خبر : فلسطينيو النقب ..مابين محرقة إسرائيل ومخططات السلام ..علاء الريماوي

السبت 12 يونيو 2010 10:45 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فلسطينيو النقب ..مابين محرقة إسرائيل ومخططات السلام ..علاء الريماوي



لم يعد الفلسطيني في التعريف بهويته هو الذي سكن الأرض الفلسطينية وانتمى إليها وعاش في ثقافتها من خلال كينونة ثقافية توارثها عن أجداده الذين ملكوا أرضاً عربية منذ صدر التاريخ . الفلسطيني والذي غدت التسمية المفرقة لوحدته أحد المؤشرات التي تدل على حجم المخطط الذي يستهدف وجوده لتتسع مصطلحات التعريف به للدلالة على عدم الترابط الاجتماعي وعدم التجانس ولا حتى التاريخ المشترك . إسرائيل نجحت في تسويق التفتيت من خلال التسمية المبعثرة والمشتتة : منها فلسطينيي الضفة ، عرب 48 ، عرب الداخل ، عرب إسرائيل ، فلسطينيي المخيمات ، عرب النقب ، ثم سكان غزة . هذا التضليل الثقافي للأسف جذرته معاهدات السلام ومسودات إتفاقاته وأتمته المبادرة العربية التي أسلمت لإسرائيل التاريخ لتقسمه بين كذب أرادت منه حكاية خاصة بها لتبيح إجرامها في فلسطين التاريخية تحت غطاء الاعتراف والقبول الشرعي وبجودها ، أما القسمة الثانية وهي قناعة ثقافية بأن ما كتيه التاريخ عن صراع بين سارق ومالك ما هو إلا دعاية كاذب مجنون . على هذا الأساس استطاعت إسرائيل سرقت 90% من أراضي الخط الأخضر من مالكيها العرب ، وإستباحة 80 % من مناطق الضفة الغربية تحت شعار المقايضة والإعتراف مقابل السلام . بذلك كان من السهل على حكومة الاحتلال الإعلان عن مخطط كبير في النقب يستهدف العرب فيها يفضي إلى تهجير مئة ألف فلسطيني وبهدم 45 قرية ببيوتها وبنيتها التي حوصرت لتظهر على أنها مناطق تخلف وعشوائيات قذرة  لتسهيل توطين مليون إسرائيلي مكانهم . المخطط هذا والذي جاء عقب دراسة عميقة في المحافل الإسرائيلية والتي رأت في النقب عمقاً إستراتيجيا لتشكيله 40% من مساحة فلسطين التاريخية لتبدأ حكاية إسرائيل معه من العام 1922 والتي حاولت الحركة الصهيونية شراء أراضيه العربية والتي تنبهت له القيادة الوطنية في فلسطين بعقدهم  مؤتمر بلدة الشريعه لعام 1932 في النقب بحضور الحاج أمين الحسيني وجمع من مشايخ بدو النقب , وكانت أهم قرارات هذا المؤتمر " الدفاع عن ارض النقب, واعتبار كل من يتعامل أو يبيع ارض للانتداب والحركة الصهيونية, اعتباره خائن ومهدُور الدم", التركيز على النقب جاء لأهمية كشفها كاتب هندي ترجم دراسة إستراتيجية أعدتها الحركة الصهيونية في ثلاثينيات القرن المنصرم وضعت النقب وغزة مفتاح السيطرة على البحر الأحمر والجبهة المتقدمة في مواجهة مصر التي تضيق خياراتها مع وجود إسرائيلي فيها ، كما أنها طموح إسرائيل نحو المحيط . الدراسة لحركة الاحتلال في النقب يتبين مشهدها العملي من العام  1948  حيث كان   عدد بدو جنوب فلسطين قبل عام 1948 كان 000 66 نسمه ولم يبقى منهم في النقب بعد موجات الطرد والتهجير  سوى 11000 حيث قامت إسرائيل بحصرهم في منطقه جغرافيه محدده في النقب