خبر : كبح الاستيطان ورسائل "المُقالة" بئس وبؤس السياسة ..ماجد عزام

الإثنين 04 أكتوبر 2010 12:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كبح الاستيطان ورسائل "المُقالة" بئس وبؤس السياسة ..ماجد عزام



                          حملت المستجدات الاخيرة على الساحة الفلسطينية العديد من الدلالات على بؤس السياسة الرسمية وعجزها عن ادارة الصراع مع اسرائيل كما ينبغى فموقف السلطة في رام الله  المطالب بتمديد الكبح المؤقت للاستيطان رغم ظاهره الايجابى والصائب الا انه يستبطن منحى تراجعيا عن المواقف المعلنة للسلطة حتى فترة قريبة مضت اما رسائل الحكومة المقالة الشفوية وغير الشفوية للادارة الامريكية فتحمل بدورها دلائل على التخبط وفقدان البوصلة وبذل الجهود فى غير مكانها واوانها .عندما اعلنت اسرائيل فى تشرين ثان نوفمبر الماضى عن قرار الكبح المؤقت والجزئى للاستيطان فى الضفة الغربية  رفضته السلطة عن حق جملة وتفصيلا وفندته سياسيا كما يجب كونه استثنى القدس والوحدات قيد الانشاء والمؤسسات والمبانى الرسمية وتلك المتعلقة بالبنى التحتية ما سمح باستمرار البناء فى اربعة الاف وحدة سكنية تقريبا الامر الذى دعى الوزير بينى بيغن –احدى الشخصيات الاكثر نزاهة بالمعيار الاسرائيلى طبعا- للتبجح والقول ان فترة الكبح المؤقت ستضمن اضافة عشرة الاف مستوطن الى المستوطنين فى الضفة الغربية والبالغ  عددهم ثلاثمائة ألف تقريبا .الان تطالب السلطة بتمديد القرار الجزئى والمخادع-حسب تعبيرها- فى منحى تراجعى ينم عن  بؤس السياسة والافتقاد الى استراتيجية ورؤية متماسكة لادارة الصراع كما لتكتيكات التفاوض وما نحن بصدده لا يختلف جوهريا عن مسيرة التراجع والتخبط طوال العقود الماضية بدءا بقرار التقسيم  وصولا الى الكبح المؤقت مرورا بـ 242 و338 وخارطة الطريق وتقرير تينيت- ميتشل وحتى تقرير غولدستون الاخير .غير ان الغريب ان ثمة مبالغات فى الاشادة والتبطيل-لموقف السلطة الحالى –رغم انه صائب- بوصفه نجاحا سياسيا وديبلوماسيا بارزا وكبيرا وهذا غير صحيح لانه يمكن الحديث عن أي شىء الا النجاح فيما يتعلق بقضية الاستيطان  كون السلطة فاوضت طوال الوقت فى ظل الاستيطان وللتذكير فقد كان عدد المستوطنين فى الضفة 130000 عند توقيع اتفاق اوسلو وبات عددهم الان 300000  كما ان الاستيطان  يظهر عدم مهنية واحترافية المفاوضين الفلسطينيين و وهم يعترفون  بالاخطاء التى ارتكبوها خلال عقدين وادت الى ضياع المزيد من الارض-حسب معادلة نبيل شعت المفاوضات تهدف الى تطبيق قاعدة الارض مقابل والسلام ولا معنى لها اذا استمرت سرقة الارض عبر الاستيطان- ولكن دون ان يصل الامر الى الاستخلاصات الشخصية والسياسية المناسبة والضرورية. الى ذلك يجب الانتباه ان ملف الاستيطان يوحى احيانا  ورغم اهميته وكانه المركزى والمحورى فى المفاوضات وهو اتاح لنتن ياهو تطبيق الاسلوب الاسرائيلي التقليدي عبر اغراق المفاوضات فى التفاصيل والجزئيات و  والحوار مع المجتمع الدولى انطلاقا من سقف عالى فاما مواصلة التجميد والحصول على ضمانات سياسية وامنية وايديولوجية فائقة الاهمية او  استمرار الاستيطان بوتيرة منخفضة وفق حلول وسط وعلى قاعدة ان الاولوية القصوى هى للمفاوضات سعيا للتوصل الى اتفاق سلام نهائى خلال عام .وفى كل الاحوال فان المشروع الاستيطانى حقق اهدافه الاستراتيجية فى الضفة الغربية عبر السيطرة على منابع المياه وتكريس مبدا تبادل الاراضى بدلا من مبدا الاخلاء والتفكيك الكامل وهو يقترب من ذلك فى القدس الشرقية-يحتاج الى عام تقريبا- وتحديدا محيط الحرم القدسى الشريف وذلك حصل  خلال العقدين الماضيين وتحت ستار او غطاء التفاوض فى ظل اهمال جسيم وكارثى من قبل مفاوضينا الاشاوس الذى قبلوا بالتفاوض  النظرى من اجل تطبيق معادلة الارض مقابل السلام بينما كانت هذه تسلب  وتنهب بشكل يومى تقريبا  وهم يعتبرون ذلك الان مجرد خطا   لا داعى للتوقف عنده او التامل ,والتفكر فيه طويلا . المشهد السياسى يبدو مشابها من حيث الجوهر فى غزة لجهة بؤس السياسة الرسمية المتبعة وخوائها ولكن دون الدرجة  نفسها من النتائج الكارثية فالامانة العامة للحكومة المقالة تباهت بتوجيه رسائل عدة الى الادارة الامريكية  وجهات اخرى لشرح المواقف السياسية التى تتضمن ثوابت الحد الادنى الفلسطينية-دولة ضمن حدود حزيران عاصمتها القدس مع حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 1967- الامانة العامة لا تريد ان تعترف بالبطالة المقنعة التى تواجهها الحكومة كما معظم فئات الشعب الفلسطينى المضطهد والمظلوم والصابر وهى لم توجه فى الحقيقة الا رسائل استجداء لامريكا تنم عن تخبطها وفقدانها للبوصلة و تدينها فى الجوهر وتطرح اسئلة صعبة ومحزنة عن اسباب الانقسام فى ظل التوافق  السياسى وخلفيات اعطاء الاولوية للحوار مع الخارج على حساب الداخل وترتيب البيت الوطنى الفلسطينى .انهاء الانقسام السياسى والجغرافى لا يقدم الحل السحرى لكل المشاكل والتحديات التى نواجهها كفلسطينين ولكنه يمثل الخطوة الاولى باتجاه المراجعة الجدية للسياسات السابقة بما يكفل بلورة استراتيجية بديلة ومتفق عليها لادارة الصراع مع اسرائيل  على كل الجبهات دون استثناء استعداد للاعلان الرسمى عن فشل المفاوضات الذى هو برايى مسالة وقت فقط.                                                          مدير مركز شرق المتوسط للاعلام