خبر : في النهاية، جاء الصيف / بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف / هآرتس 6/8/2010

الجمعة 06 أغسطس 2010 03:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
في النهاية، جاء الصيف / بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف / هآرتس 6/8/2010



 حادثة الحدود هذا الاسبوع في الشمال، وبقدر أقل الاحداث في غلاف غزة وفي ايلات ايضا وضعت علامة استفهام على الفرضيات الاساس التي بموجبها تعمل اسرائيل منذ اربع سنوات، منذ نهاية حرب لبنان الثانية. العدد القليل نسبيا من المصابين، مثل المعلومات الاستخبارية التي تشير الى مسؤولية الجيش اللبناني عن النار في الشمال تسمح للقيادات الاسرائيلية بمواصلة الادعاء بانه لم يحصل هنا تغيير حقيقي يستوجب فحصا معمقا لسياستهم. وحتى بعد الاحداث، يبدو انه لا يزال وكأن الميل السائد في الصيف الحالي – استمرار الهدوء النسبي رغم التصعيد في التوتر – بقي على حاله. ولكن الاحداث، وعلى رأسها موت قائد كتيبة الاحتياط المقدم دوف هراري قرب مسغاف عام بنار قناص لبناني، تطرح السؤال هل القصة التي نرويها لانفسنا عن حرب لبنان ونتائجها لا تزال قائمة في آب 2010.             الحكمة الواردة في جهاز الامن تعتقد بان وضع الردع الاسرائيلي على الحدود لا يزال قائما. فقد زعم ان الجيش الاسرائيلي استخدم قوة شديدة جدا في جولتي القتال الاخيرتين، لبنان 2006 وغزة 2008 الى أن ذعر العرب. الجراح لا تزال طازجة وعليه فان حزب الله وحماس يتخذان جانب الحذر من جولة اخرى. وبشكل عام لا يوجد لاي طرف اليوم مصلحة في اشتعال شامل.             عندما عرض قائد المنطقة الشمالية غادي ايزنكوت هذا النهج في محاضرة في جامعة تل أبيب قبل عدة اشهر توجه اليه في ختام حديثه وزير الدفاع الاسبق موشيه ارنس. انت محق، قال ارنس للواء، ولكنك نسيت ذكر الطرف الاخر من المعادلة. حزب الله ايضا يردعنا.             المشكلة مع الحكمة الدارجة هي انها غير مقبولة بالضرورة على الايرانيين ايضا او حتى على الفلسطينيين في غزة. فمنذ قضية اسطول الاغاثة الى غزة في نهاية ايار، تسود روح شريرة في المنطقة. استفزازيون على انواعهم اكتشفوا الطاقة الكامنة التي في ازاحة القتال نحو قنوات جديدة، غير متوقعة. المعركة لا ينبغي لها بالضرورة ان تدور رحاها في الساحة وفي الظروف التي تقررها اسرائيل ويمكنها أن ترتدي وان تخلع اشكالها وفقا لاختيار الطرف الاخر. توجد جملة من الاسباب المحتملة التي تدفع الخصم الى اختيار المواجهة: لاجل الخروج من تشديد العقوبات على ايران، الهرب من لوائح الاتهام المقتربة في المحكمة الدولية ضد مسؤولين كبار في حزب الله (على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري) او من العزلة التي تفرضها مصر على حماس في غزة. في صيغة مقلصة، حدث الامر هذا الاسبوع. فقد فتحت حماس جبهة جديدة حيال اسرائيل حين اطلقت الصواريخ من سيناء نحو ايلات فيما ان الجيش اللبناني نصب كمين قناصة لقوة الاحتياط التي ازالت نباتات واشجار على طول الجدار الحدودي، بالحجة (الكاذبة) وكأنها خرقت السيادة اللبنانية. في هذه اللحظة، لا تشير التطورات على نحو