خبر : المصالحة: فياض الأفضل لحكومة التوافق .. أشرف العجرمي

الأربعاء 11 مايو 2011 10:06 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المصالحة: فياض الأفضل لحكومة التوافق .. أشرف العجرمي



باستثناء المستفيدين من حالة الانقسام التي يعيشها الشعب وتعيشها المؤسسة، هناك إجماع على أهمية إنهاء الانقسام الذي نجم عن انقلاب "حماس" على السلطة الوطنية في قطاع غزة، على اعتبار ان هذا يشكل مصلحة وطنية عليا. فلا يمكن ان تقوم دولة فلسطينية مستقلة من دون توحيد شطري الوطن. وهذا يحتل أولوية خاصة لدى الرئيس ابو مازن والقيادة الفلسطينية عشية الذهاب إلى الأمم المتحدة للمطالبة بالاعتراف بدولة فلسطين في حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.وعلى الأغلب، تشكل التطورات المهمة التي تجري في العالم العربي وخاصة في الدول المركزية مصر وسورية عنصراً أساسياً حافزاً لحركة "حماس" ليجعلها تذهب نحو المصالحة الوطنية على الرغم من أن ما هو معروض اليوم ويحظى بموافقة "حماس" كان معروضاً عليها في السابق. وهنا لا ينبغي الاستهانة بما يجري في سورية والاحتمال شبه المؤكد بخسران "حماس" قاعدتها الأهم في دمشق نتيجة لما يحدث في هذا البلد، فإن بقي الرئيس بشار الاسد في السلطة فهو سيضحي بورقتي "حماس" و"حزب الله" لضمان استمراره، وإن سقط بفعل الضغط الشعبي المتعاظم فالنظام الجديد سيغير سياسته الاقليمية حتى يحظى بالاعتراف الدولي المطلوب لكي يقوى ويعزز أركانه."حماس" ذاهبة للمصالحة كخيار لا بديل عنه في هذه المرحلة، وكل ما يرجوه الناس أن تكون نواياها صادقة وأن يكون قرارها بالعودة إلى حضن السلطة الوطنية خياراً استراتيجياً جاداً ولا رجعة عنه، لا مجرد تكتيك لكسب الوقت حتى ترى الأمور إلى أي اتجاه تذهب، وهذا تخوف مشروع بالنظر إلى التجربة السابقة وخاصة اتفاق مكة الذي سبق انقلاب "حماس".على كل الاحوال، هناك مصلحة أكيدة لـ"حماس" الآن بالعودة الى الشرعية كجزء من التركيبة المؤسساتية سواء في منظمة التحرير أو في السلطة الوطنية، لأن بقاءها خارجها يعني أزمة وصعوبات خانقة، خاصة بعدما فشل مشروع "حماس" في النجاح على أي صعيد أو مستوى داخلياً وخارجياً. والآن تدرك "حماس" أن بوابة الحصول على الشرعية هي فقط المؤسسة الفلسطينية الرسمية المعترف بها عربياً ودولياً. والمصالحة تحقق لـ"حماس" فرصة أكبر لتعزيز مواقعها في الضفة الغربية للانتقال للعمل الحزبي الشعبي المشروع بشكل واسع دون قيود او معيقات طالما تلتزم بالقانون.الاتفاق بين "حماس" و"فتح" وبحضور وتوقيع باقي الفصائل يعتبر خطوة أولى مهمة على طريق إنهاء الانقسام، ولكنه لا يشكل ضمانة بأن كل العقبات التي تواجه هذه الأطراف سيتم تذليلها بسهولة فهذا يعتمد أولاً، على حسن النوايا والقرارات الصادقة، وثانياً، على مستوى الدعم والمواكبة الشعبية لهذه العملية والتي من شأنها أن تدفع إلى استكمال هذه الخطوة بخطوات أخرى كبيرة على اعتبار أن الشعب سيقف ضد كل من يفشل هذه العملية. وثالثاً، على التطورات التي تجري في الإقليم والتأثيرات المترتبة عليها إقليمياً ودولياً.ما يثير الاستغراب في خضم هذه العملية التي بدأت بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين "فتح" و"حماس" هو ما نشر في وسائل الإعلام عن توافق بين الطرفين على استبعاد د. سلام فياض رئيس الحكومة الحالي عن رئاسة حكومة التوافق الوطني. والغريب في الموضوع هو عدم وجود مصلحة لكل من "حماس" و"فتح" في استبعاد هذا الرجل الذي يشهد له الشعب الفلسطيني، وتشهد له المؤسسات الدولية بأنه رجل مهني من الطراز الأول. وهو الذي تبنى خطة إنشاء مؤسسات الدولة المستقلة خلال عامين، التي حظيت بقبول ودعم دولي واسع النطاق. وأخيراً حصلت على اعتراف ثمين من الأمم المتحدة ينص على أن الفلسطينيين قد أتموا استعداداتهم وهم على جاهزية شبه كاملة لدولة مستقلة لا ينقصها سوى زوال الاحتلال وعوائقه التي يضعها في وجههم ووجه تطورهم.من مصلحة "حماس" أن يكون رئيس حكومة التوافق الوطني سلام فياض، فهذا يعني دولياً استمرارية الوضع القائم، ولا يثير أسئلة أو معارضة دولية لهذه الحكومة التي يتعامل معها المجتمع الدولي باعتبارها حكومة مثلى للشعب الفلسطيني على مختلف المستويات. وهو عملياً يساعد "حماس" في الحصول على الغطاء والشرعية الدولية التي تحتاجها في هذه المرحلة. فإذا كانت "حماس" لا تستطيع ابتلاع فكرة انتهاء حكومة اسماعيل هنية وخروجه من الحكومة، وفي الوقت نفسه بقاء سلام فياض الذي يمثل الحكومة النقيضة، عليها أن تفكر بما هو أبعد من هذه القضية الرمزية أو المعنوية. فالمصالح الكبرى والعليا لا تقاس بحسابات صغيرة في نهاية المطاف.أما الأغرب فهو وجود اختلافات في حركة "فتح" حول بقاء أو ذهاب سلام فياض. وهناك من صرح بصورة علنية بأن سلام فياض لن يبقى رئيساً للحكومة وهذا اتفاق بين "حماس" و"فتح". وفي المقابل هناك من يرى أن بقاء فياض هو مصلحة وطنية، وبالتالي لا ينبغي التضحية به طالما أن الهدف في النهاية هو تحقيق إنجازات للشعب الفلسطيني.طبعاً ليس من المنطقي الحديث بأنه لا يوجد غير سلام فياض يصلح لمنصب رئيس الحكومة في الشعب الفلسطيني، ولكن من باب الموضوعية والإنصاف لا بد من التأكيد على أن سلام فياض هو أفضل من يمكنه أن يقوم بهذه المهمة في هذه المرحلة الحرجة. ووجوده يصب في مصلحة كل الأطراف الفلسطينية دون استثناء. ويجعل مهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يحاول قطع الطريق على مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال استغلال قضية المصالحة، صعبة للغاية.إسرائيل تجد صعوبة بالغة في مواجهة سياسة حكومة فياض، وتواجه فشلاً ذريعاً في صد محاولات الفلسطينيين وسعيهم للذهاب إلى الأمم المتحدة. ويمكن القول إن زيارته الخارجية إلى أوروبا قد منيت بالإخفاق. ومن المهم أن نعزز عوامل الفشل الإسرائيلي، ونترفع عن الكثير من الحسابات الشخصية أو الفئوية الضيقة فيما يتعلق باختيار رئيس الحكومة أو أعضائها.