خبر : تحت القبة شيخ أو صاروخ: قبة الضريح في مواجهة القبة الحديدية .. براء الخطيب

الخميس 08 يوليو 2010 02:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تحت القبة شيخ أو صاروخ: قبة الضريح في مواجهة القبة الحديدية .. براء الخطيب



المبادرات الأمريكية الدائمة لحماية إسرائيل- المعلنة وغير المعلنة - سواء كانت من الرئيس الأمريكي أو الإدارة الأمريكية أو مؤسسات وهيئات المجتمع المدني الأمريكي لا تتوقف في أي وقت لكنها ازدادت بعد الهجوم على ’أسطول الحرية’ بداية من منع إدانتها في مجلس الأمن والتساهل المخزي معها في توليفة لجنة التحقيق؛ ولكن ذلك كله لم يرق للكريه ’نتنياهو’ حتى أنه لم يتقدم بخطوة واحدة ليقابل خطوات الرئيس الأمريكي التي خطاها تجاه حماية إسرائيل على أرضية القضية الفلسطينية، وبالرغم من ذلك فإن الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل يتعاظم، فقد طلب الرئيس الأمريكي من ’الكونغرس’ الإسراع في تمويل مشروع ’القبة الحديدية Iron Dome’ الذي هو عبارة عن نظام مضاد للصواريخ التي يمكن أن تتعرض لها إسرائيل وقد تأتيها من لبنان أو سورية أو قطاع غزة وهو نظام للدفاع الجوي المتحرك الذي تم تطويره بواسطة شركة ’رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة Rafael Advanced Defense Systems ’ والهدف منه هو اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية حيث تبلغ كلفة النظام 210 ملايين دولار بالتعاون مع جيش الدفاع الإسرائيلي ومن المقرر له أن يدخل الخدمة في منتصف هذا العام (2010) فبعد حرب تموز/يوليو 2006 اكتشفت إسرائيل أن ’حزب الله’ قد أطلق ما يزيد على 4000 صاروخ كاتيوشا قصير المدى كانت قد سقطت في شمال إسرائيل وأدت إلى مقتل 44 مدنيا إسرائيليا وأدى التخوف من هذه الصواريخ إلى لجوء حوالي مليون إسرائيلي إلى الملاجئ، كذلك أكد هذا الأمر استمرار حركة ’حماس’ وبعض الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ حيث أطلق ما يزيد على 8000 صاروخ كان آخرها إطلاق صواريخ من عيار 122 ملم.فإذا كانت هذه ’القبة الإسرائيلية’ فماذا عن ’القبة العربية’ ؟!العرب وصهاينة إسرائيل يشتركون في الإيمان بالمفعول المؤكد للأضرحة التي تعلوها القباب (جمع قبة) في إنقاذهم من الأعداء والكوارث والأمراض الخبيثة التي تلم بهم، غير أن أضرحة أولياء الله عند العرب في كل بلاد العرب- التي تعلوها القباب- تختلف عن أضرحة أولياء الشيطان عند الصهاينة في أمريكا؛ فإذا ألم بالصهاينة شبح كارثة قد تأتيهم من الطرف الفلسطيني فإن رئيس وزرائهم يشد الرحال إلى واشنطن حيث الأضرحة بالقباب فوقها: ’الكونغرس’، ’البيت الأبيض’، و’مجلس الشيوخ Senate’ ومكاتب الإدارة الأمريكية ودهاليز الأيباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية American Israel Public Affairs Commiee) وهي أقوى المؤسسات المدنية في الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي، وهدفها الأساسي تحقيق الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني الذي يغتصب أرض فلسطين، ولا تقتصر الأيباك على اليهود بل يوجد بها أعضاء من الحزبين الرئيسيين في أمريكا وهما الديمقراطي والجمهوري وقد تم تأسيس الأيباك في