خبر : الشعب يريد إسقاط المفهوم النمطي الغربي للعربي!!.. هاني حبيب

الخميس 03 مارس 2011 09:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الشعب يريد إسقاط المفهوم النمطي الغربي للعربي!!.. هاني حبيب



كنا نذوب خجلاً وعاراً، حين يبدأ الحديث عن مفهوم "العربي" لدى المجتمع الغربي، فالعربي هو أكثر السياح انتقالاً من بلده إلى الغرب، مع ذلك فهو لم يذهب إلى أي مسرح أو متحف، فهو يتنقل منتعلاً صندلاً ومرتدياً دشداشة، وخلفه مجموعة من الخدم، إلى كبار محلات الجواهر نهاراً، والعلب الليلية ليلاً، يوزع الهدايا والعطاءات على العاهرات بلا تردد، بينما يفكر أكثر من عشر مرات قبل أن يهب مالاً إلى دار للأيتام أو للعجزة في بلاده، هذه الصورة لم تتغير من حيث الجوهر، فحتى سنوات قليلة مضت، تم النظر إلى العربي بوصفه إرهابياً لكي تبقى الصورة النمطية للعربي في المفهوم الغربي بالغة السلبية.العربي، كان رائداً للاكتشافات الجغرافية، والباحث عن اللؤلؤ في أعماق الخليج العربي وبحر العرب، كان مبدعاً في البحث في وقت من الأوقات، على امتداد جغرافيا العالم، وفي عمق بحاره، لكن هذه الصورة سرعان ما تغيب عن المفهوم الغربي، حينما يوضع العربي على مائدة البحث والتوصيف، فهو غير مبدع، حتى أن بعض العرب، لبسوا المئزر الشبيه بالتنّورة الأسكتلندية، ولكن بلا ذوق وبلا سبب سوى التقليد، كان يبحث عن اللؤلؤ غوصاً في أعماق البحار، لكنه اليوم، يستجلب مكتشفي منابع النفط، ومستخرجيه، ويستوردون البنزين من مصافي النفط في الخارج. العربي، في هذا المفهوم، كسول، ونظراً للعائد المادي نتيجة للنفط استجلب "شعوباً" لخدمته في المنزل أو في دكان البقالة أو لسياقة سيارته الفارهة.ولكن، ظلت المنطقة العربية، إحدى أهم مناطق العالم أهمية في الاستراتيجيا الدولية، ليس لأنها تقع في منتصف الكرة الأرضية ـ كما درسنا في المدارس ـ ولكن لأنها تخبئ في باطن أرضها ومياهها البحرية محرك طاقة العالم الصناعي، النفط، وليس لأن هذه البلاد وجهة المبدعين، بل المستغلين، جاء الاستعمار إلى بلادنا ليس لجمال طبيعتها، كما درسنا في المدارس، فهي أقل جمالاً من معظم بقاع الأرض، وليس فقط لوجود النفط، ولكن لسهولة الاستيلاء عليه من خلال رشوة شيوخ القبائل الذين تحولوا إلى ملوك وأمراء، فكثير من بقاع العالم، تحتوي على النفط، غير أنه ليس من السهل الحصول عليه بأرخص الأثمان، وحتى عندما يدفع الغرب مقابلاً جيداً لنفطنا العربي، فهو يسترد ما دفع من خلال صفقات السلاح أو الإسراف على استهلاك قشور الحضارة من أبنية وأندية، وحتى مباريات للتنس أو سباق السيارات، يغيب عنها مواطنو هذه البلدان، ومعارض ومهرجانات للسينما والمسرح وغيره، بدون حضور عربي فاعل، فأعلى بناء في العالم، وميدان تزلج في الصحراء، لدينا هنا في القارة العربية.. فأي فخر!!