خبر : لجنة تحقيق للجان التحقيق/بقلم: بن درور يميني/معاريف 18/8/2010

الثلاثاء 17 أغسطس 2010 11:10 ص / بتوقيت القدس +2GMT
لجنة تحقيق للجان التحقيق/بقلم: بن درور يميني/معاريف  18/8/2010



في نيسان 1961 تورط جون كيندي، الرئيس ذو التقدير لأقوى قوة في العالم، في غزو أحمق لخليج الخنازير. كان شابا، بلا تجربة، وكانت النتيجة كارثة. مرت سنة ونصف، واضطر كيندي في تشرين الاول 1962 الى دخول أزمة الصواريخ. ونسي الاخفاق في خليج الخنازير كأنه لم يكن. أدى كيندي عمله كما ينبغي، واتخذ قرارات صحيحة، واضطر الاتحاد السوفياتي الى ابعاد الصواريخ عن كوبا. ماذا كان يحدث لو كان الحديث عن اسرائيل؟ كانت تنشأ لجنة تحقيق بعد الاخفاق في خليج الخنازير. وكان التحقيق يجعل كندي زعيما أعرج ويشله شهورا طويلة. وكان يجب عليه ان يقضي وقته مع المحامين لا مع مشكلات الولايات المتحدة. وكانت الأزمة التي تلي ذلك وهي أشد تجد الولايات المتحدة ضعيفة، مشغولة بلعق الجراح وزعيم مضروب. وهو سيناريو مخيف لا للولايات المتحدة وحدها بل للعالم كله. يخطىء الساسة مثل سائر البشر. وتكون أحيانا اخطاء مأساوية. من أجل تحسين أدائهم، بعد الخطأ او الاخفاق، توجد طريقتا مواجهة: الأولى البحث عن رأس أو رؤوس المتهمين بالاخفاق، والثانية تعلم الاخطاء من أجل استنتاج الاستنتاجات.  على حسب النهج الاسرائيلي، حيث القدرة على المقاضاة سيطرت على كل جزء حسن ويهدد بافنائنا لا يوجد تحمل مسؤولية. يوجد هرب من المسؤولية. كل لجنة تنشأ يجب أن يرأسها قاض. والقاضي يعرف عمل شيء واحد فقط هو أن يجد مذنبا. ليس القاضي سياسيا ولا استراتيجيا ولا محقق عمليات ولا أكثر حكمة فيما يتعلق بالاداء السياسي والعسكري من سائر البشر. وعندما ندعه يرأس لجنة يبرمج لشيء واحد فقط هو اجراء محاكمة. هذه حكايتنا ونحن مدمنون. إن لجان التحقيق التي انشئت حتى اليوم اضرت في الاساس. فقد أفضت لجنة فرومكين الاولى في السلسلة الى تفريق المسارات في التعليم وكان هذا بكاء لاجيال. ووجدت لجنة أور في الاساس ان شلومو بن عامي مذنب لان عشرات آلاف الاشخاص أنشبوا انتفاضة عنيفة داخل اسرائيل. واشك في وجود لجنة حسنت شيئا ما. توجد لجان وجدت مذنبين وهذا ما تعرفه. هذا شأن لجنة تيركل ايضا. إن النقاشات أمام اللجنة تصبح محاكمة تظاهرية عامة. أتى نتنياهو وباراك اللجنة كي يقولوا شيئا واحدا فقط: لست أنا بل الآخرين. وقد أتوا قاعة اللجنة مسلحين بجمع كبير من المحامين وهم مبرمجون لفعل شيء واحد فقط وهو أن يقولوا إن موكلهم بريء من أي خطأ. هو ملَك. وهكذا فان لجان التحقيق التي تنشأ عندنا تستحق اسم "لجان تحلل من المسؤولية". دخل هذا النظام الدورة الدموية للوجود الاسرائيلي وهو يضر بالوجود. توجد طريقة أخرى. بغير صحفيين وبغير مصورين. خبراء فقط. ويراد وجود أناس يعرفون شيئا ما في تحقيق العمليات، لا قضاة ولا مدعين عامين. ويأتي المشاركون كي يقولوا أين لم يكونوا على ما يرام. يتحملون المسؤولية أمام هذه اللجنة ولا يتهربون من المسؤولية. بشرط ألا يقوم أي سيف فوق رؤوسهم. ولا صحف تريد عناوين صحفية ايضا. وهكذا تستنتج استنتاجات. ويتعلم الجميع من الاخطاء. وهكذا تغير التكتيكات المخطوءة. او لا تنشأ لجنة البتة. فهذا افضل كثيرا اذا تعلمنا شيئا ما من نموذج كيندي. وهكذا حان الوقت أن نفعل الشيء الحقيقي: أن ننشىء لجنة بشرط ألا يرأسها قاض، تحقق ما هو الضرر الذي سببته لنا لجان التحقيق التي أنشئت الى اليوم. وماذا يحدث لنا عندما ندع للقضاة تناول تحقيق العمليات. هلم نفحص كيف تهرب أكثر الاشخاص الذين مثلوا امام اللجان من المسؤولية ولم يتحملوا المسؤولية. وهلم نفحص هل ثبتت توصيات تلك اللجان لامتحان الزمن. وهلم نفحص ماذا كان يحدث للولايات المتحدة وللعالم كله لو شغل كيندي بلجنة تحقيق بدل علاج الأزمة التالية. اذا نشأت لجنة تحقيق كهذه فقط فربما نحظى بالكف عن ادماننا لجان التحقيق.