خبر : خطة أوباما .. الافتراضية!! .. هاني حبيب

الأحد 24 أكتوبر 2010 11:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
خطة أوباما .. الافتراضية!! .. هاني حبيب



هل نجح الرئيس الأميركي باراك أوباما فعلاً في مسعاه الافتراضي لإضعاف حكومة نتنياهو وعزلها وجعلها بؤرة مرضية في رأي العالم كله؟ هذا التساؤل يفرض نفسه إزاء بعض المقولات التي أخذت تتزايد في إسرائيل, خاصة من أصحاب الرأي المعترضين على سياسة رئيس حكومتهم إزاء العملية التفاوضية والعقبات التي نجح نتنياهو في إقامتها لسد الطريق أمام أية انطلاقة فاعلة لهذه العملية, يقول هؤلاء إن هناك خطة كانت لدى أوباما تقضي بأن إسرائيل في ظل هذه الحكومة اليمينية, والتي اتخذت من التوسع الاستيطاني هدفاً معلناً لبرنامجها, وتلتف كل الكتل الوزارية من خلفها, وفي ظل عدم قدرة إدارة أوباما على إلزام إسرائيل, من خلال ضغط حقيقي على التراجع عن العملية الاستيطانية, وفي ظل قدرة نتنياهو, لهذه الأسباب وغيرها على الحفاظ على حكومته من خطر السقوط, في ظل كل ذلك, ليس هناك من مفر, بنظر أوباما حسب هؤلاء, إلاّ أن تسعى إدارته إلى إضعاف هذه الحكومة وعزلها, ما يسبب بلورة رؤية على نطاق دولي, لنبذ هذه الحكومة, ما يجعل إمكانية إضعافها أكثر واقعية, وبحيث يسهل ذلك, للولايات المتحدة بعد الانتخابات الجزئية للكونغرس, وبالتعاون مع المجموعات الدولية, كالاتحاد الأوروبي, والمؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز, من توجيه ضربة سياسية قاسمة وحاسمة لإسرائيل, ابتداء من الجمعية العامة للأمم المتحدة, تمهيداً لطرح القضية الفلسطينية على مجلس الأمن من أجل انتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، وبحيث تبدأ مفاوضات جدية بين دولتين, دولة فلسطين ودولة إسرائيل... وفي غضون ذلك, لا يكون أمام نتنياهو بعد تصاعد الحملة المعارضة الداخلية ضد حكومته, إلا أن يلجأ إما إلى انتخابات برلمانية للكنيست الإسرائيلية, وهذا مستبعد, أو إجراء تعديل حكومي يتم بمقتضاه, طرد حزب إسرائيل بيتنا بزعامة ليبرمان, لكي يحل محله حزب كاديما بزعامة ليفني, ما يجعل البرنامج الاستيطاني للحكومة الحالية في مهب الريح, ولو نسبياً إذ إن كافة الأحزاب الإسرائيلية لا تعارض الاستيطان, ولكن لديها تكتيكات قد ترضي الولايات المتحدة بهذا الشأن.ويتساءل هؤلاء المعارضون لسياسات نتنياهو التفاوضية ــ الاستيطانية: إلى أي مدى يمكن لهذه الحكومة أن تستمر في صد الولايات المتحدة وإحراج إدارتها, وإضعافها أمام الجمهور الأميركي والرأي العام الدولي, كما فعلت وتفعل الآن, وهل ما كان ممكناً قبل الانتخابات الفرعية للكونغرس الأميركي, أصبح ممكناً بعده؟ ويتبرع هؤلاء بالإجابة قائلين إن إدارة أوباما, ليس أمامها من خيار, بعد الانتخابات الفرعية للكونغرس إلا أن تمنح الملف الفلسطيني ــ الإسرائيلي كل الاهتمام, وهذا يعني أن هذه الإدارة ستفتح ترسانتها السياسية في مواجهة التصلب الإسرائيلي, ووفقاً للخطة آنفة الذكر, فإن كل الساحات الإقليمية والدولية باتت مهيأة للانقضاض على حكومة نتنياهو إذا لم يجر تعديلات جوهرية عليها تطال برامجها وسياستها فيما يتعلق بالعملية التفاوضية والتي باتت تجري بين الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من أنها بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل!!.