائيل. ليس ما يُخيفها خطر عدم الاستقرار في العالم العربي فقط بل احتمال ان تنشأ ديمقراطية عربية. يُخيل الينا ان الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط تتوق الى ان تظل كذلك. وهذا الامكان ليس غير جذاب تماما. بيد انه خطر ببالي في المدة الاخيرة ان لثورة اسرائيل العصبية موازيات إن لم نقل جذورا في احدى الظواهر الأقدم في تاريخ الشعب اليهودي. كل من يدرس التاريخ السياسي لليهود في الشتات ينتبه الى أن الطوائف اليهودية فضلت دائما "أحلافا عمودية" على "أحلاف أفقية"؛ أي حماية وتأييد الملوك والأمراء والبابوات والبطاركة على الاعتماد على السكان المحليين. لم يعتمد اليهود على جيرانهم ان يهتموا بأمنهم. فقد بحثوا عن علاقة مباشرة بأعلى جهاز وبالسلطة الاولى في رتبتها. والامثلة على هذه الاستراتيجية السياسية موجودة في مدى التاريخ اليهودي. أعلن فقيه عظيم الشأن في اسبانيا في القرن الثالث عشر بأن "حكم الملك هو الحكم" وأن "حكم الأمة ليس هو الحكم". هذه الشكوك في السكان حولهم بقيت في العصر الحديث ايضا، في حماسة اليهود للدولة – الأمة التي تعرض حماية أكبر من عدم عدل المجتمع. من الواضح ان المماثلة بين طائفة جالية ودولة ذات سيادة ليست كاملة، لكن تفضيل اسرائيل الطويل للملوك والمستبدين العرب بصفتهم مُحادثين يبدو لي صيغة اخرى من الحلف الأفقي. ومن الواضح ان الامر لم ينجح دائما. فكما ذكر يوسف حاييم يروشالمي، الأحلاف العمودية "تُصاغ على حساب الأحلاف الأفقية مع قطاعات أو طبقات اخرى من السكان". خيّب الملوك ورجال الدين والمُخلّصون الكبار في احيان كثيرة آمال اليهود الى درجة الكارثة احيانا. فكادت الدولة – الأمة الاوروبية التي سجد لها اليهود تفضي الى إبادتهم. اذا بلغت الديمقراطية مصر ودولا عربية اخرى فسيكون من الواجب على اسرائيل ان تجابه التحدي الأفقي في نطاق علاقاتها بجاراتها. اذا احتاجت حكومات عربية الآن الى ان تُبين لمواطنيها العدل في التعايش مع اسرائيل، والى أن تسوغ لأبناء شعبها الاتفاقات والتسويات معها، فان اسرائيل لن تستطيع بعد تجاهل تأثير نشاطها في هذه الطوائف السكانية والشعوب. ولن يكفي اتفاق مع حاكم قوي. سيكون لرأي الجمهور العربي أهمية. وستضطر الدبلوماسية الاسرائيلية الى توسيع حدودها والى أن تجد سُبلا للتوجه الى الأمم لا الى الزعماء فقط. يجب ألا تكون اسرائيل مخيفة فقط بل ان تكون مفهومة ايضا. ولدت الأحلاف العمودية لليهود في الجاليات وفي دولتهم نتيجة يأس وعدم ثقة بالجماعات التي عاشوا بينها. وكان للتشكك واليأس أساس في الواقع التاريخي. في السياسة الاسرائيلية في أيامنا قوى تدافع عن المشاعر الظلامية هذه وتكسب منها. لا أومن أن هذا التشاؤم القومي حق لكن الوضع من جهة ثانية أكثر غموضا من أن يسوغ تفاؤلا أجوف. الخوف الاسرائيلي من القوة السياسية الجديدة للأمة العربية لن يتلاشى بسهولة. فالديمقراطية تحرر البواعث والأفكار القبيحة الى جانب البواعث والأفكار الحسنة. ولذلك فان السؤال عن "الربيع العربي" هو هل وأين وبأي قدر يتغير الواقع التاريخي الذي كان أساس التشكك واليأس. لن تُجدي علينا الآن عادات راسخة وتصنيفات قديمة. فالتاريخ لا يقف في مكانه. سيكون اتفاق سلام تقبله مصر الديمقراطية أكثر استقرارا من اتفاق سلام تم اتخاذه في مصر الاستبداد.