خبر : تسجيل نادر لشهادة مساعد الطيار الذي قصف منزل صلاح شحادة في غزة / بقلم: عميره هاس / هآرتس 7/1/2011

الجمعة 07 يناير 2011 01:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
تسجيل نادر لشهادة مساعد الطيار الذي قصف منزل صلاح شحادة في غزة / بقلم: عميره هاس / هآرتس 7/1/2011



  "من يعلم ما حدث في الثاني والعشرين من تموز 2002؟"، هكذا بدأ كلامه الرائد ت. (الاسم الكامل محفوظ عند هيئة التحرير)، وهو طيار حربي في سلاح الجو. في 19 كانون الاول 2010، شارك ت. في مباحثة موضوعها "حدود الطاعة"، في نطاق مسلسل "جيش في دولة ديمقراطية" الذي تُجريه الجلسة العلمانية في مركز "بناه" في تل ابيب، بالتعاون مع معهد قيادة ومقر عمل "فوم" التابع للجيش الاسرائيلي. تحدث قبله قائد من المظليين، تحدث عن مواجهته رفض الأوامر زمن الانفصال. وصحبهما رجل عسكري أعلى رتبة منهما وأكبر سنّا تدخل في الحديث من آن لآخر. وحضر نحو من 50 فتى يتعلمون في المدرسة العلمانية اعدادا لخدمتهم العسكرية. لم يعلموا ماذا حدث في ذلك التاريخ.             في الثاني والعشرين من تموز 2002 ألقت طائرة اسرائيلية قنبلة وزنها طن على منزل في غزة. كان في المنزل صلاح شحادة قائد الذراع العسكرية لحماس. تحدث ت. الذي كان مساعد الطيار الرئيس في الفريق القاصف، للحاضرين عن اللحظات التي سبقت، وعن القصف نفسه وعن تبين انه قُتل به مواطنون ايضا. بلغ صحيفة "هآرتس" الشريط المسجل لكلام ت. نأتي هنا بكلامه، مع تحرير طفيف وتجاوز لكلمات لم تُفهم بسبب نوع التسجيل. هذا اول نشر علني لشهادة واحد من منفذي القصف الذي قُتل به عدا شحادة ومساعده – 14 مدنيا فيهم ثمانية اولاد.             سبق القصف عدة ايام من الاعداد والتدريب في القاعدة. وفي "الليلة الثالثة" تحدث ت. "(تُسمع) صافرة وآنذاك يُمكّنوننا من الاقلاع. كان ذلك في الحادية عشرة ليلا. أقلعنا من حتسور. بين حتسور وغزة دقيقتا طيران. أقلعنا دقيقتين وقالوا لنا إمضوا وانتظروا في البحر. والبحر في الغرب بعيد في الظلام كي لا نُحدث ضجيجا. فذلك الشخص (الهدف) يشم الطائرات ويسمع الطائرات ويهرب. ننتظر وأقول لنفسي سرا: والله رائع، هو الآن وحده. انه الشخص نفسه وحده..             "كان قائد القاعدة في شوق كبير ليقول لنا من هو. صعد في سلم (الطائرة) في الليلة الثانية.. وقال لنا: تريدان ان تعلما من هو؟ (قلنا له) إنزل من الطائرة، انصرف عنّا، لا نريد أن نعلم.. لانه لا معنى لذلك. لم أعلم من هو ولم أفهم من هو ايضا".             يتابع ت.: "نحن ننتظر الآن في البحر، خمسين دقيقة. قال لي مراقب الرحلة الجوية بجهاز الاتصال: مسموح لك أن تهاجم. قلت: ممتاز.. من المؤكد أنكم رأيتم بالأفلام، الامر يبدو كذلك. خرجنا نحو الشرق، والغرب، ضربنا فانهار المنزل وسقط.. لم نرَ أي شيء حوله، فمن أعلى لا نرى كثيرا. عندي شاشة تلفاز بحيث أرى الهدف. أُصيب، بوسائل مشاهدة ليلية، وأهبط وأنتظر قائد القاعدة. عندما عُدت قال لي: أتعلم من هو؟.             