واضح الى تصعيد اكثر اتساعات. التقارير أول أمس عن محاولة اغتيال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بدت مشكوكا فيها. صحيح أن ايران تعيش حالة ضغط جراء العقوبات والتهديد الامريكي المتجدد لفحص الخيار العسكري ضدها، ولكن ظهرها بعيدا بما فيه الكفاية عن الحائط الامر الذي يسمح لها بمجال للمناورة. ولا يزال من الصعب التأكيد بان كل اللاعبين في الساحة سيتصرفون بشكل عقلاني. كان هذا هو الامين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي اعترف، في لحظة نادرة من الصراحة في نهاية الحرب الاخيرة، بانه لو كان يعرف بان هناك 1 في المائة احتمال بان ترد اسرائيل بمثل هذه الحدة على اختطاف جنديي الاحتياط على الحدود، ما كان ليصادق على العملية. في محافل داخلية في الجيش، يوجد جنرالات يطرحون التشخيص التالي: حرب لبنان كانت فشلا تكتيكيا ادى الى نجاح استراتيجي؛ حملة "رصاص مصبوب" كانت نجاحا تكتيكيا نهايته فشل استراتيجي. وهم يلمحون اساسا باثار تقرير غولدستون. فاستخدام القوة الواسعة من الجيش الاسرائيلي، في قلب سكان مدنيين، اثار انتقادا دوليا شديدا من شأنه أن يقيد ايدي الجيش في المواجهة القادمة. تآكل في الردع             في قلب الامور، في الجبهتين، توجد مسألة الردع. ذاك المفهوم العسير على التعريف، والذي ليس له تاريخ نفاد المفعول. وفي هذه الاثناء يمكن الحديث عن تآكل الردع. قرار 1701 لمجلس الامن الذي قرر الوضع بعد الحرب، يتضعضع. قسم مركزي فيه، منع تهريب السلاح لحزب الله عبر الحدود السورية، لم يتحقق ابدا. وفي الحدث يوم الثلاثاء ظهر ضعف عدة عناصر اخرى للقرار.             يستند القرار الى مساعدة الجيش اللبناني واليونيفيل اللذين انتشرا في الجنوب لمنع وجود حزب الله. اما الان، فليس فقط حزب الله لا يزال نشطا في قرى الجنوب بل ان قوة من الجيش اللبناني تفتح النار على اراضي اسرائيل. صورة هذا الاسبوع هي صورة وكالة الانباء الفرنسية التي نشرت في "هآرتس" اول امس: جنود لبنانيون يطلقون النار على الجيش الاسرائيلي فيما أن اليونيفيل يشاهدون ذلك عن كثب. وهذه هي الادعاءات التي رفعتها اسرائيل الى الامم المتحدة قبل الحرب، ولا سيما بعد أن اغمض رجال اليونيفيل اعينهم عندما اختطف ثلاثة جنود في هار دوف في آب 2000.             كما تطرح اسئلة عن استعداد الجيش الاسرائيلي. منذ الحرب قيل للجمهور ان الجيش جاهز ومستعد على طول الحدود، مصمم على اظهار السيادة على كل ملمتر، ولكن في هذه الحالة، قائد الكتيبة وقائد السرية الذي اصيب معه اصيبا عندما كانا خارج الاستحكام المحصن. في نظرة اولى، يبدو أن انتشار القوات لم يقم على اساس الافتراض بتوقع النار، واذا كان هنا بالفعل كمين مدبر، فلماذا لم يكن للجيش معلومات استخبارية مسبقة؟             بعد الحدث قدر مسؤولون كبار في الجيش الاسرائيلي، بثقة كاملة، بان الحديث يدور عن مبادرة محلية لضباط من الجيش اللبناني وان حزب الله لم يكن مشاركا. يمكن الافتراض بانهم يستندون الى معلومات استخبارية صلبة. مع ذلك، توجد شكوك: فهل يحتمل أن يكون حزب الله مثلا، في عملية سرية جند وفعل ضابط شيعي في الجيش اللبناني والنشطاء الميدانيون من المنظمة لا يعرفون ذلك؟ وهل في الاسلام المتطرف ايضا مقبول بالضرورة ان يقوم الاخرون بالعمل نيابة عن الاخيار؟ قبل اسبوع عندما برزت من جديد قضية اغتيال الحريري، طرح في الجيش الاسرائيلي التخوف من أن "يشعل" حزب الله الحدود. من الصعب التجاهل بان توجيه الاتهام (وليس فقط المسؤولية) على الجيش اللبناني مريح بقدر ما لاسرائيل. حينها يمكن الاكتفاء برد محدود والامتناع عن التصعيد. رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو ليس متحمسا لتكرار ورقة سلفه، ايهود اولمرت.             شعبة الاستخبارات العسكرية، بالتبرئة الجارفة التي تعطيها لحزب الله تتجاهل حقيقة ان نصف جنود الجيش اللبناني هم شيعه ومثلهم ايضا ثلث قياداته الكبار. في ايار 2008 اندلعت مواجهة عنيفة بين حزب الله والتيار المناهض لسوريا في لبنان. حزب الله هو الذي بدأ بالعنف، لسببين: رفض حكومة السنيورة طلبه نشر شبكة اتصالات مستقلة في ارجاء لبنان، وامنية لاحالة قائد منطقة المطار في بيروت من جانب الجيش اللبناني عن منصبه، وفيق شقير، الذي يعتبر مقربا من حزب الله. واوضح نصرالله: "شقير يبقى رئيس جهاز الامن في المطار. مصير كل ضابط آخر حاول اخذ المسؤولية بدلا منه تقرر مسبقا، وليس مهما من أي طائفة هو". حكومة لبنان استسلمت. هذا الاسبوع ما كان يمكن لنصرالله أن يطلب تزامنا افضل مع خطابه مساء يوم الثلاثاء. فقد اراد الحديث عن وحدة لبنان، عن سلاح "المقاومة" وعن ضرورة حزب الله في الحرب ضد اسرائيل – وها هو، في ساعات الصباح يقع الحدث الذي عزز حججه. في الساعات التالية لاطلاق النار بثت محطات التلفزيون في لبنان اناشيد وحدة الوطن و "جيش البلاد". وحتى محطة "المستقبل" بملكية عائلة الحريري تجندت للمساعي الوطنية. اما المحكمة الدولية فنسيت وفي مكانها كرست ساعات بث لبطولة جنود الجيش اللبناني. محطة حزب الله "المنار" افادت بان الجنود اللبنانيين تلقوا الاوامر بمنع كل خرق للسيادة، بمعنى العودة الى اطلاق النار في كل حالة من حالات قطع الاشجار بجوار الحدود. الصحيفة المناهضة لسوريا "النهار" نشرت كاريكاتيرا جاء فيه يد مرسوم عليها علم اسرائيل تحاول قطع شجرة ارز لبنان ويد ثانية تقطع اليد الاسرائيلية.             الى الاحتفال الوطني، الذي وحد لعدة ساعات اللبنانيين انضم نصرالله، في خطاب ربع في غضون اسبوعين. وقد اوضح من هو رب البيت الحقيقي، حين وعد بالدفاع عن الجيش اللبناني امام كل هجوم آخر من جانب اسرائيل ووعد بخطاب آخر، في 9 آب. وذكر هذا بعض المشاهدين العرب بالمسلسل التلفزيوني الذي يبث كل ليلة في شهر رمضان، حين تنتهي كل حلقة بمشهد غير محلول يبقي المشاهدين في حالة توتر حتى المساء التالي.             وفي غداة تصريحات نصرالله جاء الرد الاسرائيلي. نتنياهو، وكأن به هو ايضا يختبىء في قبو ما، نشر تصريحا مسجلا قصيرا لقنوات التلفزيون. واقترح رئيس الوزراء على الجيش اللبناني (في الشمال) وعلى حماس (في الجنوب) عدم اختبار التصميم الاسرائيلي. "سنواصل الرد بحزم على كل هجوم"، اعلن نتنياهو، ولكن الامور بدت بقدر اكبر كتبرير للموقف اكثر منه كتهديد. اما حاليا، فاسرائيل تحبذ التجلد.