أطلقت عليها إسرائيل تسمية منطقة "السياغ", وهي المنطقة التي قامت إسرائيل بتجميع ما تبقى من بدو بداخلها وحالت دون عودتهم إلى أرضهم وديارهم الاصليه حتى يومنا هذا . وللتذكير فإن مساحة النقب تبلغ 13 مليون دونم, ولكن إسرائيل استمرت بالمصادرة والتوطين ولم يتبقى تحت ملكية بدو النقب في الوقت الراهن سوى 230000 دونم تعتبرها إسرائيل أراضي دوله ومُتنازع عليها وتحاول مصادرتها واقتلاع ال 45 قرية التي بنيت عليها أو مساومة ساكنيها على تحديد القرى كما حدث في مقترح العام  2000 والقاضي بالاعتراف ب16 قريه عربيه من النقب من ضمن ال 45 قريه بشرط موافقة مجلس القرى الغير معترف بها على هدم باقي القرى وتوطين سكانها قي مدن التوطين القسري والذي رفضه المجلس في حينه . الحرب في النقب لم تستثني أقوات البدو الذين لا حقتهم الكتيبة الخضراء التي شكلها شارون في السبيعنات والتي منعت البدو من الزراعة وحطمت محاصيلهم الزراعية من خلال رشها بالمبيدات كما خططت المؤسسة الإسرائيلية ضرب المورد الاقتصادي الأهم للبدو وهو الثروة الحيوانية بحيث كانوا يملكون من الماعز أكثر من 100000 راس ماعز ثم انخفضت إلى 40000 راس ما بين عام 1978 وعام 1979 واليوم لا يمتلك البدو غير آلاف قليله من رؤوس الماشية المتبقية في حوزتهم .من خلال المصادرة وبيعها بأسعار زهيدة ثم العمل على حصر وجودهم في مناطق تطويره تسع وزعتها في النقب لتغير طبيعة العرب البدو المنتشرة . السرد لهذه المعلومات يمكن تركيز المؤامرة من خلالها على عرب النقب من خلال النقاط التالية . 1. حصر الوجود العربي وبعد ترحيل 90% من البدو في بقعة أرض لا تتجاوز 2% من ألأراضي العربية في النقب واعتبار كل القرى والمضارب غير التسعة المعترف بها غير قانونية واليوم يجري العمل على هدمها . 2. شراء ذمم بعض مشايخ القبائل  وتمرير مخططات إسرائيل مقابل امتيازات شخصية ومنع ظهور قيادات وطنية ذات توجهات ضد المشاريع الصهيونية وتم هذا حتى أمد قريب لكن اليوم هناك تحول جيد في هذا الشأن . 3. عدم تطوير الأحياء البدوية وإبقاء سياسة التجهيل ليسهل معها السيطرة والاستعمال . 4. تغيير الطبيعة الثقافية للبدوي العربي الذي يعتبر الأرض عرضه والهوية الوطنية والمحافظة شيم الصحراء التي يعيش وهذا ما شوهد في بعض فئات البدو وقد تمردوا على هذه الثوابت وتجند بعضهم في جيش الاحتلال . المؤسسة الإسرائيلية والمدعومة بالقوة غير المحدودة والمخططات الكبيرة يواجهها البدو وحدهم ، وفي هذا المقام لابد من التأكيد على أن هناك تيار وطني عربي يقاوم هذه المخططات ولكن هذا الجهد الذي يفتقد من المساندة نخشى أن تهزمه المؤسسة الإحتلالية لذلك على من يعنيه الأمر المسارعة لنجدة عرب النقب ، الذين يعيشون في جحيم مخططات إسرائيل وعجز التفاعل العربي الذي قيدته مخططات السلام التي أسلمتهم لإسرائيل وكأنهم رعاياها ، ما أردت في هذا المقال قوله أن العربي في فلسطين يحتاج إلى جمع جسده من الشتات القسري الذي يعيش ليعاد الاعتبار لهويته الجامعة لبناء مقاومة تدفع ظلم الاحتلال .