يسأل ت. الحاضرين: "من يعرف صلاح شحادة؟" والأكثرون لا يعرفون. يُجيب ت.: "صلاح شحادة هو رئيس اركان حماس. في 2002 كان ثمة الشيخ ياسين وهو الرجل الروحي، وصلاح شحادة وهو القائد العسكري. قال لي (قائد القاعدة) انه صلاح شحادة، قلت له حسن. لا علم لي عمَ تتحدث وعمن. أصبنا جيدا. يُسمى هذا بلغة سلاح الجو "ألفا" وانتهينا من الأمر ومضينا للنوم. وفي الغد أو في نفس اليوم في الحقيقة، قالوا انه قُتل في هذا الهجوم – صلاح وزوجته وابنته وابنه وآخرون.. هذا هو الموضوع. وأنا أطلقت النار..".             "بعد بضعة ايام من ذلك"، يروي ت.، "جاء ثلاثة رفاق الى وحدة الطيران. ثلاثة رجال احتياط. قالوا: ماذا فعلتم؟، وقد سمعوا من وسائل الاعلام. ذهبتم وقتلتم وذبحتم وت ت ت. (هكذا) قالوا. أوكي، فهمنا. جمع قائد وحدة الطيران الجميع وتحدثنا: تحدثت وحدة الطيران، قد تكون اول محادثة اخلاقية أو الثانية أعرفها. هذا مؤكد في وحدة الطيران أما في سائر الامور (الأحداث والموضوعات) فلا أعلم. أظن أن نعم (تجري محادثات بعد حوادث اخرى). يوجد طوال الوقت كتلك. (في الحديث) الاول الذي تحدثناه.. عرضنا الحادثة من البداية حتى النهاية وقلنا.. (فقد) قالوا لي: مسموح لك أن تُصيب. لو كنت علمت بأنه يوجد 14 شخصا معه.. ماذا كنت أفعل؟".             شخص ما من الجمهور: "تقوم بالعمل".             ت: "ماذا أنا؟".             شخص ما من الجمهور: "تفعل العمل الأفضل، اجل، لانك ربما كنت في هذه المرحلة بالتأكيد مليئا بالأدرينالين من جهة وأنت على الطائرة بالتأكيد.. قبل ثوان من مهاجمتك. فلو ترددت فثمة احتمال ان تزداد حماسة وتقتل اشخاصا آخرين".             ت: "ليس مؤكدا أنني كنت أهاجم على هذا النحو.. تحدثتم عن أمر عسكري قانوني وغير قانوني وسنتحدث في هذا في الحال. لو كنت أعلم المعلومات الاستخبارية التي لم تصلني على عمد، فليس هذا عملي، أعلم، فليست لي الصورة الاستخبارية الكبيرة التي هي لشخص آخر. لو كنت أعلم انه توجد صورة استخبارية تتصل بأمور لا تجوز لي لما هاجمت. ما كان يجوز لي أن أُهاجم".             شخص ما من الجمهور: "لو كنتَ علمت بأنه كان هناك 14 أما كنتَ تُهاجم؟".             ت: "لو كنت أعلم في الوقت الذي كنت فيه في الجو؟ في اللحظة التي أُقلع فيها أتحول الى آلة حرب. الى أن أعلم، الى هذا الخط الذي أعلم عنده أنني أفعل شيئا ما غير جيد. هذا الشيء غير الجيد هو أن تقتل اشخاصا غافلين".             شخص ما من الجمهور: "الاستخبارات علمت".             ت: "دع الاستخبارات، أنا لا أحقق معها. ربما تكون علمت وربما لا".             شخص ما من الجمهور: "هذا نوع من إخفاء معلومات".             ت: "ليس هذا إخفاء معلومات. يوجد هنا تفريق واضح جدا.. أريد فقط أن تنظر الى وجهة نظري باعتباري طيارا. لم أعلم.. علمت انه يوجد شخص ما، وعلمت أنني أعمل منذ زمن طويل على هذا الأمر، والآن أُهاجم بالصورة الأكثر فنية".                         