خبر : تحذير مسبق / بقلم: شمعون شيفر / يديعوت 7/1/2011

الجمعة 07 يناير 2011 01:08 م / بتوقيت القدس +2GMT
تحذير مسبق / بقلم: شمعون شيفر / يديعوت 7/1/2011



مئير دغان دخل أمس قبل المساء الى مقعده الخلفي في سيارة جيب مدينية بلون سكني. قبل لحظة من اغلاقه الباب، تمكن من اعطاء عناق وقبلة لعاملة شابة رافقته الى السيارة. وهكذا بهدوء خرج من بوابات الموساد التي وقف على رأسها أكثر من ثماني سنوات. قبل ذلك، في ساعات الصباح، جرى بمشاركة رئيس الوزراء نتنياهو احتفال نقل القيادة على الجهاز الى تمير باردو. الدموع خنقت حناجر الكثيرين من العاملين في الموساد الذين ودعوا القائد المحبوب الحريص، الذي يتدخل حتى آخر التفاصيل في كل مهمة وعملية يرسلون اليها. وفي احاديث الوداع التي أجراها دغان مع العاملين تحدث عنهم كأفضل من لشعب اسرائيل بالقياس الى كل جهاز آخر. "أناس مفعمون بالرسالة"، مستعدون لان يضحوا بحياتهم من أجل أمن ورفاه مواطني الدولة. قبل بضع سنوات التقيت بدغان في حديث ليلي طويل، بناء على تعليمات من رئيس  الوزراء ارئيل شارون. في مكتبه المتواضع في مقر الموساد لم تخفى عن العيون هدايا منحها له رؤساء دول: سيوف من ذهب صاف مزينة بحجارة كريمة باهظة الثمن. شارون أشركني في قراره تعيين دغان لرئاسة الموساد. "فهو شجاع بشكل غير عادي، رأسه مليء بالاحابيل، وهو ابداعي"، قال وعندها اضاف: "عندما أقرر حسب احساس بطني وليس حسب مشورات الاخرين، فاني أكون محقا". وقد كان محقا. لقد صاغ شارون بوضوع توقعاته من دغان: أنت ستعنى فقط بتهديدين اثنين وبسبل ازالتهما عن اسرائيل – ايران وايران. وبتعبير أكثر تفصيلا كان دغان مطالبا بان يعالج التهديدات من جهة ايران والمنظمات المرتبطة بها – حزب الله في لبنان ومنظمات الرفض الفلسطينية – التي تخطط للمس باسرائيل وباهداف اسرائيلية في ارجاء العالم. وحسب اختبار النتيجة، فقد حصد دغان نجاحا هائلا. في عهده منعت الموساد قتل واصابة الكثير من الاسرائيليين، وحسب منشورات أجنبية نجحت في ان تبعد ايران عن الوصول الى قدرة نووية. من المحادثات  التي أجراها دغان مع اصحاب القرار في البلاد ومن وثائق نشرت في موقع ويكيليكس تتبين رسالة واضحة: "دغان يؤمن بانه حيال ايران الفكرة هي تحقيق تأخير، تأجيل آخر دون الدخول في مواجهة جبهوية من خلال الهجوم. لدغان رأي جد واضح، وفي الماضي قاله ان على اسرائيل الا تخرج الى الحرب الا عندما تتعرض للاعتداء او عندما تكون الحربة موضوعة على الرقبة، وليس مجرد موضوعة بل تبدأ بالقطع في اللحم لحي. هذا بالطبع لا يعني أنه لا ينبغي لاسرائيل أن تستعد لامكانية هجوم في اوضاع متطرفة. حسب اقواله عليها أن تفعل ذلك فقط في اطار شراكة دولية. ارئيل شارون حرص دوما على ان يقول ان ليس اسرائيل هي الرائدة للصراع ضد المسعى الايراني بالتزود بسلاح نووي. وحسب كتاب جورج بوش الابن، فقد التقى مئير دغان مع الرئيس الامريكي عدة مرات وعرض عليه معلومات حصرية عما يجري في منطقتنا في هذه المسألة الحساسة. يخيل لي أن دغان أدى أدوارا لم يسبق أن ابداها اسلافه من قبل، في كل ما يتعلق ببلورة القرارات المتعلقة بالامن القومي لاسرائيل. موقع التسريبات ويكيليكس سبق ان ألمح في الاسابيع الاخيرة بمخزون ضخم من البرقيات السرية جدا التي قد تنشر عن افعال رئيس الموساد وعن تقديراته للوضع والتي اثرت ايضا على مواقف رؤساء دول في المنطقة، في اوروبا وفي الولايات المتحدة. في الشهرين الاولين بعد تسلم قيادة الموساد نفذ دغان سلسلة خطوات أثارت عليه حفيظة الكثيرين من متقاعدي الموساد وعامليها، ممن وجدوا صعوبة في قبول طرق عمله. ذات مرة روى، مثلا، بان قراره الغاء اذون الدخول لمئات المتقاعدين ممن درجوا على الوصول لتناول وجبات الغداء المدعومة في غرفة الطعام في الموساد – وفي الساعات التي تجولوا فيها في النطاق جمعوا ايضا معلومات تسربت الى وسائل الاعلام اثارت عليه غضب القدامى. تولى دغان منصبه تحت ثلاثة رؤساء وزراء: ارئيل شارون، ايهود اولمرت وبنيامين نتنياهو. شارون كان دغان معجبا به، واقام مع اولمرت علاقات عمل فائقة. ومع نتنياهو اقام علاقات سليمة لا أكثر. قبل أن يغادر مقر الموساد، لم يخشى دغان أيضا من أن يذكر اخفاقاته اللاذعة: الوصول الى معلومات بشأن مصير رود اراد، وكذا الايفاء بالطلب الاخير لام مساعد الطيار في اكتشاف ما حصل لمصير الجنود من المعركة في السلطان يعقوب في حرب لبنان الاولى – واعادة الى الديار، بعد خمس سنوات، جلعاد شليت.