ورحل شاعر الثورة محمد حسيب القاضي أبو حسام رحل على حين غرة رحل بهدوء لا يغاير الهدوء الذي كان يكسو محياه رحل أبو حسام وفي القلب غصة كلماته تزأر في كل جانب في كل اتجاه أيا فارسا شق للعلا خطاه أيا شاعرا ثائرا أنار ليل الوهن سناه أجل إنا اليوم افتقدناك قرأنا كلماتك للمرة الألف يا شعبنا هز البارود يا شعبنا سمّع الدنيّا هذا صوت رصاصنا قسما ما نرمي سلاحنا من يدنا إلا بعد ما نحررك يا أرضنا اهتزت على وقعها رصاصات الثائرين وحجارة الأطفال الرائعين قرأنا كلماتك للمرة الألف ثوري ثوري يا جماهير الأرض المحتلة ثورتنا انطلقت قيدي من دمك الشعلة سكنتنا ثورتك وروعتك وتسامت قاماتنا في أفق الوطن كلماتك ظل للندى وإشراقة روح أيا شاعرا عاش للثورة ومع الثورة صباه على نظم أشعارك يملأنا الصحو وعلى نظم أشعارك ننظم فكرة للغد نسهب في التأويل نشرق في مداخل النص والتعبير على نظم أشعارك أيها الفارس نمشي وتهزنا القصيدة تهزنا الكلمة يأسرنا الحرف تلمع في عيوننا الرصاصة ويتراقص الكلاشينكوف أنشودة روح ونص إرادة ولغة عناد هل ننسى وهل يمكن إن ننسى كلمات زرعت فينا عزة زرعت فينا ثورة ولغة حياة انشد أبا حسام فصوتك يعلو صوتك يزأر حين يصيح لبروجي ما فيه عوقي كلاشنكوف يسابقني طير من شوقي والشوق يا يمه رصاص داوي وايدين تشدّ من ليلي خيط شروقي حين يصيح لبروجي وتحين النزلة يا يمه نتسابق انا ورفيقي ونهيض وسلاحنا يا يمه لو ميت دبابة قدامي لو ميت طيارة من فوقي اجعل درع من صدري وأحمي رفيقي يافا ترثيك أبا حسام يافا التي طالما شدوت لأجلها وترقبت أن تصلي على ترتبها يافا مسقط رأسك ترثيك ولن تنساك أطفال الحجارة ترثيك وفرسان حرب الشوارع ترثيك أبا حسام غزة التي عدت إليها وغادرتها مهموما محزونا لما أصابها ترثيك لا زلت اذكر ذلك اليوم ... عندما قابلتك في اتحاد الكتاب وخرجنا سويا برفقة أبي الحسن * في سيارتي عام 1994 لأوصلك إلى بيتك المتواضع في شارع الجلاء حيث كنت تعيش بمفردك مع أشعارك وكلماتك وردهات نصوصك لأعرف كم أنت متواضع وعميق إلى حد الغرابة والذهول وعندما قابلتك للمرة الثانية في بيت أبي الحسن حيث شاءت الأقدار أن نلتقي ثانية تعجبت وذهلت ملئ روحي رغم هذا الفارق في السن والمكانة تجامل لتؤكد انك ابن الشعب والثورة والجماهير رغم انك من جيل الأربعينات ونحن من جيل الستينات إلا انك تختصر بروحك ونصوصك الزمان والمكان ولا تجعل لنفسك برجا عاجيا وتترجم نصوصك في شوارع الوطن الحزين التي لطالما شدوت لها وعنها وبقدر ما تحمل نصوصك من غليان وثورة وعنفوان بقدر ما كنت هادئا وعميقا وجدت فيك روح صوفي يتسامى بالصبر وبالإيمان وأنت تكتب عن صبر أيوب و تصر على المضي قدما بكل عناد الثائر وشفافية الصوفي بإيدي رشاشي… وبدي أضلني ماشي وأرضنا المحتلة… ما بترجع بلا شي وبدي أضلني ماشي… وبدي أضلني ماشي أبا حسام اغمرنا بروحك ونصك الشعري ولا تغادر حلق بروحك فوق يافا واكتب نصك الشعري من جديد لمجد كتبت عنه ما نسيناه أبا حسام لا ترحل وابق في حنايا الروح وكروم البرتقال والزيتون واعذرنا إن لم تطل الكلمات هامتك أبا حسام صرخة العاشقين تدوي لمجد صنعته خطاه... Momtaz1966@hotmail.com كاتب وشاعر فلسطيني
