خبر : نريد مصالحة حقيقية لا بوسة لحى ...مصطفى إنشاصي

الثلاثاء 10 مايو 2011 04:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
نريد مصالحة حقيقية لا بوسة لحى ...مصطفى إنشاصي



منذ الإعلان عن موافقة حركتي فتح وحماس التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة ونحن تنهال علينا يومياً عشرات المقالات من كتاب يكتبون لأجل الكتابة فقط كأنهم فلتات زمانهم مثل قياداتنا الفصائلية التي لم تلد مثلهم والدة وأصبحوا كأصنام تُعبد فهي عند البعض من جهلة ومتعصبي الفصائل سب الذات الإلهية أهون من مس صنمه التنظيمي! والسبب الفوضى الخلاقة التي أطلقتها كونداليزا رايس لتكون جزء من عوامل التغييرات في وطننا مستفلة ثورة الاتصالات وانتشار مئات المواقع الالكترونية التي تنشر بلا هدف لدرجة تمنع المتابع من استثمار وقته في قراءة معلومة صحيحة أو تحليل رزين للحدث؛ الكل أصبح كاتب وباحث ومحلل سياسي ومؤرخ...إلخ من الألقاب التي تسبق أو تلي أسماء تلك الفلتات من الكتاب!. لذلك طوال الأسبوعين الماضيين كعادتي أوقات يسترعي انتباهي عنوان ما فأفتح المقالة أو الخبر لتصفحه وليس قراءته فلا وقت للقراءة الوقت يا دوب للحذف، وقد لاحظت أن الكتابات عن هذا الحدث المهم جداً في تاريخنا الفلسطيني المعاصر (المصالحة) أن الكتابات تتراوح ما بين مؤيد ومؤيد فقط ومتفاءل بلا قيود لنجاح المصالحة، ومتحفظ وحذر من مخاطر فشلها لأن الأسباب التي قدمتها فتح وحماس وخاصة حماس غير مقنعة ولا مطمئنة، وكتابات تعارض المصالحة وتلك بالتأكيد تعبر عن وجهة نظر المتضررين منها من كلا الطرفين ولكن ليس بأسلوب مباشر ولكن من خلال نشر بعض الأخبار التي تشكك في إمكانية نجاحها أو توحي بسوء نية هذا الطرف ذاك، وأخرى عكس ذلك! ولكن ما شدني ولفت انتباهي نوعان من الكتاب في هذا الموضوع: الأول: مؤسسات ومنظمات ما يسمى المجتمع المدني والمستقلين التي أصدر البيانات وأرسلت البرقيات وكتبت مقالات التأييد والموافقة دون تحفظ أو تنبيه لبعض المسائل ذات الأهمية الكبرى التي يجب أن تسبق أو تسير بخط موازنٍ لإتمام المصالحة ونجاحها، وكأن المشكلة فقط هي أن يتوافق طرفي المصالحة على أي اتفاق يرضيهما لتزول العقبة الكأداء من طريق إنهاء الانقسام، وتضع بقية الفصائل الشاهد الغائب شهود الزور تحفظاتها كما تشاء على الاتفاق، في الوقت الذي كنا ننتظر من تلك المؤسسات والشخصيات المستقلة أن تقوم بدورها الصحيح وهو العمل على حفظ المجتمع والمصالحة وتحصينهما من الفشل، وذلك بإثارة القضايا التي تجاهلها الاتفاق! ومثلهم أولئك الكتاب المأجورين والمرتزقة أو سليمي النية ولكنهم تنقصهم المعرفة بأصول الصلح وأهمية قطع دابر الفتنة ومنع تكرارها، وهم الذين طالبوا بحق عودة القيادات والأشخاص الذين تسببوا في إثارة الفتنة والانقسام سابقاً وممارسة حياتهم الطبيعية دون محاسبة أو قيود! وفي المقابل شدني ذلك النفر القليل جداً ممَنْ يتمتعون بحس وطني وشعبي سواء مَنْ جاءت كتاباتهم بأسلوب هادئ أو منفعل، أو نقلاً عن ألسنة بعض أهلنا في الأرض المحتلة أو ما يواجهونهم به ويطالبون به القيادات التي تسهر على إنجاح المصالحة، أولئك هم الذين طالبوا بمحاسبة كل المتورطين في إحداث الانقسام أو الذين ارتكبوا جرائم قتل أو تعذيب أو امتهان لكرامة الإنسان الفلسطيني وغيرها سواء قبل الانقسام أو أثنائه من الطرفين على حد سواء!. نعم؛ إن هذه المسألة مهمة جداً لإنجاح المصالحة وإلا فإنها بالفلسطيني لن تزيد عن بوسة لحى وفض مجالس، ولن تُنهي جمرة اشتعالها التي يحاولون إخمادها تحت رماد الاتفاق ومحاولة ترقيع الوضع الفلسطيني مؤقتاً الذي لن يلبث أن ينفجر ثانية لأنه لم يتم القضاء تماماً على كل مسبباته سابقاً ومحاسبة القيادات السياسية والأمنية والإعلامية وغيرها التي تسببت به،  أو ما يمكن أن تعتبر عوامل تفجيره لاحقاً وهي العامل الاجتماعي والإنساني والحق الشرعي والقانوني للأفراد أو الأسر والعائلات التي تضررت سواء قبل الانقسام أو أثنائه، سواء تم ذلك من خلال إرضائهم بالاعتذار ودفع الديات أو العفو عنها من أولياء الدم، أو بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم بحسب القانون بعيداً عن الانتقام الفردي أو العائلي في محاكمات تتوفر عادلة...