خبر : مأساة القبة الحديدية/بقلم: أودي هيرش/معاريف 12/4/2011

الثلاثاء 12 أبريل 2011 11:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مأساة القبة الحديدية/بقلم: أودي هيرش/معاريف  12/4/2011



 يجب عليك في ظاهر الامر ان تكون إسفافيا على نحو خاص كي لا تنضم الى مهرجان التهنئات والمباركات بالقبة الحديدية. حتى اذا كان يصعب علينا أن ننسى الصراعات الداخلية في جهاز الأمن حول اجازة الخطة، والكلفة الباهظة لكل صاروخ مثبط والعدد الضئيل للبطاريات، فانه يصعب الجدل في النجاح الأولي. منعت نسب الاصابة العالية لهذه المنظومة في الايام الاخيرة كما يبدو وقوع قتلى في الجبهة الداخلية الاسرائيلية ومنعت في الأساس تدهورا بلا كابح نحو "الرصاص المصبوب الثانية". ولا يمكن أن ننكر ايضا أن اللقاء بين الصواريخ – صاروخنا المحكم وصاروخهم البدائي – حسن الصورة على نحو خاص، ولا يوجد محرر أخبار صحيح الرأي يتخلى عن هذه الصور التي ترفع المعنويات في بداية نشرة الأخبار. والأهم ان هذه المنظومة منحت القيادة السياسية والأمنية الاسرائيلية زمنا آخر للتفكير، ويعلم الله (واهود اولمرت بعد حرب لبنان) أن هذه الجماعة محتاجة الى كل دقيقة اخرى. وبرغم كل ذلك ما الذي نحتفل من اجله في الحقيقة؟ إرجعوا خطوة الى الوراء وحاولوا ان تفكروا ما الذي يحدث هنا في الحقيقة: إن اسرائيل بعد أن أحاطت نفسها بجدار من الشرق لمنع العمليات التفجيرية تلف نفسها بقبة جوية من الجنوب. ومن غير ان نتطرق الى السؤال السياسي والاقتصادي عن الحاجة الى هذه العمليات والأخطاء التي قامت بها اسرائيل أو لم تقم بها في الطريق اليها، فان نظامي التحصين هذين يكشفان عن واقع مأساوي. ففي خلال أقل من عشر سنين بنت اسرائيل حولها سورا واقيا وعدم أمل مُسلمة لطبيعة المنطقة المعادية التي تعيش فيها. لم يعد أحد يشغل نفسه بكلمات منسية مثل "حل" أو "اتفاق" (أما الكلمة الثالثة التي تبدأ بحرف "س"، فلن نذكرها كي لا نستخرج منكم ضحكا شديدا)، بل شغلوا أنفسهم بتقوية الصراع فقط. اذا حسن حظنا واذا أسقطت القبة الحديدية صاروخ الغراد التالي الذي سيوجه الى عسقلان، واذا لم يجبِ الصاروخ المضاد للدبابات القادم الذي سيوجه الى حافلة الطلاب، خسائر من الأرواح، واذا سبب صاروخ القسام التالي الذي سيوجه الى سدروت أن يتبول ولد بائس في سريره فسيتم تأجيل "الجولة" التالية. لكنها ستؤجل شهرا أو ثلاثة اشهر أو نصف سنة أو سنة. وستأتي في النهاية وفي أكثر من جبهة واحدة. إن سورا ومنظومة تثبيط لا يستطيعان وقف عجلات التاريخ، وربما تستطيع فقط تعويقها. لهذا من المعقول ان نفترض ان الفرح حول القبة الحديدية يُعبر في الأساس عن مقادير الكبت في اسرائيل التي أخذت تزداد عمقا كلما أصبح الواقع أصعب هضما. إن هذا الكبت يُمكّننا من اقامة حياة طبيعية متوهمة واقتصاد نامٍ وهرب الى وقت ترفيه منسوخ من دول أكثر غربية وأشد سكونا. لكنه يوجد ثمن للسور الحقيقي والمجازي. هناك ميل الى اتهام حكومة نتنياهو بالانطواء والعزلة الدولية، لكن التوجه الفصامي في واقع الامر نشأ بالتدريج خلال عقد انتفاضة وحروب ويُعبر عن رغبة الاسرائيلي المتوسط في اطلاق صاروخ تثبيط على كل تصريح انتقادي من العالم. هكذا نسلك عندما نكون في حصار. وكذلك الردود ذات القطبين على غولدستون – التنديد به باعتباره خائنا بعد التقرير والاحتضان الحار المبالغ فيه بعد تحفظه الواهي – تدل على الأعصاب الضعيفة في الملجأ الاسرائيلي. في مرحلة ما سيضيق الفرق الذي لا يُحتمل بين الواقع الطبيعي في الظاهر وبين الشذوذ الذي يكمن في الحاجة الى تطوير سلاح لتثبيط صواريخ ذات مدى 4 كيلومترات. في مرحلة ما ستضعف قوتنا أو أننا سترثّ حالنا نتيجة اطلاق صواريخ قيمة الواحد منها 100 ألف دولار. وسنستوعب في مرحلة ما أن القبة الحديدية هي نجاح تكتيكي يُدير الرأس يكمن وراءه كارثة استراتيجية طويلة.