خبر : أسطورة "حدود" 1967/بقلم: دوري غولد/اسرائيل اليوم 30/4/2010

الجمعة 30 أبريل 2010 01:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
أسطورة "حدود" 1967/بقلم: دوري غولد/اسرائيل اليوم 30/4/2010



كان رفض أبي مازن اقتراح دولة في حدود مؤقتة، كما نشر في صحيفة "هآرتس" يوم الجمعة الماضي مصحوبا بتصريح فحواه ان كل تسوية سياسية مع اسرائيل ستكون على أساس "حدود 1967". ودعا زبغني ييف بجيجينسكي مستشار الامن القومي للرئيس كارتر، وعضو الكونغرس السابق ستيف سولارز في مقالة مشتركة نشرت في المدة الاخيرة في صحيفة "واشنطن بوست" دعوَا الى حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني "على أساس حدود 1967". يتبين أن عددا أخذ يكبر من الناس، وفيهم عناصر رسمية وأناس في مناصب رئيسة، يظنون أنه كان يوجد حدود معترف بها بين الضفة الغربية واسرائيل في سنة 1967 وأنه توجد أهمية كبيرة لاعادة هذه الحدود الى ما كانت عليه. ومع ذلك، يقوم النقاش كله على عرض مشوه لمعنى خطوط 1967 باعتبار حقيقة انه لم يوجد في الضفة الغربية قط حدود دولية معترف بها. يبدو حتى أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون زل لسانها عندما قالت في أثناء زيارة للبحرين في شباط هذا العام: "نحن نؤمن بأن حدود 1967، مع تبادل أراض، يجب ان تكون في مركز المباحثات في الحدود". نقضت هذه الجملة موقف ادارة اوباما الرسمي الذي صاغته بنفسها بحظر كبير. يقول الموقف الرسمي ان الولايات المتحدة تؤمن بأنه يمكن المصالحة بين طلب الفلسطينيين العودة الى خطوط 67 وبين طلب الاسرائيليين حدودا آمنة تأخذ في الحساب احتياجات اسرائيل الأمنية والواقع على الارض. صححت كلينتون نفسها بعد ذلك. ينبغي ان نذكر ان خطوط 67 ليست أكثر من خطوط الهدنة من 1949. في حين كان في الجبهة المصرية والسورية تاريخ حدود دولية معترف بها فصلت بين الانتداب البريطاني وجاراته، لم يكن ما حدد خط الهدنة على الجبهة الاردنية أكثر من النقطة التي وقفت عندها القوات الاسرائيلية والعرب بعد انقضاء حرب التحرير مع زيادة تغييرات طفيفة فحسب. في واقع الأمر كانت خطوط 49 التي اصبحت بعد ذلك "حدود 67" خطا عسكريا لا غير. بعبارة أخرى، لم يعترف بخطوط الهدنة أنها حدود دولية. ومن نتاج ذلك ان الاردنيين احتفظوا بحقهم منذ 1949 في طلب أراض داخل اسرائيل لمصلحة الطرف العربي. يجدر بنا أن نذكر أنه في الـ 31 من آيار 1967، قبل نشوب حرب الايام الستة بأيام معدودة فقط، آثار سفير الاردن في الامم المتحدة أمام مجلس الامن هذا الزعم تماما، مؤكدا أن الاتفاق القديم "لم يقرر حدودا". بعد حرب الايام الستة، أصر صاغة القرار 242 في مجلس الأمن على أن تستبدل حدود حقيقية بخطوط الهدنة في 1949. ذكر اللورد كرادون، السفير البريطاني في الأمم المتحدة قائلا "أعرف جيدا حدود 1967. ليست حدودا تسكن لها النفس، انها المكان الذي اضطرت فيه قوات الجيش الى الوقوف". ولخص كلامه بقوله: "ليست هذه حدودا دائمة". وأضاف نظيره الامريكي آرثر غولدبيرغ قائلا "من جهة تاريخية، لم توجد قط حدود معترف بها وآمنة في المنطقة". وأضاف وذكر أن خطوط الهدنة لا ينطبق عليها هذا التعريف. رأى السفيران أن القرار 242 الذي عملا عليه يفترض أن ينشىء حدودا عرفاها بأنها "آمنة معترف بها"، حدودا تكون بديلا من الخطوط التي نشبت الأزمة بسببها. أكد الرئيس جونسون هذه النقطة في أيلول 1968 بقوله: "من الواضح أن العودة الى واقع 4 حزيران 1967 لم تفض الى السلام. توجد حاجة الى حدود آمنة معترف بها". وتبين هذه الفروض أيضا لماذا لم يدع القرار 242 الى انسحاب كامل من جميع الاراضي التي احتلتها اسرائيل في اثناء حرب الايام الستة؛ وما عادت خطوط الهدنة في 1949 نقطة تتناولها مسيرة سلمية في المستقبل. يزداد اليوم زخم توجه معاكس، يدعو الى تحصين مكانة خطوط 1949 ويقدس خطوط 67 على أنها "حدود" ذات مكانة دولية . الحديث في واقع الامر عن احدى الظواهر التي تصحب مبادرة السلام العربية من 2002 التي تتناول خطوط 67. لفقت خريطة الطريق في 2003 أيضا هذا المصطلح الاشكالي بذكرها ان السلام سيفضي الى "انهاء الاحتلال الذي بدأ في 1967"، برغم أن تناول القرار 242 طمس شيئا ما على الاشكال الذي أحدثه هذا المصطلح. تحت ولاية الرئيس اوباما، عادت خطوط 67 لتصبح علامة طريق في المسيرة السياسية. بين الرئيس بوش في رسالته الى رئيس الحكومة اريئيل شارون في 2004 قائلا: "ليس من الواقعي توقع أن تكون نتيجة التفاوض في التسوية الدائمة هي العودة الكاملة التامة الى خطوط الهدنة في 1949". بيد انه في حين أجيزت رسالة الرئيس بوش بكثرة ساحقة غير حزبية في مجلسي النواب، امتنعت ادارة اوباما عن التصريح عن أنها تلتزم مضمونها من جهة قانونية. بينت هذه النقطة في أثناء المراجعة الطويلة للكلام بين مراسل شبكة "فوكس" ونائب المتحدث عن وزارة الخارجية روبرت وود في الاول من حزيران 2009. اختار اوباما في خطبته في الامم المتحدة أن يقتبس من خريطة الطريق التعبير الذي يتناول "الاحتلال الذي بدأ في 1967"، لكنه بخلاف سلفه لم يذكر القرار 242.  ان عدم اصرار اسرائيل على صياغة خريطة الطريق في 2003 هو خطأ واحد فقط من اخطاء كثيرة كررتها اسرائيل في السنين العشر الاخيرة. مكنت هذه الاخطاء من عودة خطوط 67 على حساب وهم القرار 242. ان حقوق اسرائيل في حدود قابلة للدفاع عنها تكون بديلا من خطوط 1967 راسخة جدا في القانون الدولي وفي التوجه التقليدي لمجلس الامن. سيكون من الخطأ البعيد الاستمرار على التمكين من اضعاف هذه الحقوق قبل بدء محادثات السلام.