خبر : "فياض" في اليوم الوطني للثقافة : برنامج انهاء الإحتلال وبناء الدولة ليس مشروعاً خيالياً بل هو فعل مقاوم عنيد

السبت 13 مارس 2010 09:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
"فياض" في اليوم الوطني للثقافة : برنامج انهاء الإحتلال وبناء الدولة ليس مشروعاً خيالياً بل هو فعل مقاوم عنيد



رام الله سما اكد رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض "إن برنامج انهاء الإحتلال وبناء الدولة الفلسطينية ليس مشروعاً خيالياً بعيد المنال، بل هو فعل مقاوم عنيد، وورشة حقيقية للعمل الجاد والمنظم، بدأ يتحول إلى ورشة تعزز الانجاز وتعجل في تحقيقه. وقال فياض في خطاب القاه في حفل إحياء اليوم الوطني للثقافة الفلسطينية وحفل تسليم جائزة محمود درويش لعام 2010 مساء اليوم في رام الله ان " ما نحتاجه دوماً هو تضافر العقول والجهود والأيادي. فلا وقت لدينا لانتظار العالم حتى ينصفنا، ولا وقت لدينا حتى تفيق غطرسة القوة من عنجهيتها".   الخطاب الكامل :   في الذكرى السنوية لميلاده المتجدد نلتقي، وفي حضرة الغياب وغياب الحاضر المطل علينا في التلة المجاورة، نواصل رسالته، ونحمل له شجرة لوز وسنبلة لنزرعها في ذاكرة المكان. في هذه القاعة ،ولسنوات، جلسنا نستمع لكلماته العذبة ونستمتع بطلته الجميلة الباهية وفروسيته النادرة، والتي حملت لحظات المعاناة وأطلقتها أملاً في فضاء الكون واللغة. واليوم، وللمرة الثانية، وبحضوره الأبدي، نلتقي لا لنكرم ذكراه الحاضرة في شعبه دوماً، بل لنتكرم به، ونجدد الوفاء لمشروعه الثقافي الوطني والتحرري، الذي صاغه مع كل رواد الثقافة وأعمدة الوطنية الفلسطينية، ونثره معهم في ضمير ووجدان البشرية وعدالتها المنتصرة حتماً.   نعم أيها السادة والسيدات نلتقي اليوم في رحاب سيد الكلمة وفارسها، وربيع الابداع لجمال الفراشة ونعومة زهرة اللوز، وعمق جذور الزيتون التي تحمي أرضنا كما تحمي قصيدته أصالة ثقافتنا. لقد أسس لفلسطين مشروعها الثقافي الابداعي، ونقش بحروف لغته الفريدة مشروع الوطنية الفلسطينية المعاصرة الذي أسس له وقاده الخالد ياسر عرفات. وبين راحتيهما، وفي قلبيهما كما في حدقات عيونهما، كانت القدس قبلة مشروعنا الوطني والثقافي الانساني، كيف لا؟ وهي عنوان الاخلاص الأبدي لرسالة الأنبياء، الذين رفعوا على مدى التاريخ راية الانسانية وقيمها السامية، بل وقاوموا كل اضطهاد مهما كان لونه أو طبيعته. وسيظل وفاؤنا للقدس رمز الوفاء لرسالة الأنبياء. فهي مفتاح السلام للبشر، وأمل أطفال فلسطين بالحرية والكرامة، وهي درة التاج وعنوان العدل والسلام والابداع.   