خبر : كمين نووي لاسرائيل / بقلم: رونين بيرغمن / يديعوت 9/5/2010

الأحد 09 مايو 2010 11:06 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كمين نووي لاسرائيل / بقلم: رونين بيرغمن / يديعوت  9/5/2010



 في ذروة مؤتمر ميونيخ للامن قبل اربع سنوات، حاول بعض المندوبين العرب ان يطرحوا على البحث مسألة النووي الاسرائيلي. وزير الدفاع في حينه دونالد رامسفيلد ابتسم ابتسامة خفيفة نحو اللواء غيورا ايلاند الذي كان يجلس بين الجمهور وطيرهم الى الجحيم. فقد أوضح رامسفيلد بان "كل واحد يعرف بان اسرائيل تحتاج الى ان تدافع عن نفسها في وجه مخاطر وجودية" فانهى البحث في الموضوع قبل أن يبدأ.             اما اليوم فالواقع مغاير تماما             لاول مرة في تاريخها توشك الوكالة الدولية للطاقة الذرية على البحث في مسألة الترسانة الذرية المنسوبة لاسرائيل. البند الثامن في جدول اعمال جلسة مجلس امناء الوكالة، التي ستنعقد في فيينا في 7 حزيران، ينبغي أن يقلق جدا اسرائيل لسببين. السبب الاول هو ان لجنة الطاقة الذرية واسرة الاستخبارات الاسرائيلية علمتا امس بوجود البند من تقرير لوكالة اي.بي للانباء وليس من مصادرهما. والسبب الثاني، والاهم، هو أن الحديث يدور عن تآكل اضافي في سور الغموض الذي تفرضه اسرائيل منذ الستينيات حول ما يجري خلف اسيجة "مصنع النسيج" في ديمونا.             لو تصرفت الادارة الامريكية على نحو مغاير ما كان لكل هذا ان يحصل. بينما في مؤتمر ميونخ قبل اربع سنوات احبط المندوب الامريكي الكبير البحث في مسألة النووي الاسرائيلي، فانه في اجتماع ذات المؤتمر في شباط من هذا العام اطلق مندوبون امريكيون كبار ردودا ملتوية وغامضة في موضوع الحاجة الى تجريد الشرق الاوسط باسره من السلاح النووي، والتي تشبه الصياغات الرسمية التي تخرج مؤخرا عن البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية.             تجريد برميل البارود             لماذا يفعل الامريكيون لنا ذلك؟ أوليس هذا انتهاكا للاتفاقات السرية التي تحققت في عهد غولدا مائير والرئيس نيكسون، وبموجبها تحافظ اسرائيل بعناية على غموض نووي، وبالمقابل لا تطالبها الولايات المتحدة بالتوقيع على ميثاق منع انتشار السلاح النووي أو بفتح منشآتها النووية امام رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ ما الذي يحفز حقا الرئيس اوباما على مهاجمتنا في هذه الجبهة ايضا، او على الاقل الجلوس مكتوب اليدين في الوقت الذي يفعل فيه اخرون ذلك؟ جواب محتمل ما هو ان اوباما تحركه ايديولوجيا ليبرالية، تؤمن بحق وحقيق بانه يمكن تجريد برميل البارود المسمى "الشرق الاوسط" حتى قبل ان يحل هنا السلام. جواب محتمل آخر يتعلق بنسيج العلاقات العام بين الدولتين. الولايات المتحدة تتميز غضبا من سلوك اسرائيل على المستوى الفلسطيني ولهذا فانها تنزع جزئيا السترة الواقية التي غطت بها اسرائيل على مدى السنين في الموضوع النووي. في اسرة الاستخبارات الاسرائيلية هناك من يعتقد بان الامريكيين ملوا نتنياهو جدا لدرجة أنهم يستمتعون برؤيته ينزف.             من المعقول الافتراض ان الحقيقة توجد في مكان ما في الوسط. مهما يكن من أمر، فان الدول العربية تقرأ على نحو سليم التغييرات في واشنطن وتقصفنا في فيينا. في 23 نيسان اطلق المندوبون العرب الى رئيس الوكالة، يوكيا أمانو، برسالة طلبوا منه فيها رفع تقرير الى مجلس الامناء عن كل ما تعرفه الوكالة عن القدرة النووية لاسرائيل وكذا مطالبة اسرائيل بالسماح لمراقبي الوكالة بحق الوصول الى منشآتها النووية. ومؤخرا بعث أمانو ببرقية الى وزراء خارجية 151 دولة اعضاء في الوكالة الدولية وطلب توصيتهم في كيفية اقناع اسرائيل للانضمام الى ميثاق عدم نشر السلاح النووي.             البحث في ديمونا – سيء لاسرائيل             لو كانت اسرائيل وقعت على الميثاق، لكان البحث في الوكالة الدولية من شأنه أن يؤدي الى بحث في مجلس الامن في الامم المتحدة والقول ان اسرائيل تخرق الميثاق. استنادا الى مثل هذا القول يمكن لمجلس الامن ان يفرض عقوبات ضد الدولة الخارقة. ولكن لما كانت اسرائيل لم توقع على الميثاق، فلا يمكن لهذا أن يحصل. ولكن مجرد عقد بحث كهذا، في المحفل الاهم في العالم والذي يعنى بنشر السلاح النووي، لاول مرة منذ تشكيل المنظمة قبل 52 سنة فهو اشكالي جدا من ناحية اسرائيل.             حسب المفهوم الاسرائيلي الذي صاغه في حينه المسؤول عن الامن في جهاز الامن، يحيئيل حورب، فان كل بحث، انشغال او طلب للرقابة على ما يجري في ديمونا – سيء لاسرائيل. اذا ما تبدد الغموض، كما يهدد حورب وزملاؤه فان اسرائيل ستدخل قائمة الدول الخاضعة للمقاطعة الدولية، وحتى الولايات المتحدة – تحت أي ادارة – ستكون ملزمة بان تتخذ تجاهها سياسة اخرى. هذا سيضر بالعلم، بالاقتصاد وبالامن القومي لاسرائيل.             عزلة آخذة في الاحتدام             آخرون، وبينهم البروفيسور عوزي ايفن، من مؤسسي المفاعل في ديمونا، يعتقدون بانه انقضى زمن الغموض النووي. ويعتقد ايفن بان على اسرائيل أن تصل الى مكانة مشابهة لمكانة الهند: صحيح انها لا تلوح بالسلاح النووي الذي في حوزتها، ولكنها وقعت على الميثاق وتتمتع بالثمار الدولية له.             غير أن البحث المتوقع في الوكالة الدولية للطاقة الذرية من شأنه أن يقضم ليس فقط في سياسة الغموض بل وايضا في قدرة اسرائيل على التصدي لايران في الساحة الدبلوماسية. مجرد حقيقة أن احد ما وضع اسرائيل، ايران وسوريا في جدول أعمال ذات البحث يجعل كفاح وزارة الخارجية الاسرائيلية ضد التحول النووي لنظام آيات الله اصعب بكثير.             وفي نهاية المطاف، مثل هذا البحث يمس بالمكانة الدولة لاسرائيل، المتضعضعة اصلا. كل كارهي اسرائيل، وليس فقط في العالم العربي سيركبون بالمجان على هذا البحث وسيطالبون باتخاذ ذات الخطوات التي اتخذت في ايران تجاه اسرائيل. وبدون ذلك فان اسرائيل تعاني من عزلة متفاقمة وعملية نزع شرعية عن مجرد وجودها كوطن للشعب اليهودي. في هذا الواقع فان طرح مسألة النووي هو آخر شيء نحتاجه