لم يكن لي خيار             المسؤول الرفيع: "كي تفهم نظام تقديرات الطرف الثاني – هو في الجو. لا نُشركه في نظام التقديرات. يوجد مدير عملية يتخذ القرارات. مدير العملية يعرف التفاصيل واذا لم يعرفها فذاك خطأ. وقد يكون بالمناسبة عرف التفاصيل وان يكون هذا قرارا اتخذه على عِلم وهو ان يُقتل أبرياء لأن الهدف سوّغ ذلك".             شخص ما من الجمهور: "لكن هذا ليس باختيار".             المسؤول الرفيع: "لا يعلم الطيار في الجو (ما الذي أُخذ) في نظام التقديرات، واذا أُعطي الموافقة على تنفيذ اطلاق النار فانه ينفذ اطلاق النار".             عدد من الاشخاص من الجمهور: "لكنه لا يملك الخيار".             المسؤول الرفيع: "لا خيار له. لم يكن له خيار، صحيح".             ت: "لا اختيار لي. كان اختياري كله قبل ذلك، في البدء على الأرض، وفي التوقيت واختيار القذيفة وعد الصواريخ وكم ستُحدث القذيفة من الضرر وما أشبه، لكنك في الجو لا تملك اختيارا. عندك تقديراتك المهنية لكنك لا تستطيع أن تسمح لنفسك بتقديرات تتجاوز ذلك. أعرف حالة ما. كانت في رأيي في سلامة الجليل، في صور، حيث كان ثم أمر عسكري غير قانوني على نحو ظاهر لم ينفذه الطيار.             "(بعد أن تبين عدد القتلى) كان ثمة محادثة اخلاق في وحدة الطيران، محادثة اخلاقية. لا أملك باعتباري طيارا امكانية اختيار أن أهاجم سوريا أو لبنان أما غزة فلا. لا استطيع فعل هذا الشيء. في المناطق لا أما في ايران فنعم – هذا مجرد مثال. يجب علي في كل مهمة يعطونني إياها أن أنظر في المرآة. هذا صحيح بالنسبة لكل واحد، في الجو والبحر. انظروا في المرآة وقولوا، هل أنا قادر على تنفيذ هذا الامر؟ لو كان الشخص الذي يأتي ويقول فكَّر قبل ذلك – هل هو قادر على القيام بالمهمة وما الذي حدث هناك بالضبط، لكان ينظم لنفسه حدود الطاعة لهذه المهمات أو غيرها. أليس لي حق الاختيار في الوقت المناسب للاختيار؟ لحظة، يا قائد وحدة الطيران. لا تُلقِ علي الهجوم على المناطق لأنني لا أرغب في ذلك ولا أراه. لو رفضت مهاجمة المناطق لما استطعت أن أُهاجم لا سوريا ولا لبنان ولا أي مكان آخر.             "إن كل الرقابة والانتقاد والتخطيط المسبق أقوم بها سلفا. استطيع المشاركة في التخطيط، وهذا شيء سنتحدث عنه في الحال. كيف شعرت؟ شعرت ان القلب مع هذه المهمة تماما. لانه في ضوء هذه الظروف، كان مستواي المهني أو النتيجة النهائية التي أحدثتها مطابقة تماما لما توقعوا مني وكانت جيدة جدا. وتوجد الدوائر الواسعة، لأسفي الشديد، حيث قُتل مدنيون آخرون كثيرون نسبيا. هذا هو الحدث المتقدم في هذه الاثناء عندما يتحدثون عن.. الاغتيالات المركزة وكذلك عن.. مبدأ التناسب. ينظرون جيدا جدا هل المهمة الوشيكة تتعرض للمس بأشخاص من المدنيين.             "حتى بعد الرصاص المصبوب، ما زالت هذه الحادثة تشغل الى اليوم في المستوى المبدئي دولة اسرائيل اخلاقيا. فهنا يتم التعبير عن موضوع: "كم استطيع التأثير في المهمة". وماذا تعني طاعة الأمر؟ هذا يبدو واضحا جدا أن تُطيع الأوامر، فنحن نلبس البزة العسكرية وما أشبه.. وهذا كذلك جهاز عسكري في دولة ديمقراطية، وعندنا ايضا في الجيش الاسرائيلي، نستطيع الاعتراض في اماكن ما على المهمة وعلى الأمر العسكري، وأن نفكر وأن نعترض من جهة انتقاد المهمة وما أشبه ما كانت المهمة قانونية. تعالوا نبقَ في حدود المهمة القانونية.. أين نفعل هذا؟ في الأساس في المرحلة السابقة في التخطيط، نفعل هذا دائما، لكن في المرحلة السابقة التي يجب علينا فيها أن نفكر ولا نجري داخل النار مع الرفاق. يجب علينا أن ننتبه الى أننا نقوم بالرقابة الصحيحة كي نُضائل قدر ما نستطيع، مثلا، المس بالمدنيين".               لا توجد حروب معقمة             شخص ما من الجمهور: "هل يجب على الوحدة الاستخبارية أن تمنحك ايضا هذه المعلومات الاستخبارية؟ أنه في عشاء مع عائلته. أكان احتمال ألا تنفذ القرار؟ أكان احتمال أن تقول حسن لا بأس، انه في عشاء؟".             ت: "لا نصنع القرارات هناك في قلب العاصفة داخل الطائرة بل نصنعها على مائدة هادئة وما أشبه. الاشخاص الذين استعملونا، وأعطونا الامر العسكري، هم الاشخاص، وهذا في المستوى الأعلى لدولة اسرائيل. انهم هم الاشخاص الذين يعلمون هل يحسن الهجوم، وما هو مبدأ التناسب وما أشبه في ذلك الوقت. وقد عبرت عن رأيي في هذه المرحلة. أما في اللحظة التي أُغلق فيها غطاء الطائرة وأتحول الى طيار حربي ينفذ المهمة فانني أمضي لتنفيذ المهمة وذلك بعد كل مرحلة الحديث والخواطر".             يُكمل المسؤول الرفيع: "لهذا.. فان ما حدث، في اللحظة التي ارتفع فيها في الجو، لم يعد الأمر عليه، يجب أن ينفذ المهمة على أكثر الصور مهنية. لو حدث خلل أو اجراء عدم نجاح لاصابة الهدف لتحمل المسؤولية. لكن اتخاذ القرار ليس من مسؤوليته".             اصوات من الجمهور: "ماذا يهم لمن تكون المسؤولية؟".             المسؤول الرفيع: "يجب أن نفهم هنا لحظة الصورة. إن عدد المصابين غير المشاركين الذين نُسميهم أبرياء، في عمليات الجيش الاسرائيلي في السنين العشر الاخيرة (أقل) بِعش .. بمئات الدرجات المئوية من المصابين (على أيدي القوات الامريكية) في العراق أو في اماكن اخرى في العالم.  بمئات الدرجات المئوية. فروق آلاف الاشخاص. (نسبة) غير المشاركين ممن يصيبهم الجيش الاسرائيلي (منخفضة جدا).             "لا توجد حروب معقمة. يقع هذا، يجب علينا أن نعمل قدر المستطاع والجيش الاسرائيلي يعمل لمضاءلة ذلك. يجب أن نفهم ان كل حادثة كهذه، وأتحدث ايضا عن هجمات كثيرة جدا لأناس أخفض رتبا لا بواسطة طائرات مع طيارين فقط، يُجيزها مستوى رئيس الحكومة في اسرائيل. بخلاف اماكن (جيوش) اخرى في العالم حيث يتلقى قائد عسكري منطقة ويريد جدا النجاح وينفذ كل ما يريد تقريبا. لا يبلغ الامر هذه المستويات المجنونة. تقع أخطاء، واختلالات، ونحن نجتهد في مضاءلتها قدر المستطاع".