خبر : الرئيس.. إذا حضر ! .. هاني حبيب

الأحد 20 مارس 2011 12:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
الرئيس.. إذا حضر ! .. هاني حبيب



سرعان ما استجاب الرئيس عباس لزخم الحراك الشعبي الفلسطيني المطالب بإسقاط الانقسام في الخامس عشر من آذار الجاري وما تلاه من فعاليات شبابية تحت الشعار نفسه، قرار الرئيس بزيارة قطاع غزة هو أهم نتائج هذا الحراك الذي ما زال مستمراً بأشكال مختلفة، ولا يمكن فهم هذه المبادرة بمنأى عن الإحساس الكبير بالمسؤولية من ناحية، والقدرة على لعق الجراح من أجل هدف نبيل بقدر ما هو وطني عبّر عنه في خطابه أمام المجلس المركزي، الذي فوجئ بدوره بهذه المبادرة، لكنه أيدها ودعمها من خلال التصفيق وقوفاً لعدة دقائق تأكيداً على الموافقة الجماعية لهذا التحرك الرئاسي الهادف إلى إغلاق ملف الانقسام، وذلك من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تهيئ لانتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات المجلس المركزي، وهي الأمور التي تناولتها مبادرة الرئيس عباس بزيارة غزة ومع أنه أشار إلى “حكومة مستقلين” إلا أننا نعلم أن مثل هذه الحكومة، هي غير حكومة الوحدة الوطنية التي في الغالب تقوم على أساس مشاركة الفصائل، لكن يمكن فهم هذا المصطلح “حكومة مستقلين” بحكومة تتوافق عليها الفصائل من خلال اختيارات للمستقلين في عضوية هذه الحكومة.ومن الواضح، ومن خلال هذه المبادرة، أن لا عودة لحوار الطرشان واستهلاك الوقت والمواقف والاحباط، بل الانطلاق إلى العمل الجدي والفعلي لإنهاء الانقسام ووضع حد للتشرذم الفلسطيني على قاعدة تأخذ بالاعتبار ضرورة توفير كل الامكانات من أجل مواجهة الاحتلال ومخططاته التوسعية والاستيطانية، والتخلص من حالة الإرباك والتناقض والاقتتال السياسي والإعلامي، لتوفير الحاضنة الوطنية التي لا بد منها في مواجهة استحقاقات الصمود والمواجهة مع العدو الإسرائيلي.لقد تجاهل الرئيس عباس الحديث عن الورقة المصرية لدى حديثه عن المبادرة بزيارة قطاع غزة، وأعتقد أن هذا التجاهل كان متعمداً ومقصوداً، إذ لا فائدة، منذ اندلاع “ثورة الشباب الفلسطيني” في الخامس عشر من آذار، من العودة للماضي وفتح ملفات مختلف عليها، بل استثمار هذا الزخم الشعبي الهائل من أجل البدء بتنفيذ كافة الاستحقاقات التي تتطلبها عملية إنهاء الانقسام، فلا فائدة ترجى من حوار تم استهلاكه على فترات متباعدة في الوطن وخارجه، وباتت المواقف واضحة والاعتراضات والتوافقات معروفة، والعودة إليه، أي الحوار، ما هو إلاّ استمرار لهذه الحلقة المفرغة التي نتوقع أن الحراك الشعبي وضع نهاية لها، نتائج ذاك الحوار، ليس فقط لم تؤد إلى نتيجة ملموسة، بل أيضاً، أوقع الشعب الفلسطيني في حبائل الاحباط والشعور باللا أمل، تلك المشاعر التي نعتقد أن التحرك الشبابي والشعبي الفلسطيني في 15 آذار قد وضع حداً لا رجعة فيه عنه.