خبر : تلميح "دقيق" من روسيا/بقلم: غيورا آيلند/يديعوت 21/9/2010

الثلاثاء 21 سبتمبر 2010 12:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
تلميح "دقيق" من روسيا/بقلم: غيورا آيلند/يديعوت  21/9/2010



 قبل ست سنين ونصف، في نيسان 2004، تم لقاء بين رئيس الولايات المتحدة بوش ورئيس الحكومة شارون، تم الاتفاق في اللقاء على خطة الانفصال وفي ضمن ذلك الرسائل التي تصحبها. بعد ذلك بأسبوع أرسل عدد من المبعوثين الاسرائيليين وأنا فيهم لعرض الخطة على عدد من العواصم المهمة. سافرت الى موسكو. عندما التقيت وزير الخارجية الروسي لافروف سألني: "لماذا أتيت بالضبط؟ فخطة الانفصال قد تم الاتفاق عليها ونشرت وليس عندك شيء تجدده لي. لكن عندي سؤالاً لك: كيف لم تفكر في مشاورتنا نحن الروس، قبل أن تتخذوا قرارا مهما جدا؟". يعبر قول وزير الخارجية الروسي هذا تعبيرا جيدا عن صورة رد روسيا عندما تفضل الولايات المتحدة واسرائيل ابعادها عن قرارات مهمة. إن من يبحث عن المقصد الروسي من وراء صفقة الصواريخ الاخيرة مع سورية، كما في شأن قرارات أخرى (استعمال المفاعل الايراني في بوشهر)، يجب أن يفهم أن روسيا تعمل في الأساس عن ثلاثة بواعث: الأول – ترى روسيا بوتين نفسها قوة عظمى، يجب أن تساوي الولايات المتحدة في تأثيرها. فاذا كانت الولايات المتحدة تبيع دول الشرق الاوسط السلاح (60 مليار دولار للسعودية وحدها)، فيجب على روسيا أن تفعل ذلك. الثاني – يوجد اتفاق غير مكتوب بين السلطة في روسيا والشعب الروسي، فحواه أن تهتم السلطة بالنمو الاقتصادي وأن يضمن الشعب أن تخلد السلطة (أي بوتين ومقربوه والنهج الذي سنه). وكي يحدث هذا يجب أن تستغل روسيا مزيتيها: احتياطي النفط والغاز داخلها وقدرتها على التزويد بسلاح متقدم. وإن زيادة المزايا الاقتصادية التي يستطيع هذان التزويد بها الى أبعد حد يقتضي سياسة عنيفة. الثالث – أن روسيا لا تستطيع التسليم لأعمال مضادة لها من جهة واحدة (هكذا فسرت لحينه نصب الصواريخ الامريكية في بولندة وجمهورية التشيك وسياسة بوش واوباما بدعمهما جورجيا) ولا تستطيع كذلك أن تسلم لتجاهلها. إن النشاط الامريكي في الشرق الاوسط، بدءا بالمسار الاسرائيلي – الفلسطيني ثم المسار السوري، مع اشراك لاعبات أخر (فرنسا ومصر وغيرهما) وتجاهل روسيا أمر لا يطاق. اذا تجاهلوا روسيا فانها تهتم بأن تذكر بأن عندها القدرة على التأثير. وهذه المرة ببيع سورية صواريخ متقدمة برغم أنف الولايات المتحدة واسرائيل. لا يمكن عقد الجسور فوق جميع تضارب المصالح بين اسرائيل وروسيا، لكن سيكون من الخطأ أبدا تجاهل روسيا على نحومتعمد مهين. كان وضع برنامج ايران الذري يمكن أن يكون مختلفا لو وافقت الولايات المتحدة في سنة 2004 على الاصغاء لافكار الروس بدل رفضها باحتقار. وأخطأت اسرائيل ايضا في ذلك الوقت بأنها لم تحاول أن تؤثر في الولايات المتحدة كي تعطي الروس الاحترام المناسب. والآن ما زلنا كما كنا نغضب الروس بلا سبب. يريد الروس أن يكونوا مشاركين في التفاوض الاسرائيلي – الفلسطيني، ونرد على ذلك بعدوانية. في زمانه، بعد أنابوليس، اقترحوا عقد اللقاء القادم في موسكو وعارضت اسرائيل ذلك بشدة. قبل عدة أشهر أعلن رئيس روسيا مدفديف بأن من الصحيح اشراك حماس في المسيرة السلمية أيضا. سارعت اسرائيل الى اعلان انها لن توافق في أية حال. لماذا؟ لماذا لم نقل: "نحن نبارك روسيا لجهودها في اقناع حماس بالتخلي عن طريق الارهاب واختيار حل سياسي للصراع"؟. باختصار إن توجهاً يقوم على تقديم الاحترام وعلى الاستعداد للاصغاء والمشاورة قبل اجراءات مهمة لا يقتضي الهوادة في أي مصلحة مهمة. لكنه يضائل حافز دولة مثل روسيا الى تجاهل مصالحنا. إن ما يستطيع أن يسكننا قليلا هو الزمن الطويل الذي يمر على نحو عام بين القرار الروسي على بيع السلاح المتقدم وبين تحقيقه. هذا الزمن يمكن الروس ومن يريد التأثير فيهم أيضا من فرصة للقيام بـ "تقدير من جديد". لنؤمل أن يكون الأمر كذلك هذه المرة أيضا.