خبر : لن يحدث هذا غداً / بقلم: ايتان هابر / يديعوت 4/8/2010

الأربعاء 04 أغسطس 2010 01:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
لن يحدث هذا غداً / بقلم: ايتان هابر / يديعوت  4/8/2010



 في مطلع الستينيات خدم في الكتيبة 12 في غولاني قائد سرية اسمه ايتسك حلفون. وفي يوم  ماطر بارد قاد حلفون جنوده الى تدريب "قطع نهر" في الأردن. اصطكت أسنان الجنود من البرد. وصدهم البرد في الخارج وبرد الماء. ونبهنا ايتسك حلفون (الذي قتل بعد سنين في حرب الايام الستة) آنذاك بنصف همس قائلا: "أتعتقدون انني اريد القفز الى الماء؟ ماذا دهاكم؟ لكن قائد الكتيبة قال...".             قال وقفز في الماء وبعده السرية كلها. بعد ساعة أتى قائد الكتيبة كوتي أدام تدريب قطع النهر. كان قائد السرية والجنود أمامه ما يزالون مبلولين يرتجفون من البرد. قال كوتي بصوت دافىء: صحيح أنني أمرت بقطع النهر لكنني لم آمر بقطع الماء البارد في يوم بارد كهذا.             ماذا نريد أن نقول في هذه القصة؟ نريد أن نقول إن القادة في أسفل يتأولون أحيانا كلام القادة في أعلى الذين لا يعلمون دائما تفصيلات الواقع. ليس هذا خللا في الاتصال بل قضية تقدير ومجال عمل. وبعبارة أخرى لا يكون فضل الباعث والتمسك بالهدف أحيانا في محلهما.             اريد أن اقول – ربما ورط قائد لبناني محلي في الجبهة الشمالية أمس قادته وجيش لبنان وحكومة لبنان. كان الثقاب الذي أشعل وكاد يشعل اللهب. ماذا يعني هذا لنا؟ قيل في المصادر القديمة "من الشمال يأتي الشر"، ولا يمكن أن نعلم أبدا.             على حسب نشرات في البلاد وفي البلدان العربية وفي العالم كان يخيل أنه ستنشب حرب في الشرق الاوسط قريبا. فالجميع ونحن فيهم يتسلحون ويتزودون ويقوون. ولا يكاد يمر يوم ولا اسبوع على التحقيق، لا يحذرنا فيه شخص ما ولا سيما في الجانب العربي وينذرنا ويهددنا. الهواء مشبع ببخار الحرب.             إن استعراضا تصفحيا للعالم العربي مع "عقل يهودي" يجب أن يفضي على التحقيق الى استنتاج أنه لا تتوقع حرب في هذا الصيف: فايران في هذه المرحلة غير مهتمة باشعال المنطقة لانها مشغولة ببناء قوتها الذرية وهي غير معنية بالتشويشات. إن جل اهتمام الايرانيين هو بتطوير قوى استراتيجية. وما يزال السوريون يحملون في ذاكرتهم "المريرة" صور مفاعلهم الذري السري الذي قصف في الليل. وحزب الله يبني قوته ويحتاج الى الهدوء كي لا يشوشوا عليه البناء. ويخاف أناس حزب الله كثيرا أيضا من المحكمة الدولية في قضية الحريري التي تنتظرهم على مبعدة قريبة. من بقي؟ حماس التي ما تزال عملية "الرصاص المصبوب" تبث فيها الفزع والرعب. وفي الأردن الوضع  مستقر. وفي مصر صامدون. وفي السلطة الفلسطينية؟ لم تكن أيام أفضل من هذه منذ أوسلو. وبالمناسبة نقول إن للسلطة نجاحا كبيرا في يهودا والسامرة.             من بقي؟ من بقي؟ هذه صورة الوضع بصور الأقمار الصناعية مع "العقل اليهودي" الذي يعلم كيف يحلل ويقدر التطورات الأمنية والسياسية في الشرق الاوسط. هذا هو المنطق الاسرائيلي في حرارة تموز – آب 2010. لكن العقبة موجودة في المادة التي جمعت هنا حتى الان: لأنه ما الذي يحدث؟ حزب الله يملأه مستودعاته بالصواريخ حتى الكظة؛ وحماس تهرب آلاف القذائف الصاروخية؛ وأنتجوا في الجيش السوري على السنين آلاف الصواريخ المختلفة؟ وماذا عن ايران؟ حسن كما كان يقول اسحاق شامير. يعلم الجميع ما الذي تعده ايران.             وهنا مدفن الكلب. إن التسلح العاجل، وجو الرضا عند المنظمات الارهابية، والشعور بأن الاسلام المتطرف "فوق الحصان"، وضعف الدول الغربية، والانجازات العسكرية المحدودة - في نظر العرب - للجيش الاسرائيلي في السنين الاخيرة، يمكن أن تفسد "المنطق اليهودي". في هذا الوضع المتفجر يمكن كل حادثة كتلك التي وقعت أمس على الحدود اللبنانية أن تجعل "اشتعال الشوك" حريقا هائلا.             والنتيجة التي تصح حتى أمس: أن نترك فروض المنطق اليهودي والعقل اليهودي على موائد المباحثات وأن نعمل في الميدان على نحو عكسي تماما أي أن نعد ونستعد. وفي هذا الاطار لا مكان لتأويل مختلف في رتب القيادة: إن ما يفكر فيه القائد في أعلى، مع مجال المناورة والمرونة الذي يملكه، يجب أن يكون من نصيب القائد في أسفل. لانه لا يجب علينا القفز في ماء النهر البارد في يوم ماطر.