الرئيس أظهر جدية بالغة في تحويل مبادرته إلى فعل، عندما أرسل مبعوثيه إلى القطاع من أجل التحضير لهذه الزيارة، كما أرسل وفداً إلى القاهرة وبعض العواصم العربية الأخرى لوضع الدول الشقيقة في صورة مبادرته والخطوات العملية التي سيتخذها من أجل إنجاحها وإنجاز المصالحة، حركة “حماس” سارعت بالترحيب بزيارة الرئيس من خلال قادتها والمتحدثين، إلاّ أنها لم ترسل موافقة رسمية عليها كما أعلن الناطق باسم الرئاسة. كما أخذت بعض القيادات في “حماس”، تضع أجندات لهذه الزيارة تفرغها من مضمونها، وعادت إلى خطابها التقليدي المتكئ على الملفات الخلافية، في وقت تستمر فيه بقمع التحرك الشعبي، خاصة ممثلي وسائل الإعلام في قطاع غزة، الأجندة المطلوبة من حركة “حماس” لزيارة أبو مازن، أشارت إليها قيادات عديدة من الحركة، وأوضح هذه الأجندات ما لخصه القيادي في الحركة الدكتور اسماعيل رضوان: أجندة وجدول أعمال تتضمن إطاراً قيادياً مؤقتاً لمرحلة انتقالية، وصولاً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تحافظ على خيار المقاومة، والاتفاق على المشروع الوطني السياسي، “لبدء حوار شامل في شتى المجالات” وصولاً إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كبيت جامع للفلسطينيين.. هذه الأجندة تعيد الأزمة إلى المربع الأول، فهي تتناول ملفات الخلاف التي دار حولها جدل متواصل وحوار متصل مرات عديدة، لم تفلح في رأب الصدع، بل ساعدت من خلال التمسك بمواقف الأطراف على تعزيز الانقسام، وهي أجندة، بالمحصلة النهائية، تختلف تماماً عما جاء في مبادرة الرئيس عباس التي تجاوزت ملفات الخلاف وصولاً إلى تحقيق المصالحة من خلال حكومة وحدة وطنية واللجوء إلى الاقتراع الشعبي لانتخابات برلمانية ورئاسية والهيئة القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية ، المجلس الوطني، لانتخاب قيادة جديدة تفرز سياسات توافقية بالاحتكام إلى صندوق الانتخابات.وعلى الجانب الآخر، هناك تصعيد إسرائيلي، لا يبدو أنه مجرد تصعيد اعتيادي كونه قد ترافق مع مستجدين أساسيين، أولهما، يتعلق بالحراك الجماهيري الهادف إلى إنهاء الانقسام الذي شكل إنجازاً إسرائيلياً ستحرص على استمراره، وثانيهما، مبادرة الرئيس عباس التي تشير إلى الجدية الحقيقية في وضع حد للانقسام، الرد الصاروخي وقذائف الهاون، من قطاع غزة، واعتراف حركة “حماس” بأنها قامت بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية، أضفى بعداً جديداً على أن هذه الأحداث، ستخلق أجواء غير مناسبة لقيام الرئيس عباس بزيارته لقطاع غزة، والأطراف التي فوجئت بمبادرته، معنية، أو على الأقل البعض منها، بوضع العراقيل أمام هذه المبادرة كي لا تشق طريقها نحو مصالحة حقيقية فاعلة، تضع حداً للمناورات التي تساق فقط لعرقلة الجهود أمام إنهاء الانقسام.إننا نترقب زيارة الرئيس عباس إلى قطاع غزة، وإذا ما تمت هذه الزيارة، فإن الحشود التي ستستقبله، ستشكل إطاراً يمنح التحرك الشعبي المتواصل أبرز نتائجه التي انتظرها جمهور متعطش للقاء رئيسه بعد غياب قسري، مما سيضع المصالحة على “سكة السلامة” لإطلاق طاقات الشعب الفلسطيني في خدمة الهدف الوطني النبيل، إقامة الدولة الفلسطينية على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.إن كافة القوى، مدعوة إلى دعم مبادرة الرئيس، ومنحها كل الفرص لإنجاحها، من خلال التصدي لكل المحاولات الرامية إلى وضع العراقيل التي تمنعها، ولتفويت الفرصة على إسرائيل التي قالت بصريح العبارة، إن هذه الزيارة التي تهدف إلى المصالحة الفلسطينية تشكل تهديداً لها ولاحتلالها ومصالحها!www.hanihabib.net - hanihabib272@hotmail.com هاني حبيب