زعماء يهود أميركيون, اجتمعوا مؤخراً في القدس الغربية, نصحوا نتنياهو بضرورة التوصل إلى تجميد آخر للاستيطان بالاتفاق مع إدارة أوباما, وقد أعرب هؤلاء, وفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن قلق بالغ إزاء تدهور العلاقات الإسرائيلية الأميركية وحملوا مسؤولية هذا التدهور, وبشكل صريح أحياناً إلى سياسات حكومة نتنياهو, وقد أبلغ هؤلاء رئيس الحكومة الإسرائيلية أن هناك موجة عداء متزايدة في الولايات المتحدة الأميركية ضد إسرائيل, حتى لدى هؤلاء الذين لا يؤيدون أوباما, وكذلك هؤلاء الذين يؤيدون إسرائيل, وأن ما كتبه توماس فريد مان مؤخراً في الصحافة الأميركية هو أحد أبرز أشكال التعبير عن هذا التراجع في دعم إسرائيل.وفي هذا السياق, يمكن فهم تمترس الجانب الفلسطيني وراء حجته بضرورة توازي العملية التفاوضية مع وقف تام للعملية الاستيطانية, وأن هناك بدائل مطروحة في حال لم ينجح الضغط الأميركي لوقف الاستيطان ووصول العملية التفاوضية بشكل نهائي إلى طريق مسدود, وقد يقال إنه ليس أمام القيادة الفلسطينية سوى اتخاذ هذا الموقف, الذي يجد تفهماً من المجتمع الدولي, ولو بتردد, ذلك أن الجانب الفلسطيني أبدى خطوات متراجعة عن مواقفه السابقة لتسهيل انطلاق العملية التفاوضية في الوقت نفسه الذي كانت فيه حكومة نتنياهو تضع اشتراطات جديدة بعد كل خطوة, هذا الموقف ما زال الجانب الفلسطيني ثابتاً عليه بعد استعصاءات نتنياهو, قد يساعد إدارة أوباما على عزل إسرائيل إذا كانت هناك خطة بهذا الصدد, ويجعله أكثر قدرة على حشد النطاق الدولي وراء الضغط باتجاه خيار طرح المسألة الفلسطينية على المنظمة الدولية!.وليس بعيداً عن خطة أوباما الافتراضية, فإن السرعة المتزايدة في الاستيطان وبشكل قياسي بعد فترة التجميد, يفسرها أصحاب هذه الخطة, بأنها وليد رؤية لدى نتنياهو يعرف بمقتضاها أن عجز الإدارة الأميركية عن الضغط عليه لن يستمر طويلاً, وعامل الوقت هنا هو المسيطر, وعليه فرض حقائق على الأرض قبل أن يجبر بناءً على الضغط المحتمل, على وقف أو تجميد الاستيطان, وحتى لا يصبح هناك أرض يمكن للمفاوض الفلسطيني أن يفاوض عليها, وتتحول المفاوضات إلى هدف آخر وهو وقف الاستيطان حتى النقطة التي وصل إليها.والتحذير الذي أطلقه مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مؤخراً من أن استمرار البناء الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية قد يجعل من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قابل للنقض, هو بمثابة تسجيل موقف دولي, يشير إلى أن جوهر العملية التفاوضية, أي قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل, قد بات خلفنا ولم يعد بالإمكان تحقيقه, حتى لو انطلقت عملية تفاوضية حقيقية, إذ ليس هناك ما يمكن التفاوض عليه إلا إذا تعلق الأمر بالاعتراف بالوضع القائم, مع بعض التحسينات الصورية لا أكثر.وبالتالي, فإننا الآن أمام موقف صعب وعسير, وخطة أوباما الافتراضية, إذا كان لها أن تعطي بعض الثمار, فعليها أن تبدأ الآن.. وليس بعد الانتخابات التشريعية الأميركية, فالوقت من أرض ودم!!.