خبر : السلام الاقتصادي: كيف يهدأ النزاع/بقلم: دانييل دورون/اسرائيل اليوم 23/3/2010

الثلاثاء 23 مارس 2010 11:11 ص / بتوقيت القدس +2GMT
السلام الاقتصادي: كيف يهدأ النزاع/بقلم: دانييل دورون/اسرائيل اليوم 23/3/2010



محقون الذين يدعون بأن هناك اسرائيليين يغذون نار النزاع بين الشعبين. البيروقراطية حول كل حكومات اسرائيل على أجيالها تعذب اليهود وتجعل لهم الموت، ولكن بذات القدر تجعل هذه البيروقراطية الموت للعرب ايضا لانها تشد خناق الاحتكارات السائدة في الاقتصاد الاسرائيلي على المواطنين. ولكن ليس بتشديد النزاع من خلال قمع اقتصادي لليهود والعرب هو ما تهتم به. اهتمامها هو في الضرر الهائل الذي يلحقه اسرائيليون ذوو نوايا طيبة (هكذا يدعون) لحلفائهم الفلسطينيين من خلال توجيه همهم نحو أعمال عابثة ايديولوجية تشعل نار الكراهية بين الشعبين. وذلك بدلا من تشجيعهم على اتخاذ أعمال لترميم اقتصادهم الذي دمره ياسر عرفات برعاية مسيرة اوسلو تدميرا تاما تقريبا.  نموذج جيد على استغلال ضائقة العرب من قبل معسكر "الاسوياء والمتنورين" (الذي يشبه الشكل الذي يستغل فيه اليسار ضائقة فقراء اسرائيل لتحقيق خيالات اجتماعية منذ البداية أدت منذ البداية الى تفاقم الفقر في اسرائيل)، حصلنا عليه من حلقة البحث التي عقدها معهد فان لير تحت عنوان "اقتصاد السلام أساس أم تمويه".  ودعت حلقة البحث بعضا من أهم رجال الاعمال في السلطة الفلسطينية في ظل التجاهل لحقيقة أنه في كل ما يتعلق بالسلطة – فان الانسان لا يمكنه أن يثرى فيها الا اذا كان مؤيدا لنظام القمع والفساد. وطلب الى المشاركين البحث في المسألة الهامة فيما اذا كانت الدولة الفلسطينية المستقبلية يمكنها أن تتطور كدولة محبة للسلام طالما لم ينشأ فيها مجتمع مدني يقوم على أساس اقتصاد السوق التنافسي. مسألة ثانوية كانت هي، هل من مصلحة اسرائيل،  على فرض أن هذا التطور مرغوب فيه، ان تساعده بدلا من تفشله؟ الجواب واضح. حتى منذ فترة ما قبل اوسلو تعلمنا أنه لا توجد مثل العلاقات الاقتصادية ما يمكنه أن يدفع السلام الى الامام. على دولة اسرائيل أن تكافح الارهاب بشكل مباشر، من خلال تصفية قيادته، وليس بشكل غير مباشر من خلال الحواجز التي يتجاوزها الارهابيون على أي حال ولكنها تعرقل التنمية الاقتصادية لجيراننا. الضيوف، بتشجيع من مضيفيهم الاسرائيليين كرسوا كل المساء لحملة دعائية ضد اسرائيل وضد الاحتلال. فالاحتلال وفقط الاحتلال، بزعمهم، هو العامل المعرقل للنمو الاقتصادي الفلسطيني. وشرحوا بانه اذا لم تسمح اسرائيل باقامة دولة فلسطينية حسب شروطهم، فسيتبدد أمل نتنياهو في ان يساعد تحسين العلاقات الاقتصادية في تخفيف حدة النزاع. المشكلة هي أنهم يستندون الى حجة كاذبة. فالاحتلال الأكبر في التاريخ، ذاك الذي فرضته الامبراطورية العثمانية بوحشة وبقمع غير مسبوق، حث تنمية اقتصادية هائلة استمرت مئات السنين فقط لانه خلق سوقا مشتركة. بعد أن أدى النظام الاجتماعي – الاقتصادي القمعي، الفاسد والمتعفن للامبراطوريات الاسلامية الى تدهور اقتصادي – اجتماعي، كان الاحتلال الاستعماري هو الذي انقذها، مؤقتا من التعفن الاقتصادي مثلما حصل في مصر مثلا. وبالمناسبة، فان الاحتلال الاسرائيلي ايضا، على كل مساوئه، حث اقتصاد غزة، يهودا والسامرة، الذي تعفن تحت حكم الاردن ومصر، ودفعه الى تنمية هائلة. اضافة الى ذلك فقد احدثنا تغييرا اجتماعيا ايجابيا للغاية، ولا سيما في كل ما يتعلق بمكانة المرأة عندهم.  الفلسطينيون يمكنهم ان يطوروا اقتصادهم بنجاح كبير حتى في ظروف الاحتلال الاسرائيلي، وذلك اذا ما عالجوا اولا السبب الاساس الذي منع عنهم التنمية الاقتصادية (مثلما يمنع ذلك في باقي البلدان العربية) – النظام الفاسد والقمعي لديهم. وبدلا من قضاء ايامهم بالتحريض ضد اسرائيل فلعلهم يفعلون شيئا ما كي يمنعوا الارهاب وكي لا يعطوا اسرائيل "الذريعة" (على حد تعبيرهم) لاقامة حواجز وعرقلة الحركة الحرة للبضائع والاشخاص – الامر الذي بالفعل ادى الى تشويشات اقتصادية. ولكن الضيوف ومضيفيهم الاسرائيليين في النقاش لم يبدوا معنيين بتنمية اقتصادية لدى جيراننا مثلما هم معنيون بمكافحة "الاحتلال الاسرائيلي".  غير أنهم هكذا يلحقون ضررا يفوق بكثير الضرر الذي يلحقه الاحتلال. عمليا، اليسار في اسرائيل يشجع الفلسطينيين على اقامة دولة تكون مثل كل الدول العربية، دولة دكتاتورية فاسدة تسيطر فيها طغمة تضطهد مواطنيها وتجعل حياتهم بائسة، ولا سيما النساء.