في المفهوم الغربي النمطي للعربي، انه لا يثق في نفسه، كما أنه لا يثق ببني جلدته، فهو عندما يريد خادماً أو خادمة، فمن خارج القارة العربية، يتّشح ويتمسّح بالدين، لكنه يحبذ أن تكون خادمته أجنبية وسائقه أجنبياً، فهو لا يثق بعربي مسلم، لأنه ببساطة لا يثق بنفسه ولا بإيمانه، وتتجلى إبداعات العربي، حسب هذا المفهوم، في قدرته على أن يظل على عهد الرق والعبودية، ولكن بأشكال حضارية جديدة، فهو يجلب العمال والخدم، ويسجلون على اسم مواطن من مواطني الدولة أو الإمارة أو المملكة، يتصرف هذا في ممتلكاته من العبيد الأرقاء كيفما شاء، وبسند من قانون، هو قانون للرق، ولكن من نوع يواكب "الحضارة" في القرن الحادي والعشرين، "عبودية مودرن".لكن إبداع العربي، في المفهوم الغربي، لا يتوقف عند هذا الحد، فبينما كنا نعلم أن أهل الكتاب هم ثلاثة: مسلمون ومسيحيون ويهود، فإن العربي خرج عن ذلك، عندما اختلق "نبي متنبي" كتاباً جديداً، يضاف إلى القرآن والإنجيل والتوراة، هو الكتاب الأخضر للمتنبي القذافي، ملك أفريقيا وصاحب أكبر اسم لجماهيريته العظمى، نظام حكم لا مثيل له، إبداع لم يسبقه ما هو على شاكلته، متفرد في كل شيء، وحقيقي إلى درجة الهذيان والجنون، حاكم يريد أن يحكم بالقوة تحت شعار القذافي يريد إسقاط الشعب، ومع ذلك فما زال له مريدون وأتباع يدينون له بالقداسة غير المسبوقة!قلت إن العربي، وفقاً للمفهوم الغربي الانتقائي والنمطي، لا يثق في نفسه كما لا يثق في أبناء جلدته، فهو ليس بحاجة إلى إعمال فكره، عند أي حدث يتهدده أو يتهدد مصالحه وقضاياه، وسرعان ما يرجع الأسباب لـ "المؤامرة" فكل تلك الأوصاف التي التصقت بالعربي، في ظل هذا المفهوم، لا تعود إلى أسباب داخلية، أو إلى تخلف أو إلى سياقات موضوعية، بل كانت تعود إلى الاستعمار حيناً، والمؤامرة الأميركية الصهيونية حيناً آخر، وكأن هذه المؤامرات كان من الممكن أن تستمر وتنجح لولا التربة الصالحة، لنموها وإثمارها.وآخر دلالات عدم الثقة بالنفس، هو التفسير المتسرّع، للتحركات الثورية التي لا تزال تشتعل في معظم مناطق القارة العربية، فأسباب ذلك، عند فقهاء الأنظمة، هي المؤامرة، ولا شيء غير المؤامرة، وهذا لا يعني فقط عدم ثقة العربي بنفسه، بل عدم ثقته بقدرة الشعب على الحراك والثورة، إذ يظن الحاكم أن رعاياه وجدوا فقط كي يطيعوه ويسبحوا بحمده، وهم مثله، أكثر عجزاً عن التفكير والحراك، وعندما تقوم ثورة هنا أو هناك، فهي مستوردة ومدعومة من الغرب، فالشعب غير قادر على الحراك والثورة من تلقاء مصالحه واسترداد حريته المفقودة، فالثورة هي صناعة غربية، وهدفها تغيير الحكام حفاظاً على مصالح الغرب، وكأنما هؤلاء الحكام، ليسوا صنيعة هذا الغرب ومصالحه.هذا المفهوم الغربي للعربي، وضعت الثورة العربية الحديثة، حداً له، فالعربي الآن ثائر، واكتشف أخلاقية اللاعنف في التغيير، وهذا يكفي كي يسجل العرب، لهم وللعالم كله، الإبداع الأهم على مستوى العالم، في القرن الحادي والعشرين!!www.hanihabib.com – hanihabib272@hotmail.com