خبر : تونس: سهل اسقاط نظام، صعب بناء جديد/بقلم: يوسي بيلين/اسرائيل اليوم 19/1/2011

الأربعاء 19 يناير 2011 11:01 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تونس: سهل اسقاط نظام، صعب بناء جديد/بقلم: يوسي بيلين/اسرائيل اليوم  19/1/2011



 الثورة في تونس، التي أدت الى فرار الرئيس المطاح زيد العابدين بن علي الى السعودية، ليست الثورة الاولى في العالم العربي. سابقتها وقعت في نيسان 1985، في السودان، على خلفية مشابهة: الرئيس المقرب من الولايات المتحدة، جعفر النميري، الذي علق في مصاعب اقتصادية، دين خارجي كبير، ولم يجد حلا للازمة – تضخم مالي عالي، بطالة وأجر مجمد – دفع الجماهير للخروج الى الشارع. النميري هرب وحل محله أحد ضباطه الكبار، سوار الذهب. الضابط الكبير لم يحسن الوضع ولكنه قاد نحو انتخابات 1986. وتشكلت حكومة ليس لها أي خطط اقتصادية واجتماعية. وغرق السودان أكثر فأكثر، وارتفع دينه الخارجي بـ 2 مليار دولار آخر، وفي 1989 وقع انقلاب واستولى على الحكم عمر حسن البشير، الذي يعمل حتى اليوم في منصب الرئيس وهو مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية على جرائم حرب في دارفور.  لماذا هذا مهم؟ لانه يتبين مرة اخرى كم هو سهل اسقاط حكم، ولكن ايضا كم هو سهل استبدال دولة شرطة علمانية بدولة شرطة دينية متطرفة. دولة الشرطة التونسية التي كان يخيل انها ستصد بقبضة حديدة كل محاولة لضعضعة حكمها، لم تتمكن من الوقوف في وجه محمد بوعزيز ابن 26 سنة، أحرق نفسه عندما صادرت الشرطة بسطته غير القانونية في السوق. هذا الحرق، الذي أخرج الجماهير الى الشوارع وجد الحكم غير جاهز للتصدي للمواطنين، وبعد عدة تنازلات علنية لم تجدي نفعا قرر بن علي انقاذ جلدته. غير أنه من أجل أن يكون لهذه الثورة معنى يجب أن يكون بديل سلطوي يقترح طريقا جديدا لتونس. اذا لم يقم فورا بديل علماني، ليبرالي، يكافح في سبيل حقوق الانسان ومصلحة المواطنين، سينتصر في الانتخابات القريبة المسلمون المتطرفون، لانهم هم الجهة المنظمة الوحيدة في المحيط. دولة شرطة بن علي ستستبدل بدولة شرطة برئاسة رجل دين، والثورة في تونس ستنسى مثلما نسينا الثورة العربية الاولى، تلك التي جرت في السودان قبل 26 سنة.  الثورة في تونس لا تفعل علاقات عامة جيدة للاقتراحات الامريكية في قيادة التحول الديمقراطي على مراحل، وهي لن تدفع الحكام العرب الفرديين الى أن يقترحوا قوانين انتخابات جديدة أن يتنازلوا عن بعض من صلاحياتهم في صالح اطر منتخبة. هذه الخطوات تعتبر بشكل عام مؤشرات ضعف تشجع الجماهير على تصعيد مطالباتها بازالة الحكم القائم. كان هذا صحيحا في روسيا في بداية القرن العشرين، وكان هذا صحيحا في تونس. الرضى الاقتصادي – ذاك القائم في دول الخليج – هو المانع الاهم في وجه الثورات. الدرس لمن يرغب في الحفاظ على حكمه غير الديمقراطي سيكون الخروج عن طوره كي يشعر مواطنوه بالرضى الاقتصادي والا فسيخرجون الى الشوارع. وان لم يكن هكذا – فمثلما روى لنا ماركس الشيخ – فانه لن يكون لديهم ما يخسروه غير قيودهم.