إلخ. خلاصة القول: أن هذا أمر مهم جداً أن يأخذه في الاعتبار الأطراف الفلسطينية والجهات الراعية للمصالحة عربياً ويجب عدم إغفاله أو التهاون فيه، ولا ينسوا أن مجتمعنا الفلسطيني مجتمع عشائري وعقلية الثأر لم تغادر عقول ونفوس الكثير من أبنائه، ما يعني أن تجاهل تلك المسألة قد يثير كثير من المشاكل في المستقبل وقد يُدخل الحكومة وأجهزتها الأمنية في صراع وملاحقة أفراد وعائلات هي في غنى عنه، وقد تُدخلنا في صراع داخلي لن يقل خطورة عن صراع الفصائل نفسها خاصة وأن معظم شباب تلك العائلات منتمية فصائلياً، وقد يتسبب ذلك في إحداث مزيد من التمزيق في الأسر والعائلات والمجتمع الفلسطيني الذي يتوزع أبنائه على مساحة الفصائل الفلسطينية خاصة فتح وحماس!. وأضيف مسألة أخرى لا تقل خطورة عن السابقة لم يتطرق لها الكتاب على كثرتهم وهي: أغنياء الحرب! نعم أغنياء الحرب والانقسام الذين أثروا على حساب فقر وجوع ومرض وحياة ومعاناة الفلسطيني المحاصر الصامد الصابر والمقاوم الرافض الانهيار والانهزام والتفريط في حقوقه الوطنية، الذي تسمسر بمعاناته تلك الفصائل ليثرى قادتها وعناصرها وينعموا ويترفوا ويمارسوا السلطة والتسلط باسمه وعليه! نعم تجار وسماسرة الحصار والانقسام سواء مصاصي الدم تجار الأنفاق أو تجار الموت الذين تاجروا بأدوية المرضى سواء بأموالهم الخاصة أو الذين باعوا أدوية المساعدات أو الحكومة للصيدليات وأفرغوا المستشفيات منها ليموت مَنْ يموت من المرضى الذين لا يجدون قوت يومهم وليس ثمن علاجهم، أو الذين تسببوا في وفاة بعض الحالات المرضية بسبب ربط علاجهم أو سفرهم بالقرار أو الاختلاف السياسي أو الانتقام المرضي نفسياً في بعض الحالات، وسماسرة الحكومتين وبعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي باعت المساعدات الغذائية والطبية وغيرها وحرمت الجماهير منها ليملئوا جيوبهم وبطونهم التي لا تشبع، وتسببوا في إصابة مجتمعنا الفلسطيني بأمراض اجتماعية وأخلاقية ونفسية لم يعرفها من قبل وعلى رأسها التسول وترك الأطفال لدراستهم للبيع في الشوارع، وأولئك الذين سرقوا ونهبوا أموال وحقوق المواطنين سواء أموال المساعدات الدولية أو الخيرية أو بيع الأراضي الحكومية وتركوا المواطن للموت في جمع الحصى قرب الحدود التي زرعها العدو على أرض الوطن ... إلى غير ذلك من الممارسات التي أثرى من ورائها القادة والموظفين أو المواطنين العاديين الذين جمعت بينهم جميعاً صفات الجشع والاستهتار بحياة وكرامة الفلسطيني!. وبعد إنهاء هذه المسائل الخطيرة والمهمة لتهيئة الأجواء الصحية للمصالحة فإنه يجب منع كل أولئك الذين يثبت في حقهم أي جريمة أو مسئولية عن ما حدث أو أصاب مجتمعنا من ممارسة أي نشاط سياسي أو مسئولية حكومية أو حزبية، ليكونوا عبرة في المستقبل لكل مَنْ تسول له نفسه من مرضى وضعاف النفوس تكرار ما فعلوه وهم يعلمون أنهم لن يفلتوا من المحاسبة والملاحقة والعقاب، ويجب أن تعلم تلك الفصائل قبل أولئك الذين أجرموا في حق أهلنا ووطنهم أنهم ليسوا أوصياء على القضية ولا الشعب، وأنهم ليسوا نوابغ ومحاسبتهم وأن إبعادهم وعزلهم سياسياً وعن حياة الناس اليومية سيكون له آثار سلبية أو مدمرة على صعيد المجتمع والقضية! لا! فهم لا نوابغ ولا فطاحل ولا يحزنون وليسوا أكثر من حشرات علق بشري تعيش على امتصاص دماء المواطنين محتمين بفصائلهم أو مرتزقتهم والشعب في غنى عنهم!.  ذلك ما طالبته من ثورات التغيير في مقالات سابقة لي عن تونس ومصر ونفسه ما أطالبه لإتمام المصالحة فلسطينياً على أسس صحيحة تمنع ضعاف النفوس من تكرار ما فعله الذين تسببوا في الحصار والانقسام وتعميقه، ألا يكافئوا بإعادتهم إلى مناصبهم أو استمرارهم في ممارسة أي نشاط حكومي أو حزبي سواء عادوا لما كان أو لم يعودوا، نحن نريد أن نتعلم ونأخذ عبرة كأفراد وعائلات وقادة مما حدث لتجنب تكراره!.