خبر : مستقبل المصالحة الفلسطينية ...محمد أبو راشد المرصفى

السبت 30 أبريل 2011 10:01 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مستقبل المصالحة الفلسطينية ...محمد أبو راشد المرصفى



  لاشك أن المصالحة الفلسطينية رغبة فلسطينية وعربية ودولية. لكن هل هناك أرضية صلبة تجعل هذا الإتفاق قابلا للحياة والتطبيق؟ هل هناك تغيير حقيقى فى مواقف طرفى الأزمة يبعث على التفاؤل؟. مايقلق هو الفتور الذى قوبل به الإتفاق ولاأعنى الفتور الأمريكى بل فتور رام الله. حيث أننا لم نسمع حتى الآن صراحة رأى السيد عباس فى الإتفاق ولم يصدر أى تعليق من قبل السيد فياض. السيد عزام الأحمد هو من وقع إتفاق اليمن من قبل واضطر أن يبتلع توقيعه بمجرد وصوله رام الله. عموما تطبيق الإتفاق يصل إلى ذروته بعد سنة من الآن حين تنعقد إنتخابات متزامنة لكافة مؤسسات العمل الفلسطينى. والمراقب المنصف يعلم مدى ماوصلت إلية شعبية خيار المقاومة سواء فى أرضيتها الثابتة فى غزة أو الأرض المفتقده لها فى الضفة. نجحت مصر الثورة فى إنجاز المصالحة الفلسطينية فى أقل من شهرين فيما لم تنجع فيه مصر مبارك فى إنجازها خلال مايقارب الأربع سنوات. الموضوع ببساطة أن الورقة لم تكن مصرية بل كانت صهيونية بإمتياز. فقد كانت عبارة عن إذعان حماس بتسليمها غزة لأجهزة التنسيق الأمنى بدون أى مقابل . أما ورقة مصر الثورة فقد كانت ورقة مصالحة حقيقية روعى فيها مصلحة الشعب الفلسطينى ولذلك لم تتردد حماس فى التوقيع عليها. الإدارة المصرية : لايخفى على المراقب أن المؤسسة العسكرية المصرية لم تكن راضية أبدا عن الغطرسة الإسرائيلية ودعم مبارك الدائم لإسرائيل وعجزها عن مساعدة إخوانهم الفلسطينين فى غزة وهى المؤسسة التى تنبنى عقيدتها العسكرية على أن إسرائيل هى العدو وأن الإيمان بالحق الفلسطينى الذى خاض الجيش المصرى عدة حروب من أجله هو حق مقدس. تسريبات ويكيليكس وتصريحات الإسرائيلين تشهد بذلك. ولأول مرة يعمل وزير الخارجية المصرى بإحتراف مهنى عالى بدون توجيهات السيد الرئيس. فالمشير والمجلس العسكرى لايحاولون التدخل فى العمل السياسى كثيرا حتى لاينغمس الجيش فى العمل المدنى. أما رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف فهو الآخر يعطى الخارجية المصرية حرية كاملة للحركة. مؤسسة الخارجية أثبتت أنها الأكفأ والأفضل فى التعامل مع الملف الفلسطينى الذى كان حكرا على وزير المخابرات والرجل المقرب من مبارك عمر سليمان. الموقف فى رام الله : السيد عباس كعادته ملتزم الصمت منذ توقيع الإتفاق فى إنتظار ماستسفر عنه ردات الفعل الإسرائيلية والأمريكية. تصريح خجول من نبيل أبو ردينة كرد فعل لنتنياهو الذى قال أن على السلطة الإختيار بين حماس وإسرائيل . أبو ردينة قال أن على نتنياهو الإختيار بين المستوطنات والسلام. بالتمعن فى تصريح أبو ردينة نرى أن لا علاقة للتصريح بالمصالحة ولا أهميتها للشعب الفلسطينى وهو تصريح غزل لعودة اللقاءات التفاوضية ويوضح بما لايدع مجالا للشك أن الإتفاق هو مناورة للوصول للهدف الأسمى من وجهة نظرفريق رام الله وهو الجلوس على مائدة المفاوضات. كما أننا لم نسمع أى رد فعل من السيد سلام فياض الحاكم الفعلى للحياة اليومية لرام الله وأمين سر الجهات المانحة. فلن يسلم السيد فياض إنجازاته المزعومة لحكومة وحدة وطنية أو تكنوقراط إلا إذا إعتبر نفسه زعيم حزب التكنوقراط المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة. موقف حماس : بلاشك أن الشارع المصرى بمختلف إتجاهاته يدعم المقاومة وعلى رأسها حماس. وإزاحة النظام المعادى فى القاهرة ووجود الجيش المصرى المعادى لإسرائيل فى سدة الحكم كلها عوامل قوة لحماس.ولذلك لم تتنازل حماس عن أى من ملاحظاتها التى سبق تقديمها على الورقة المصرية أو أى أفكار تصالحية. فسيتم إجراء إنتخابات متزامنة بعد سنة من الآن.