خبر : العملية: فشل مطلق/بقلم: عوفر شيلح/معاريف 11/6/2010

الجمعة 11 يونيو 2010 02:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
العملية: فشل مطلق/بقلم: عوفر شيلح/معاريف   11/6/2010



 كان اسبوعا صعبا على نير باراك ورفاقه. ارسل باراك وتسعة قادة قطع بحرية في الاحتياط في سلاح البحرية في يوم الأحد الأخيرة رسالة الى رئيس الحكومة ووزير الدفاع طلبوا فيها تحقيق عملية وقف الاسطول الى غزة. كتب ضباط الاحتياط أن ليست الاستخبارات مذنبة ولا الاعلام: لقد كانت ها هنا عملية حكم عليها سلفا بالاخفاق، والقاء التبعة على منظميها – مهما يكن قصدهم سيئا – تحقير لقيمة المسؤولية.  كان وراء المجموعة التي وقعت على الرسالة باسمها ضباط آخرون يبلغون في الحصيلة العامة بضع عشرات – غير قليل، اذا كان الحديث عن سلاح صغير كسلاح البحرية. جميعهم من قدماء الاحتياط، معروفون جيدا في السلاح، كان يخيل اليهم أن شخصا ما هنا يفقد الضمير في عاصفة الدفاع عن النفس، وأنهم يفعلون ما يطلبه الروح العام البسيط الذي نشأوا عليه. فهم يعتقدون أن عرض العملية على أنها نصر، وأن الاحتشاد الجمعي، الذي كل من يزعم في اطاره أنه قد وجد فشل وأنه يجب التحقيق يخون محاربي الوحدة البحرية ويضر بالجيش الاسرائيلي وباسرائيل. إن ما حدث بعد ذلك كان عاصفة هوجاء. في أثناء الاسبوع كله تلقى باراك – وهو الوحيد بين العشرة الذي نشر اسمه على الملأ – ورفاقه عشرات المكالمات الهاتفية حمل بعضها طابع التهديد. وقد وجد من بدأ كتابة عريضة مضادة زاعما أنه كان يجب عليهم ان يتوجهوا شخصا الى قائد السلاح وعدم اخراج الغسيل القذر خارجا. بل حتى بعد أن أنشأ رئيس الاركان غابي اشكنازي لجنة برئاسة اللواء (احتياط) غيورا ايلند، وهو عمل فيه ما يلمح حتى الى أنه يعتقد أنه يوجد ها هنا ما يفحص عنه فوق ما يفعلونه على نحو عام، لم يهدأ الهجوم. في الجو الحالي، يبدو ان الهدوء ليس فسادا بل هو أعلى صور الوطنية.*** فوق نير باراك ورفاقه أيضا في سلم المسؤولية، يوجد من يعتقد أنه يوجد الكثير مما يفحص عنه. إن أقوال بوغي يعلون لرؤساء السلطات من الليكود هي طرف الجبل الجليدي فقط، وليس بوغي وحده في الحقيقة: فأعضاء من السباعية والمجلس الوزاري المصغر يتكلمون، بهمس في هذه الأثناء ومن غير أن يجرؤو على ايقاظ الجمهور من غفلته، في اخفاقات من أعلى الى أسفل: فهناك السلوك السيء التدبير لوزير الدفاع بتأييد من رئيس الحكومة حيث لا يكشفون شيئا ولا يشاورون أعضاء الجهات الرائدة في اتخاذ القرارات. لم يكن واضحا عندنا، يقول المجاهيل من قمة السلطة، البتة كيف ينظر باراك واشكنازي الى الحادثة: هل طريقة العمل، وتصور القيادة والتوجيهات للقوة تؤكد أن اطلاق النار والقتل ستكون بمنزلة ضرر شديد بمصالح اسرائيل – ولهذا يجب اختيار طريقة تضمن، مهما أمكن الضمان، ألا يحدث هذا. ويقولون نحن نتحمل مسؤولية، لكننا لم نكن حقا جزءا مما سماه يعلون "تدبير المعركة". أتهم بوغي أيضا من الفور بخيانة محاربي الوحدة البحرية، لأنهم جميعا في هذا الشأن يجتمعون وراء ظهر "أبنائنا" العريض. لم يجرؤ أحد على أن يقول إن المحاربين بعامة غير ذوي صلة بهذا الشأن: فقد استقر رأي وسائل الاعلام، رغبة في تصوير شعور الجمهور، على أن ما يجب فعله هو تصوير المحاربين في ملصقات بدل نقاش ذي شأن للتخطيط والتنفيذ. وما يزال بوغي صامتا أيضا مثل الآخرين الذين تحدثوا هذا الاسبوع همسا. أضيف الى هذا الخوف من الحماسة "الوطنية" البلبال الدائم ما بين لجنة التحقيق "المدنية"، التي ترى في الأساس خطوة دعائية ومحاولة لمصالحة رأي العالم، وبين التحقيق العسكري. لا يجرؤ أحد على أن يقول إن تحقيقا حقيقيا للقرار والتخطيط والتنفيذ مصلحة اسرائيلية بينة. فان زعم أنه لم يكن ها هنا نصر كبير، وأن العالم المتآمر يفسر ذلك على نحو مختلف فقط، يشبه أن يكون خيانة للوطن.