خبر : رُسُل العودة .. نضال حمد

الخميس 19 مايو 2011 11:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
رُسُل العودة .. نضال حمد



الكل كان ينتظر ماذا سيفعل الفلسطينيون في ذكرى نكبتهم ، إذ روج الشباب الفلسطيني طويلاً ليوم العزة والفخر والفداء في الخامس عشر من أيار/ مايو 2011 ، يوم الأحد الذي قال فيه شباب وشابات فلسطين أن وطننا واحد أحد لا يقبل التجزئة والقسمة والبيع والاختطاف والاغتصاب والاستيطان والتهويد والاحتلال ، والتنازل للاحتلال.. انه وطن الشعب الفلسطيني منذ شيد فيه الكنعانيون أول حجر ومنذ غرسوا فيه أول نبتة أنجبت لفلسطين نبتات ..  الشعب الفلسطيني ينتفض في كل أماكن تواجده في فلسطين المحتلة في الجليل والساحل وفي الضفة والقطاع، وكذلك في بلاد الطوق سورية ومصر ولبنان والأردن.. زحفت جموع اللاجئين من أحفاد اللاجئين الأوائل، بالكوفيات والشالات الفلسطينية وبأعلام فلسطين فقط لاغير ، ففلسطين كانت وستبقى أكبر من كل الأحزاب والجبهات والحرمات والفصائل والتنظيمات.لأنها الهدف ولأنها العنوان..  زحف هؤلاء الفتية الشبان والصبية الشجعان من مخيماتهم المنتشرة في سورية ولبنان فأشعلوا ثورة جديدة على جبهة مارون الرأس في جنوب لبنان وعلى جبهة الجولان ، اخترقوا الحواجز والأسلاك الشائكة وحقول الألغام ووصلوا إلى قرية مجدل شمس ومنهم من وصل إلى يافا (حسن حجازي ابن مخيم اليرموك في دمشق العروبة) حيث منزل العائلة.. حسن حجازي الفلسطيني اللاجئ من مخيم اليرموك يصل يافا فاتحاً بلا سلاح وبلا دبابات وبلا قنابل وبلا استعراضات وخطابات .. يدخل مدينة الآباء والأجداد ، يتجول في شوارعها وحاراتها وأزقتها ، يتلو الفاتحة على أرواح أجداده وعلى الشهداء الذين بصدورهم العارية استقبلوا الرصاص واخترقوا الأسلاك ومهدوا الطريق للزحف إلى الجولان. حسن حجازي رسول المخيمات في الشتات يقول للقناة العاشرة الصهيونية: " أنا لا تهمني القوانين (الإسرائيلية) ولا أعترف بشيء اسمه (إسرائيل) ، وأنا أتحدث من قلب (إسرائيل) ، وأقول إن هناك الكثير من اليهود مخدوعين بدولة (إسرائيل) ، وإن الكثير من الناس في (إسرائيل) لا يريدون أن يبقوا هنا ، إنما يريدون أن يعودوا إلى بلادهم الأصلية ... هذه ليست (إسرائيل)، إنها فلسطين ، وهي أرضي...". هذا الفتى الفلسطيني الذي وصل يافا وقال كلامه مباشرة عبر التلفزيون الصهيوني ومعه الفتية الذين استشهدوا أو جرحوا سواء في الجولان أو في غزة والضفة والقدس والجليل والكرامة وسيناء ، هذا الفتى نطق بما يفكر به ويتمسك به كل لاجئ فلسطيني في الشتات وداخل فلسطين المحتلة. ولو قدر للشهداء الذين سقطوا في ملحمة العودة : عبادة زغموت وعبد الرحمن سعيد صبحة من أبناء مخيمي اليرموك وعين الحلوة ومن بلدة الصفصاف في الجليل الأعلى المحتل على سفح جبل الجرمق ، وعماد ابو شقرا ابن مخيم الحلوة والجليل المحتل ، هذا البطل الذي رأينا صورته التي ستصبح راية كل فلسطيني بوجه الاحتلال وأعوانه ، صورته وهو يقف على الشريط الشائك في مارون الرأس يحمل بيد علم فلسطين وفي الأخرى يرفع شارة النصر ، حول عنقه وعلى كتفه الشال الفلسطيني ، يتلقى الرصاص بصدره العاري ويصرخ فلسطين عربية ولا بديل عن العودة. لو قدر لهؤلاء الشهداء ومعهم مجموعة أخرى من الشهداء الذين سقطوا في الملحمة أن يصلوا قراهم وبلداتهم ماذا كان سيفعل جيش الاحتلال الصهيوني؟ هؤلاء الشهداء جلهم من مواليد المخيمات ، مواليد ما بعد حصار بيروت ومجازر صبرا وشاتيلا والانتفاضة الأولى.. وبينهم وبين أجدادهم الذين طردوا من ديارهم في فلسطين ما بين أربعون وخمسون عاماً حياة ونكبة وتشرد ولجوء ، هؤلاء لم يكحلوا أعينهم برؤية قراهم وبلداتهم ومدنهم في فلسطين ، تلك المدن التي تعرفوا عليها من خلال قصص وحكايات الآباء والأجداد وحملوا لأجلها راية العودة والجهاد. يا فلسطين لا أحلى ولا أجمل منك ، تهون الصعاب لاجلك ، وتقبل الشهادة فداك ... هكذا لا بد كان تفكير الشهداء : عماد ابو شقرا ، .محمد إبرهيم أبو شلحة ،  حسن موسى ، محمد سمير صالح ،  محمد أبو حليح ،  محمد صبحة ، محمد سمير فتوني ، عبد الرحمن سعيد صبحة ، محمد احمد سالم ،  خليل احمد محمد (مخيمات لبنان عين الحلوة ، الجليل ، البص ، برج الشمالي وجل البحر) وكذلك : عبادة زغموت ، بشار علي الشهابي ، قيس ابو الهيجاء من مخيمات سورية ( اليرموك وخان الشيخ ..  الشعب العربي الفلسطيني أرسل رسالة واضحة ولا ضبابية فيها ولا أي شيء آخر غير أنه متمسك بحق العودة إلى فلسطين كل فلسطين. وهذه الرسالة إلى كافة العناوين الإقليمية والدولية والمحلية ، وفي المقام الأول إلى عنوانين أساسين في المنطقة هما الطرف الفلسطيني ممثلاً برئاسة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية الأخرى والطرف الثاني ممثلاً بقادة الكيان الصهيوني ، الذي لا بد سيعيد حساباته وسوف يقلق كثيراً من هذا الوعد الصادق الجديد الذي برز بقوة وكتب رسالته بدماء الشهداء والجرحى.  لقد رأينا كيف انتفضت الجماهير العربية في العواصم والمدن من المحيط إلى الخليج ..والكل كان يراقب ويترقب وبحذر شديد ينتظر فجر فلسطيني جديد سوف تبزغ معه أنوار شعب فلسطين ، الذي علمنا دائما أنه سيد الانتفاضات ، ورائد الثورات ورأس طليعة الأمة في العطاء والابتكارات الثورية وتقديم التضحيات ، شعب فريد من نوعه ، صاحب نظرة ثاقبة وموقف أصلب من مواقف قياداته التي تجتاحها في بعض المحطات شعارات وسياسات العقلانية والواقعية والأمر الواقع والتوازنات والتحالفات المحلية والإقليمية والدولية وموازين القوى مع معسكر الأعداء. شعب فلسطين أراد للثورات العربية أن يكون ختامها مسك. وما أجمل الختام حين يكون فلسطينيا