و بإفتراض أن الحكومة الجديدة سترفع الحظر السياسى المفروض على حماس فى الضفة. ومن المعروف أن جماس حصدت أصوات فى الضفة أكثر منها فى غزة. فشعبية حماس فى الضفة عالية من الأساس وستصيح أعلى بعدما رأى فلسطينى الضفة التنسيق الأمنى الفج والتخلى عن الثوابت. فحماس تضمن أغلبية كبيرة فى أى ‘نتخابات قادمة. مخاطر محدقة بالإتفاق : ·         عباس وفريقه : ليس هناك أدنى تغيير فى سياسة الفريق فأحدث تصريحات عباس هو أنه لن يسمح بإنتفاضة ثالثة طالما ظل فى السلطة. وتم إفتضاح أمره فى التحريض على الثورة المصرية ومن وجهة نظره فقد بدأ يدفع ثمن رحيل مبارك بالقبول مكرها بهذا الإتفاق. لكن بمجرد إشارة نتنياهو بأى شئ يساعد عباس للنزول من فوق الشجرة التى أصعده فوقها أوباما سيلقى كل مافى يمينه ويهرول فورا إلى أى منضدة لممارسة هواية المفاوضات. ولتطبيق الإتفاق يمثل خطرا على عباس لأنه أخذ عهدا على نفسه ألا ينافس على كرسى الرئاسة. ·         القوى الأمنية فى الضفة : لا عباس ولافياض له سيطرة على هذه الأجهزة ولايملك عباس ولارئيس الحكومة الجديد كبح جماح هذه الأجهزة وإجبارها على الإفراج عن معتقلى حماس والفصائل المقاومة الأخرى فى الضفة أو حتى تحجيم التنسيق الأمنى. وستظل هذه الأجهزة شوكة فى خاصرة الشعب الفلسطينى مادامت إسرائيل محتلة للضفة ولانستبعد أن تقوم بالتخلص من عباس إذا رأت منه جدية فى تنفيذ الإتفاق. ·         تمويل السلطة : لو صدق عباس وإستمر هذا الإتفاق وتم تشكيل حكومة أى كان شكلها فسوف تقطع أمريكا تمويلها عن هذه الحكومة و ستوعز إلى الممولين الآخرين بعمل الشئ نفسه. وساعتها ستجد حماس نفسها فى موقف يتطلب منها تدبير تمويل الأجهزة الأمنية فى الضفة. وهى لاتطيق ولن تقبل بذلك. الأطراف الرابحة من الإتفاق : ·         التخلص من مسؤولية وعبئ حصار غزة.فالإدارة المصرية الجديدة لديها ورقة تستطيع بها أن تفك الحصار عن غزة . وسنرى فى الأيام القادمة نشاط مصرى ديبلوماسى مكثف لتسويق فكرة أن هذه حدود مصرية فلسطينية فقط بالإضافة أن هناك زخم دولى لفك الحصار عن غزة وربما حماقة إسرائيلية جديدة ضد أسطول الحرية 2 تجعل الأمر أسهل ·         حماس تملك قلب الشارع المصرى بمختلف مشاربه الإسلامية والقومية فيما عدا بعض الإتجاهات العلمانية المتطرفة. المقاومة ومن ضمنها حماس تحظى بدعم معنوى هائل من الجيش لم يترجم إلى دعم مادى بعد. وعلى أى حال لن يكون هناك أبدا دعما مباشرا. كذلك أضافت حماس لرصيدها كثيرا بإستجابتها للخارجية المصرية لتحقيق أول إنجاز للأخيرة. حماس لن تكون البادئة أو السبب المباشر لفشل الإتفاق بل ستنتظر إما تطبيق إتفاق من مصلحتها أو يقوم فريق رام الله بإفشاله وهو مكسب لها فى الحالتين. ·         القوى الحرة العالمية سواء حكومات أو منظمات لديها الآن شئ ما ليبرر فك الحصار عن غزة. هذه القوى لن نتنظر تطبيق إتفاق المصالحة بل ستبدأ على الفور فى محاولة للإستفادة منها ·         الشعب الفلسطينى سيكسب حكومة ورئيس ومجلس تشريعى ومؤسسات منظمة التحرير منتخبة تمثل القوى الفلسطينية تمثيلا صحيحا. وهذا أفضل مايمكن أن يحدث للملف الفلسطينى بعد عقود من سيطرة جماعة نفعية أثرت من القضية ولم تفدها شيئا. لاشك أن نجاح هذا الإتفاق يمثل مرحلة جديدة للشعب الفلسطينى. لإن نجاح الإتفاق يعنى إنتخابات حرة ستسفر حتما عن سيطرة حماس لما لها من شعبية على كافة المؤسسات الفلسطينية الداخلية للسلطة الوطنية ومؤسسات منظمة التحرير الخارجية. ويعنى فى الوقت نفسه نهاية إتفاق أوسلو وإختفاء أطراف فلسطينية عديدة عن الساحة الفلسطينية وعلى رأسها عباس وفياض وتفكك فتح ونهاية الفصائل الكرتونية. وتعنى أيضا نهاية التنسيق الأمنى والأجهزة الإجرامية فى الضفة. فهل ستسير الأمور على هذا النحو ويسلم فريق أوسلو والأجهزة الأمنية الضفة ويسلمون أيضا كافة منظمات العمل الفلسطينى للقوى الإسلامية؟ وهل ستقبل إسرائيل وأمريكا بذلك وترضى به؟ ربما ينجح الإتفاق بشكل جزئى فى بعض مراحله لكن من الصعب القول أن الإتفاق سينجح إلى أن يصل لمرحلة إجراء إنتخابات متزامنة لكافة مؤسسات العمل الفلسطينى بعد سنة من الآن. كاتب مصري