خبر : "بالون اختبار" إسرائيلي.. في واشنطن!! .. هاني حبيب

الأربعاء 10 نوفمبر 2010 09:12 م / بتوقيت القدس +2GMT



.. مرة أخرى يقع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ضحية لنزق رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو وغطرسته وتطرفه، وكأنما هما على وعد دائم بأن تشكل العلاقة بينهما ازدراء الثاني للأول بطريقة مدهشة وفاقعة. قبل عدة أشهر وبينما كان الاول في زيارة رسمية للدولة العبرية، فاجأه نتنياهو بسلسلة من القرارات المتعلقة بالتوسع الاستيطاني الجديدة، مع ان الثاني، كان يهدف من وراء زيارته تلك إلى وضع حد لهذه القرارات في سبيل تسهيل اطلاق العملية التفاوضية، بلع الاول غطرسة الثاني رغم ما صدر من تنديد واستغراب. هذه المرة لا يختلف الامر، سوى ان الثاني كان في زيارة للأول، وتكررت القرارات المفاجئة بتوسع استيطاني جديد في مدينة القدس، هذه المرة اكثر صعوبة على بايدن، لأنه سمع ان هذا القرار قد صدر اثناء خطابه أمام الاتحادات اليهودية في نيواورلينز، خطاب جدد فيه نائب الرئيس الاميركي الدعم بلا حدود للدولة العبرية.بايدن، وهو في حمى مفاجأة من نوع جديد، أعرب عند اجتماعه، بعد "خطابه التاريخي" مع نخبة المجتمع اليهودي في نيواورلينز، عن دهشته – وليس صدمته – من خلال سؤال لم يعرف إجابته: ماذا يريد نتنياهو حقاً؟ لقد قال انه سيدفع الثمن اللازم من أجل السلام، ولكن كيف نفسر ما أقدمت عليه حكومته اليوم؟! هذه الاسئلة ربما تحملها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى نتنياهو عندما تلتقيه غداً الخميس، وقد تجد إجابات لها، تضطر الى أن تعتبر نفسها قد اقتنعت بها.. هكذا تجري الامور عندما تعتقد اسرائيل، ان الرئاسة الاميركية باتت اكثر ضعفاً.ولا أعتقد ان هذا القرار الاستيطاني وتوقيته، قد جاء بالصدفة، بل انه عمل متعمد في توقيت مدروس بعناية ودقة، قرار عبارة عن "بالون اختبار" لدراسة مدى رد الفعل الاميركي بعدما تحولت المعادلة الحزبية في الكونغرس لصالح الحزب الجمهوري المعارض، النتائج المتمخضة عن هذا الاختبار هي التي ستشكل دليلاً في المستقبل للخطوات الاسرائيلية المتعلقة بالتسوية السياسية على الملف الاسرائيلي – الفلسطيني وكيفية تعامل الادارة الاميركية مع هذه الخطوات.ومن المعروف، أن كلينتون، وقبل أن تلتقي بنتنياهو غداً الخميس، ستلتقي بوزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط، الذي قيل انه يحمل رؤية جديدة تتعلق بإطلاق العملية التفاوضية، على الرغم من استمرار الاستيطان، مقابل إعادة نشر اسرائيل لقواتها في الضفة الغربية، اي الانسحاب من بعض المناطق، وإزالة الحواجز من بين مداخل المدن والقرى، وتسهيل إقامة المشاريع التنموية في الضفة الغربية، واذا كان ذلك صحيحاً، فإن نتنياهو عندما يسمع مثل هذه الرؤية، لن يكون بحاجة الى ايضاح او تفسير لأسئلة كلينتون، بل انه سيتعامل مع قرارات الاستيطان باعتبارها أمراً طبيعياً على الولايات المتحدة، كما العرب، التعامل معها باعتبارها شأناً داخلياً إسرائيلياً، ولا حاجة لردود فعل او اعتبار هذه القرارات عقبة أمام اطلاق العملية التفاوضية، وهو التفسير الوحيد لشعار اسرائيل الفاعل والحقيقي، ان هذه العملية يجب أن تبدأ وتستمر من دون شروط مسبقة!!