عهد إدارة الرئيس الأمريكي ’أيزنهاور’ حيث تعتبر منظمة صهيونية كما يدل على ذلك الاسم السابق لها والذي تأسست باسمه وهو ’اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة American Zionist Commiee for Public Affairs ’ وهو مبنى تعلوه ’قبة زجاجية’ ملونة، وبنظرة عابرة فسوف نرى أن أبرز اتجاهات الأصوليين الأمريكيين تتمحور حول التبشير بـ’إسرائيل’ ودعمها نظرياً وعملياً على اعتبار أن دعم ’إسرائيل’ وتأييدها ليس قضية (أخلاقية) أو (إنسانية) أو أمراً متروكا لـ(الاختيار)، أو أنه حتى يعود إلى اعتبارات سياسية أو عسكرية، بل إنه (قضاء إلهي)، وأن وجود مدينة ’القدس’ تحت السيطرة اليهودية هو محور عودة المسيح الثانية فإن: ’الالتزام بتدعيم أمن إسرائيل وتقويتها عسكرياً واقتصادياً، وإقامة تحالف استراتيجي شامل معها، ومساعدتها بالتبرعات وشراء وتسويق منتجاتها وسنداتها، وإنشاء صناديق الاستثمار الدولية لمصلحتها، وتشجيع الاستثمار الأمريكي الخاص داخلها، واستصلاح الأراضي، وبناء المستوطنات فيها وفي الضفة الغربية وغزة والجولان، وتوفير فرص التدريب للإسرائيليين داخل مؤسسات ثقافية أمريكية ما هو التزام أصولي مبني على الاعتبارات الروحية والتاريخية والأمنية، باعتبار أن كل أراضي الضفة الغربية وغزة والجولان ملك للشعب اليهودي.ولعل هذه الخلفية الدينية تمثل محور وجوهر السياسة الأمريكية التي وقفت دوماً إلى جانب الكيان الصهيوني، وتفسر ما عجزت عن تفسيره القيادات الأساسية في فكر وسلوك كم هائل من المؤسسات والقيادات وجماعات الضغط الأصولية في الولايات المتحدة، حيث استمرت القيادات العربية المتخاذلة في رهاناتها على التوجهات الأمريكية فسلمت كل أوراقها للولايات المتحدة’ ودفعت شعوبها إلى أضرحة الأولياء بالقباب فوقها يطلبون منها الشفاعة في النصر النهائي على إسرائيل مع أن هذه الشعوب قدمت المئات من أبنائها الأبرار شهداء لتحرير فلسطين لكن أنظمة الحكم الفاسدة أضاعت كل هذه التضحيات لشعوبها ودفعتها باتجاه أضرحة الأولياء طلبا للخلاص من إسرائيل ومن هذه الأنظمة الفاسدة نفسها، فبعد نكسة 67 ازدادت زيارات أضرحة الأولياء طلبا للحصول على شفاعة المدفون تحت القبة في الضريح للخلاص من عار الهزيمة والاحتلال الإسرائيلي وانتشرت المقولة الفلكلورية ’تحت القبة شيخ’ ورفضها البعض بمقولة ’موش كل اللي تحت القبة شيخ’ التي صارت مثلا شعبيا يعلن رفضها للتبرك وطلب النصر على إسرائيل من كل الذين يسكنون هذه المدافن تحت القباب، وجاءت ’القبة الحديدية’ الإسرائيلية لتثبت أن ’تحت القبة صاروخ’ لقتل العرب، وهي ’قبة حديدية’ واحدة في مواجهة الآلاف المؤلفة من قباب الأضرحة في مصر وحدها؛ حيث كان الدكتور ’سيد عويس’ عالم الاجتماع الشهير قد قدر في كتابه موسوعة المجتمع المصري أن مصر تضم حوالي 2850 مولدا للأولياء الصالحين المشهورين من أصحاب الأضرحة التي يعلو كلا منها قبة مناسبة لحجم الضريح أو حجم شهرة الولي، كما يوجد ضعف هذا العدد من الأولياء غير المشهورين يسكنون أضرحة صغيرة يعلو كل منها قبة مناسبة.وإذا كان العرب يصدقون بأنه ليس من الضروري أن يكون تحت القبة شيخ فإنهم متأكدون من أن’القبة الحديدية’ الإسرائيلية المدعومة بأموال أمريكية تحتها صاروخ.روائي مصري