لقد تجاوز بإبداعه وعذوبة روحه خيوط العبث وجدران العزلة الفكرية والثقافية، وانتصر بانسانيته لانسانيتنا وأعاد صياغة فلسطين لتكون أم البدايات وأم النهايات. وكما لا يمكن فصل فلسطين عن تاريخها وابداعات شعبها، فإنه أيضاً لا يمكن عزل نهضتها المتجددة نحو الحرية والانعتاق عن أشعاره وكلماته ومشروعه الثقافي المتجسد في وصيته لشاعر شاب يواصل حمل رايته نحو الحرية والإنسانية الرحبة، أو لشابة ترسم رقصة الأمل، أو فلاح يحمي زيتون الأرض ويزرعها سنابل، لتتواصل رحلته الممتدة من البروة الأولى في تيه التشرد وعنفوان التجدد والبحث عن الأمل، لتتواصل فصول الرواية التي لا تنتهي، بل تتجدد بجمال أكثر زهواً في تلة تطل على مشارف القدس، تزهر فيها أشجار اللوز، وتحتضن ذكراه وميلاده، حضوره وغيابه، أشعاره وآماله، لا، بل آمال شعب مصمم على الحياة، والتي أعطى لها ولكلماتها معنىً جعل ما على هذه الأرض يستحق الحياة، يا سيد الكلمة وصانع فضائها.   السيدات والسادة، إن الحدث الذي نلتقي في رحابه اليوم لاستكمال مسيرة المشروع الثقافي الفلسطيني، وفي يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية المستمد من ميلاد درويش، وتخليدا لديمومة ونهوض فكره الثقافي على الصعيدين الوطني والإنساني، والاستمرار في حمل رسالتي الابداع والانفتاح اللتين تشكلان روح الثقافة والحداثة والقيم والمثل الحديثة والإنسانية، فإن مؤسسة محمود درويش وهي تحيي مع شعبنا ومثقفي العالم ذكرى ميلاده، وتخلد مكانته المرموقة التي استحق اعتلاء عرشها، فإنها تكرس هذا اليوم للاعلان عن جائزته للإبداع في الآداب والفنون.   وهنا، ومن منطلق التزام السلطة الوطنية الكامل بالمشروع الثقافي الفلسطيني بأصالته التي أسس لها درويش وكل الرواد، وبآفاقه الإنسانية الرحبة والمنفتحة على العالم وثقافاته، نرى في هذا المشروع مكوناً أساسياً من مكونات تجسيد الهوية الوطنية في دولة فلسطين بمؤسساتها وبنيتها التحتية، وفي المقدمة منها روح هذا المشروع الوطني، وقلبه النابض الذي تعبر عنه الثقافة الوطنية بكل أبعادها واستحقاقاتها وبناها التحتية. فالدولة التي نسعى لإقامتها ليست فقط دولة كل الفلسطينيين أينما كانوا، بل هي كذلك دولة القيم الانسانية النبيلة، التي تعتبر الابداع ركناً بارزاً في فسيفساء بنائها الجميل، وتطلق الروح القادرة على الانجاز والثقة بالقدرة على تحقيقه. ولن يكتمل البنيان بدونها. وأقول لن تكون الثقافة التي حمت الهوية حجراً يهمله البناؤون. فإذا كانت الثقافة هي حارسة الهوية، فلن تجسد الهوية في دولة فلسطين دون الثقافة صرحاً بارزاً، وليس حجراً منسياً.     الأخوات والإخوة، السيدات والسادة، لقد اعلنت السلطة الوطنية قبل أشهر وثيقة عملها "فلسطين: انهاء الاحتلال وإقامة الدولة" والتي انطلقت من تجربة شعبنا الملموسة وحقوقه الطبيعية في الحرية والاستقلال والعودة، كما عرفتها الشرعية الدولية، وأكدت عليها وثيقة الاستقلال في تعبير مبدع بين ثنائية الوطنية والثقافة، ثنائية عرفات- درويش. فهذا البرنامج ببساطة يشكل أداة فعل لهزيمة اليأس والاحباط، وانتصار الثقة بالنفس والقدرة على الانجاز، والتي نراها يوميا مع كل طفلة تشق طريقها للمدرسة، ومع كل طريق يعبد، وكل مصباح يضاء، ومع كل عيادة تؤمن العلاج للمرضى، ومع كل مشروع يعزز صمود شعبنا ويقربه من لحظة الخلاص من الاحتلال. ومع ذلك وقبله وبعده، مع كل فرصة إبداع تمنح لفنان أو شاعر أو كاتب أو مسرحي أو سينمائي، وفي بيئة قادرة على حماية هذه الابداعات، وبنية قادرة على تطويرها.   