والأكثر إدهاشاً، ما جاء على لسان فيليب كراولي الناطق بلسان الخارجية الاميركية والذي قال في مؤتمر صحافي معقباً على القرار الاستيطاني الاسرائيلي الجديد: "يحتمل أن هناك أحداً ما في اسرائيل يريد أن يحرج رئيس الوزراء ويخرب على المسيرة".. لكن ما أضافه الناطق هو العجب عينه، إذ قال: "هذا بصراحة السبب الذي يجعلنا نشجع الطرفين على العودة الى المحادثات المباشرة والتغلب على هذه الموضوعات وجهاً لوجه"، أي ان الناطق تعامل مع المسألة باعتبارها في نهاية الأمر، مسألة واقعية، وهي مدعاة لإطلاق العملية التفاوضية، وليس الضغط على نتنياهو وحكومته للتراجع ووقف او تجميد الاستيطان، شرطاً لا بد عنه لإطلاق العملية التفاوضية، شرطاً أميركياً، ودولياً، حتى قبل أن يكون شرطاً فلسطينياً.إدارة نتنياهو، وخلال تجربتها قرابة العامين في التعامل مع إدارة أوباما، كانت تدرك أن البيت الابيض، يسعى الى إجراء تعديل في حكومة اسرائيل من خلال استبدال حزب اسرائيل بيتنا بقيادة ليبرمان، واستبداله بحزب كاديما بقيادة ليفني، لتصبح حكومة نتنياهو أقل يمينية وأقل تشدداً فيما يتعلق بالعملية التفاوضية على الملف الفلسطيني – الاسرائيلي، محاولات واشنطن لم تنجح، غير ان الذي نجح، تلك التعديلات المهمة على الخارطة الحزبية الاميركية، أي ان التعديل تم لجهة معسكر اوباما وليس معسكر نتنياهو، هذا الاخير بإمكانه الآن أن يقول إن "السحر انقلب على الساحر"، وان على ادارة اوباما الآن أن تستمع جيداً لما تريده ادارة نتنياهو، وان هذا الاخير، هو الذي يجب عليه أن يخشى من الضغوط، ويخشى من عدم قدرته على الاستمرار بولاية ثانية اذا لم يتجاوب مع المطالب الاسرائيلية.سرعة تعاطي حكومة نتنياهو مع ضعف ادارة اوباما، أذهلت العديد من المحللين السياسيين في اسرائيل، هؤلاء الذين سبق أن أشاروا، حتى في الأشهر الاولى لإدارة اوباما، الى ان اسرائيل ليس لها مصلحة في إضعاف الرئيس الاميركي، أياً كان الرئيس جمهورياً أم ديمقراطياً، ذلك ان اسرائيل جزء من المعسكر الاميركي، وهذا المعسكر، اذا كان يجب عليه المحافظة على مصالح الأعضاء وأمنهم، يجب أن يكون قوياً بقوة رئيسه، وان على اسرائيل، حسب هؤلاء، أن لا تظهر وكأنها طرف في المعادلة الداخلية الاميركية، لأن ذلك يضر بسمعتها على المستويات الرسمية والشعبية والرأي العام الاميركي.ويجب على اسرائيل، حسب هؤلاء، ألا تهلل فرحاً بضعف ادارة اوباما، فهذه الادارة يجب أن تكون قوية لتستخدم الفيتو دائماً لصالح اسرائيل، في مواجهة حلفاء أميركا الآخرين، وهي، ادارة اوباما، التي لا تزال تمسك بخيوط الملفات الخطيرة الاخرى، كالملف الإيراني، واذا ما تطلب الأمر، فهي التي ستتخذ خطوات لتشديد الخناق على طهران عبر حصارها من خلال قرارات دولية، وهي وليس غيرها، من يملك القوة السياسية والحربية، لاستخدام السلاح اذا ما تفاقمت الأمور على الملف الإيراني، وهي التي ستنقذ اسرائيل اذا ما نشبت هناك أزمة أو أزمات، وهذا يتطلب، ادارة أميركية قوية، اسرائيل والحال هذه، يجب أن لا ترفع راية النصر وهي ترى ادارة اوباما اكثر ضعفاً، لأن في ذلك إضعافاً لإسرائيل من حيث تدري أو لا تدري!!. www.hanihabib.net