*** لكن ثمة من استقر رأيه على الكلام. في وضع يسكت فيه ضباط صغار ومتوسطون، ويسكت وزراء راغبين، تنظر الأعين نظرا طبيعيا الى أناس ذوي رتب فوق الأكتاف، لا يمكن إهمال رأيهم بزعم أنهم خونة أو لا يفهمون أو أنهم ذوو مصالح. إن الصمت الخائف لأكثرهم مفهوم: فكثير منهم قريب من الطبق الأمني، في أعمالهم وبكونهم دائما مرشحين للمشورة او الانتقاد من الداخل. أما عامي أيالون وعميرام ليفين فيشعران شعورا مختلفا. كلاهما ذو تجربة لا نظير لها في العمليات الخاصة واتخاذ القرارات الأمنية، في الجيش وخارجه: فقد كان أيالون قائد الوحدة البحرية، وقائد سلاح البحرية، ورئيس الشاباك وعضوا في المجلس الوزاري المصغر؛ وتولى ليفين قيادة دورية النخبة وقيادة منطقة الشمال وكان نائبا لرئيس الموساد، وكلاهما عنده انتقاد قاتل لعلاج الاسطول – ولا يقل عن ذلك أهمية انتقادهما وهم التحقيق والضياع المطلق لكل احتمال تغيير. يسمي أيالون العملية "اخفاقا عملياتيا مطلقا" ويقول أنه فضلا عن أنه كانت هناك طرائق بديلة، كادت طرائق النقاش في المجلس الوزراء المصغر واجازة العملية العسكرية تضمن أن يختار البديل غير الصحيح. ويعد ليفين اخفاقات العملية وأسباب كون لجنة آيلند لن تغير شيئا، ويخلص الى استنتاج قاطع لا لبس فيه فحواه أن آيلند لكونه رجل قيم يجب عليه أن يستقيل رئاسة لجنة التحقيق وأن يعيد السلطة الى رئيس الاركان. يعلم الجميع ماذا ستكون نتائج التحقيق، يقول عامي ايالون، لان جميع اللجان السابقة – من اغرينات الى فينوغراد – قالت الشيء نفسه وهو أن اسرائيل لا سياسة عندها ولا آلية لتحديد السياسة. الجميع قالوا ولم يحدث شيء ولن يحدث شيء هذه المرة أيضا. "أقول لك بكوني عضوا في المجلس الوزاري المصغر في حكومة اولمرت: لم يوجد أي نقاش جدي ورسمي لسياسة حصار غزة"، يقول أيالون. "عندما حاولت اثارة ذلك، بعد خرق مئات من الفلسطينيين الحاجز نحو مصر، لم يوجد نقاش آنذاك أيضا. زعمت أننا ندفع بأنفسنا نحو الزاوية وأنه يحتاج الى تدخل دولي، لكن اولمرت وباراك لم يريدا الاستماع". ويقول ان العملية لوقف الاسطول "اخفاق مطلق. من صورة بحث الخيارات حتى التنفيذ نفسه. في اللحظة التي تمضي فيها على طريقة تجعل جنودا مسلحين يلقون مدنيين ذوي قدرة كامنة على العنف، يجب عليك ان تأخذ في حسابك أن يقع قتل، يكون في هذه الحالة فشلا. لكن هذه مشكلتنا الدائمة: فبرغم تغير مهام الجيش، لا ننشىء أي رد تكنولوجي او عملياتي على هذه المشكلات. إن خيارنا العنيف هو خيارنا الوحيد حتى عندما يضر بمصالحنا". يقول أيالون إنه كان يمكن وقف الاسطول بطريقة أخرى، وبطرائق سرية قبل رحلة السفن وفي أثنائها. لا يريد ان يفصل ذلك على الملأ، لكنه يزعم أن الحديث عن أمور تمت في  الماضي. لكن "لا يوجد هنا أي مسار للاتخاذ القرارات. وفي هذه الظروف يكون التحقيق العسكري بلا معنى. ولن يفضي سوى الى ان نعلم على نحو أفضل كيف نصنع الشيء غير الصحيح. من الواضح ان تخطيط العملية وتنفيذها وآثارها يقتضي شيئا يتجاوز التحقيق الموجود اليوم". يقول عميرام ليفين إن الانقضاض على الاستخبارات ايهام. "الحديث عن اسطول عرفوا عنه منذ أشهر. وقد عرفوا أن غايته دعائية وسياسية. فالى أي معلومات استخبارية أخرى يحتاج؟ يجب أن يكون فرض عمل المخططين أن يوجد فوقه عناصر معادية تريد المواجهة". ويقول إن العقل والمبادرة والأصالة كانت تفضي الى نتائج أخرى. من عملية سرية حتى تدبيرات اعلامية، تجعل الرحلة البحرية في مصلحة اسرائيل حتى قبل أن تتم لكن شيئا لم يحدث. واذا كان استقر رأيهم على وقفها بالقوة، يتابع ليفين الحديث، "كان يجب أن يكون تحديد المهمة أن يكون اطلاق النار اخفاقا. لا يعني ذلك أنه اذا تعرضت الحياة للخطر فلا يحل اطلاق النار، بل يجب في التخطيط والتنفيذ فعل كل شيء لمنع ذلك وهو أمر لم يقع على نحو واضح". لماذا؟ هذا هو الشيء الأكثر اقلاقا: إن مسار توجيه مهمة من المستوى السياسي الى الجيش ثم الى مستويات التخطيط واجازتها بعد ذلك في مسار يعود الى أعلى، يعوزه تماما التحدي والتفكير الأصيل. يقول ليفين: "أنا على ثقة من أنه قد تم في الجيش عمل قيادة منظم. لكن لا أحد تبين اخفاقات أساسية مثل مشكلات الحوادث والردود – مثل ماذا يحدث اذا هوجم المحارب الفرد النازل على حبل – ولم يشر أحد إلى أن العملية كما خطط لها قد تفضي الى نتائج ضارة. ويتابع قائلا "ليس الناس أغبياء، والحديث عن ظاهرة تتكرر مرة بعد أخرى – في حرب لبنان الثانية وفي "الرصاص المصبوب". وهذا يعني أنه توجد ها هنا مشكلة كبيرة في حرية التفكير".*** بعد حرب لبنان الثانية حصل ليفين على عمل يشبه في الصلاحيات وطريقة العمل ما عند لجنة آيلند: فقد تلقى تحقيقات الجيش الاسرائيلي الموجودة، وكان حرا ان يسأل اسئلة أخرى اذا شاء. اعتبر تقريره الأعمق في تحقيقات تلك الحرب، ولأنه كذلك خاصة يشكك في قدرة لجنة آيلند على أن تكون ذات جدوى. "ليست الاستنتاجات الشخصية هي المهمة، برغم أنها تصرف الانتباه العام. الشأن مختلف: أشك كثيرا في أن يستطيعوا التهرب من أن تكون النتيجة قائمة اخفاقات تقنية، وأن يمسوا الأمور التي هي في الحقيقة مرض وداء، وعلى رأسها طريقة اعداد الخطط واتخاذ القرارات". يقول ليفين: هذا بالضبط ما حدث لآيلند عندما عين ليحقق اختطاف شليت. وتوجد مشكلة أخرى: "عندما نتجاوز مسار التحقيق واستنتاج الاستنتاجات الدائم عند الجيش وننشىء لجنة خارجية، فمن الواضح أنه يوجد ها هنا مسألة ايهام. فهم يريدون ان يبينوا للجمهور أنهم يدركون أنه يوجد ها هنا شيء يتجاوز الأمور العادية. لكن عين لهذه اللجنة أناس مستقيمون وأخيار أمامهم عقبة: عندما ينتهي عمل اللجنة ويكون التقرير كما أعتقد، ستوجه الأصبع من الفور الى كون أحد أعضائها، وهو العقيد أفيف كوخافي الذي يمكث منذ شهور في منزله وينتظر تعيين رئيس الاركان، الذي هو أحد موضوعات التحقيق الرئيسة، ولهذا من غير الممكن انتقاده. سيكون الايهام أكثر اشكالا لأن آيلند حقق اختطاف شليت عندما كان كوخافي قائد فرقة غزة، وسيبدو وكأنهم انتظروا منهم الامتناع عن استنتاجات شخصية كما حدث آنذاك حقا. ولما كنت لا أشك البتة في استقامتهم، ولما كان هذا الايهام حاسما لصلاحية عمل اللجنة، فانني اتوقع من آيلند أن يرد الى رئيس الاركان هذه السلطة". ويقول ليفين: "يجب أن يرأس تحقيق الجيش الاسرائيلي أناس ذوو تجربة بحرية وعملياتية لا صلة لهم البتة بالجهاز القائم. أناس مثل قائد سلاح البحرية السابق ابراهام بن شوشان، ذي التجربة الكبيرة، أو عمانوئيل ساكل او حاييم ايرز. توجد هنا مشكلات أساسية أكبر كثير من اخفاقات هذه العملية، ويجب ان يكون واضحا ان من يحققها يدرك الصورة الكبيرة وليس له أي هوى"