خبر : أوجاع أم قيس..د. هاني العقاد

الإثنين 27 سبتمبر 2010 06:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
أوجاع أم قيس..د. هاني العقاد



لا يتخيل احد حال الدنيا عندما تقتحم وحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي القذر بيتك  بعد منتصف الليل ويقتلع زوجتك من فراشها لاعتقالها واقتيادها معصوبة العينين واليدين إلى الخلف وكأنها كانت  قد علقت شارون مشنوقا من أعلى حائط المبكي أو كانت عائدة قبل قليل من تفجير مقرات الجيش الإسرائيلي وتفجير مقاهي شوارع تل أبيب وجعلت أجساد المحتلين تتناثر متمزقة فوق المباني والأسوار, و أن جاز لأحد تصور هذا الموقف أو تكرار تخيل  حدوثه عدة مرات فانه بالتأكيد لا يمكن نسيانه إلى الأبد . أنها ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها المناضلة الثائرة الصابرة ( رجاء الغول )أم قيس ,فقد اقتلعها الاحتلال من بيتها مرتين قبل ذلك ,مرة بالانتفاضة الأولى عام 1988 والأخرى في العام 2006 ,حيث مكثت بالمعتقل ما يقارب الثمانية شهور وكانت المرة الأخيرة في الليلة الأخيرة من مارس في العام 2009, ويبدو أن الاحتلال ليس له شغل شاغل إلا أم قيس واعتقالها المتتالي  والتأكد من  أنها مازالت تعاني العديد من الأمراض وبالتالي يخطط السجان أن يضيف لها مرض جديد في كل حلقة اعتقال جديد لتعاني ويلات السجن وحقد السجان وقسوة المرض والألم الجسدي والنفسي. غادرت أم قيس السجن مفرج عنها في التاسع من سبتمبر الحالي عائدة إلى جنين الحض الدافئ لكل ثائر فلسطيني , إلى زوجها وأسرتها , وعادت ومعها كومة من الأوجاع الجديدة , أوجاعها اليوم سببها ليس سببا عاديا ,لأنه يعتبر جريمة من جرائم المحتل , فقد قصد السجان تعذيبها أكثر وإعطائها دواء يسبب المرض ولا يعالجه ,يسبب الألم ولا يخففه يضاعف المعاناة ولا يقلل منها , فأصيبت بضيق التنفس وتصلب الشرايين وبالطبع ضغط الدم بالإضافة إلى الم حاد في المفاصل والعمود الفقري نتيجة لتعمد الاحتلال حجزها في زنزانة رطبة مظلمة  لفترات طويلة و كأنها مخلوق ليس من السلالات البشرية , فعانت هذه البطلة معاناة مضاعفة وتم نقلها  من معتقل ’هشارون’ إلى مستشفى كفار سابا عدة مرات بسب تردي وضعها الصحي, ولا يعرف احد كيف عالجها الأطباء هناك لان الأطباء المفروزين بالعادة لاستقبال المعتقلين الفلسطينيين هم أطباء الجيش الإسرائيلي وأفراد من المخابرات الصهيونية ويعملون بتوجيهات من الجيش وليس وزارة الصحة في إسرائيل . لم يعالج أطباء الجيش الإسرائيلي الأسرى والأسيرات المرضي خطأ ولا عن جهل بل هو مخطط مدروس وحالة من حالات التصفية الجسدية والاغتيال الغير مباشر, فقد كشفت التقارير أن ما يقارب 1500 من الأسرى الفلسطينيين المرضي بالسجون الإسرائيلية أصيبوا بمضاعفات مرضية خطيرة نتيجة تلقي علاجا خطاء وقد أرسل الأسرى المعتقلين بسجن ( هداريم ) رسالة إلى وزارة الأسرى بفلسطين يشرحوا فيها ما يحدث للمرضى من الأسري على أيدي أطباء و ممرضين السجون الإسرائيلية وطالب الأسرى عبر رسالتهم  الوزارة بالتدخل لدى كافة الجهات الحقوقية والدولية لوقف ما يسمى بالجرائم  الطبية التي يرتكبها أطباء السجن، موضحا أن الأسرى أصبحوا حقلا للتجارب الطبية وميدانا لتدريب الممرضين, وأضاف الأسرى أن أطباء السجن قد اعترفوا للمرضي بأخطائهم وأنهم أعطوا المرضي علاجا خاطئا وهذا ما ضاعف أوجاع المرضي وسارع في تردي حالتهم الصحية  ، لكن هذه الظاهرة تتكرر وكأن الخطأ  أصبح قصدا ومخططا ممنهجا للنيل من هؤلاء الأبطال وصمودهم وثباتهم وصبرهم  في ظل عدم وجود رقابة دولية من وزارة الصحة العالمية للاطلاع على الأوضاع الصحية للمرضى المعتقلين بالسجون و المعتقلات الصهيونية.     أم قيس واحدة من بين المئات , بل الآلاف من المناضلات الفلسطينيات , الثائرات الصابرات اللاتي أخذن على عاتقهن كتابة تاريخ المرأة الفلسطينية المقاومة بأحرف من نور يضيء طريق الأجيال الثائرة القادمة ,وأجيال العالم اجمع ويتعرفوا على النساء الفلسطينيات الماجدات ممن نذروا أنفسهم للأهل والوطن ومازالت أوجاعهم لا يشعر بها إلا الأماجد والماجدات أمثالهم , فلا يشعر بها من شغلتهم السياسة بالمواكب والكاميرات والتصريحات و الانقسامات والمناكفات , أليس قاسيا على أم قيس وغيرها من الأسري والأسيرات والشهداء والشهيدات ومن يولد ثائرا مقاوما مرابطا من جديد أن يحدث هذا وأوجاعهم مازالت تتفاقم وقد وصل بعضا منها وأصاب قلوب كل الوطنين المخلصين ولم يصل قلوب المنقسمين بعد ..؟    عفوا اختنا أم قيس ستبقي أوجاعك وأوجاع كل الوطنين على حالها وستزداد كل يوم مع ازدياد أعداد الأسرى والأسيرات القابعين في المعتقلات والسجون الصهيونية  وستبقي أوجاعك هي أوجاعنا مادام هناك شبرا من أرضنا محتل ,وسنجد دواء لكل الأوجاع إن عاد الأخوة عن انقسامهم وتشتتهم و تباعدهم وقسوة قلوبهم ولم يبقي أي فريق منهم بما لديهم حافلين ,فرحين ,محتفلين بل مجموعهم بالوطن وحدة حافلين.   إنها دعوة عاجلة من أوجاع أم قيس وأوجاع الأسرى المرابطين الصامدين الصابرين بالسجون الإسرائيليين ومنا جميعا لكل الهيئات الحقوقية بالعالم والمنظمات التي تهتم بشؤون الأسرى و قضاياهم سواء كان  في زمن الحرب أو السلم ,والوزارات  المعنية ومفوضية حقوق الإنسان بالسلطة الفلسطينية أن تخاطب منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة بالتقارير والدراسات والتحقيقات والإثباتات الطبية للإسراع  بمتابعة علاج المرضى ممن هم في الأسر والاعتقال وتوفير ما يلزم لهم من علاج ورعاية صحية تحت مراقبة دولية مسئولة .