فثقل الاحتلال وممارساته لن يجعلنا نغفل عن واجبنا في رعاية ودعم المشروع الثقافي والنهوض بكامل مكوناته كركيزة للبنية التحتية لمجتمعنا ودولتنا ومستقبلنا. لا بل أقول إن ثقل هذه الأعباء يلزمنا بهذا المشروع. فالمشروع الثقافي هو البوصلة التي تمكننا من الاّ نضل الطريق.   إن برنامج انهاء الإحتلال وبناء الدولة، أيها السيدات والسادة، ليس مشروعاً خيالياً بعيد المنال، بل هو فعل مقاوم عنيد، وورشة حقيقية للعمل الجاد والمنظم، بدأ يتحول إلى ورشة تعزز الانجاز وتعجل في تحقيقه. وما نحتاجه دوماً هو تضافر العقول والجهود والأيادي. فلا وقت لدينا لانتظار العالم حتى ينصفنا، ولا وقت لدينا حتى تفيق غطرسة القوة من عنجهيتها.   السيدات والسادة، لقد أعلنت قبل اشهر عن الخطوط العريضة لمهمات عمل الحكومة ودورها في استنهاض المشروع الثقافي في حفل افتتاح أكاديمية الدراما في فلسطين. وأجدد أمامكم التزامنا الكامل بمواصلة إنجاز هذه المهمات وتوفير كل الامكانيات اللازمة لتحقيقها واقعاً على الأرض. وفي هذا المجال، فإنني أؤكد مجددا استعداد الحكومة لاستكمال تقديم كل الدعم لصرح محمود درويش الثقافي "حديقة البروة"، وأعلن اليوم، وبناء على توجيهات من الأخ الرئيس أبو مازن، عن دعم السلطة الوطنية لهذا المشروع بمبلغ نصف مليون دولار من أجل البدء في انشائه.   واليوم، فإنني أعلن، وفي يوم الثقافة الفلسطينية، ومن على منبر محمود درويش وما يمثله من مكانة في حياتنا الثقافية ومستقبلها، عن توجه الحكومة لاعتماد ميثاق شرف ثقافي ليكون دليلها في التعاطي مع كل المبدعين والمثقفين والإعلاميين والكتاب والفنانين والصحفيين والأدباء والباحثين والعلماء واصحاب الرأي، وبما يضمن لهم الفضاء الحرّ غير المسقوف إلاّ بالسماء، وتحريم كل أشكال الرقابة والمنع والكف والملاحقة، بكل أشكالها. وسيكون عنواناً أساسياً فيه أن لا شرط على الحرية إلاّ المزيد منها، والمزيد من العمل على ايجاد مساحات أكثر اتساعاً للرأي والرأي الآخر، دون اعتراض أو تجريم.  وسنعمل على تطوير القوانين التي تحفظ كل ذلك، وتمكن من حماية الكلمة والإبداع والنقد المسؤول من أي مسّ أو تهديد أو وصاية أو إلزام.   وستعمل الحكومة على إزاحة كل العقبات لمواصلة اندفاعة الفكر والثقافة والفنون والآداب والإبداع بكافة مكوناتها، بهدف تكريس هويتنا الثقافية، وتعميق وحدة المثقفين في الداخل والخارج، ولمواجهة كل أشكال الإلغاء والتغريب والاستلاب، ولتطوير علاقتنا الثقافية مع عمقنا العربي ومحيطنا الإنساني. وأعتبر أن هذا هو جوهر ميثاق الشرف الذي أدعو المثقفين والمفكرين والفنانين إلى بلورته وتعميمه.   إن قوتنا تكمن في توفير المناخ الحرّ للإبداع، بكل مكوناته، باعتبار الحرية شرطاً للحصانة الوطنية. هذا هو وفاؤنا لدرويش وروحه المحلقة في سمائنا، ... وهذا هو التزامنا لشعبنا، ولن نحيد عنه.   شكرا لكم والسلام عليكم