خبر : من يريد المسجد/بقلم: ليندا منوحين/معاريف 25/8/2010

الأربعاء 25 أغسطس 2010 11:59 ص / بتوقيت القدس +2GMT
من يريد المسجد/بقلم: ليندا منوحين/معاريف  25/8/2010



يقولون ان امرأة عراقية أُمية تلقت في الاربعينيات رسالة مسجلة. خرجت الى الشارع لطلب مساعدة، فرأت رجلا ذا منظر جليل وعلى رأسه كوفية. تقدمت اليه المرأة وطلبت اليه ان يحل لها لغز الرسالة. مرت دقائق طويلة من غير ان يتلفظ الرجل بشيء. أدار الرسالة يسارا ويمينا يقربها ويبعدها، مع اظهار علامات الحرج. ضاقت المرأة ذرعا وقالت: "أنت أفندي محترم، تضع كوفية ولا تعرف القراءة والكتابة؟". أُهين الرجل حتى عمق نفسه، ووضع الكوفية على رأس السيدة وقال لها: "تفضلي اقرأي". تجسد القصة فرضا أساسيا مخطوءا ينجح احيانا في تعتعة الساسة، وخاصة في ما يتعلق بالفروق الثقافية. يمكن ان نجد تعبيرا واضحا عن ذلك في القرار الذي اتخذه رئيس الولايات المتحدة براك اوباما على تأييد انشاء المسجد قرب مكان قضى فيه ثلاثة الاف امريكي في عملية التوأمين. بيّن الرئيس انه بعثته اعتبارات حرية الديانة والعبادة، التي هي حجر الزاوية في الدستور والحضارة الامريكية. يتبين انه لا يعارض قرار اوباما اكثر الامريكيين فقط بل اكثر العالم العربي ايضا. يحسن أن يعلم اوباما الذي عاد شيئا ما عن شيء من كلامه، ان العرب تركوا الجدل في المسجد للمجتمع الامريكي ولم يشاركوا فيه. فهم يرون ان قرار اوباما لا حاجة له وليست له قيمة سياسية. تقديرات هذا الموقف العربي هي انه لا يوجد سكان مسلمون في واقع الامر في منطقة عمل المسجد؛ وانه لا نقص من المساجد في الولايات المتحدة؛ وان مسجدا في قلب نيويورك التجاري قد يصبح متحفا فارغا؛ وان انشاء مسجد في المكان الذي حدثت فيه كارثة انسانية فظيعة فضلا عن أنه لا يخدم المسلمين قد يؤجج الغرائز على الاسلام بل قد يشجع ارهابيين على افعال مشابهة. العالم العربي والاسلامي خائب الامل من الرئيس اوباما، لانه يشغل نفسه بشأن لا أهمية له في نظرهم، بدل تقديم حل صراعات تحمل كوارث وعلى رأسها الصراع العربي – الاسرائيلي. ان حرية العبادة في هذا المكان المحدد لا اهمية لها في نظرهم. "لا يدرك الامريكيون ان محاربة الارهاب الاسلامي مشكلة المسلمين لا مشكلة الولايات المتحدة"، كتب المحلل خضير طاهر في الموقع العربي الشعبي "ايلاف".  وهو يرى تغيير سياسة الولايات المتحدة نحو مواطنيها المسلمين ضرورة للقضاء على الارهاب داخلها. وقال انه من أجل ان تحرز الاذرع الامنية تعاونا مع المواطنين المسلمين، يجب أن تستعمل تهديدهم مثل سلبهم جنسيتهم الامريكية وطردهم من الدولة. بهذا فقط كما يزعم يمكن تربيتهم على مواطنة جيدة. وهو يدعو الامريكيين الى التخلي عن تصورات "رومانسية" عن الحفاظ على حقوق المواطن الراسخة في عالم القيم الامريكي. يتخذ صاغة السياسات في الغرب، وعندنا احيانا، قرارات مخطوءة عن تقديرات غير ذات صلة بعالم مفاهيم المتأثرين بالقرار بسبب فروق العقلية بين الشرق والغرب. إن ابقار الغرب المقدسة مثل الديمقراطية وحقوق المواطن، هي قذى في عين العالم العربي الذي لم يتبنَ في أكثره الديمقراطية على أنها قيمة عليا. إزاء الجبهتين، العربية والامريكية الموحدتين في نظرتهما السلبية الى محاولة انشاء مسجد في قلب نيويورك، يفضل ان يرجع اوباما عن تأييده وان يحصر عنايته في حل ابداعي لمشكلات واقعية في منطقتنا.