خبر : ميتشل على خطى رايس واسرائيل ماضية كما تشاء ... رشيد شاهين

الأحد 24 يناير 2010 11:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
ميتشل على خطى رايس واسرائيل ماضية كما تشاء ... رشيد شاهين



ما ان رشح السيد باراك اوباما نفسه للانتخابات الرئاسية في أميركا حتى بدأت الرهانات في العالم الثالث بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص على الرجل، وعلى انه فيما لو نجح فانه سوف يغير وجه العالم والتاريخ والجغرافية، وازدادت وتيرة الرهان عليه يعد نجح في الانتخابات ليصبح أول رئيس اسود في البيت الأبيض، ثم تكرر السيناريو بعد ان تفضل وألقى كلمته أو خطبته في العاصمة المصرية، والتي لم تحمل في حقيقة الأمر أي شيء جديد سوى الكلام المعسول الذي أدار رؤوس السذج من امة العربان، وهي لم تتضمن ما يمكن المراهنة عليه، وتسابق من تسابق في التحليل والتضليل أحيانا والتطبيل والتزمير، وكأن اوباما سوف يقوم بما لم يقم به أي من رؤساء الولايات المتحدة الذين سبقوه. الرهان على الرجل امتد ليصل إلى مبعوثه للسلام في المنطقة السيد جورج ميتشل الذي ما ان تم تعيينه في هذه المهمة حتى علا ضجيج نفس الأدوات والأصوات والأبواق، وصار هؤلاء يروجون للرجل لأنه استطاع ان يقود المفاوضات بين الكاثوليك والبروتستنت في ايرلندا الشمالية وان يتوصل إلى توقيع اتفاقية بين تلك الأطراف في العام 1998، لا بل ان البعض راهن على الرجل لأنه من أصول ايرلندية – من ناحية الأب- ولبنانية من جهة الأم. واقع الحال يقول انه لا الرئيس الأمريكي يمكن المراهنة عليه وقد لاحظ العالم تراجعاته المتكررة  الواحد تلو الآخر ليس فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي لا بل وشمل ذلك العراق وأفغانستان وجوانتانامو وحتى الوضع الاقتصادي وازدياد البطالة في الولايات المتحدة خلال عام على وجوده في السلطة من 13 مليون عاطل إلى 15 مليون. ولا مبعوثه إلى الشرق الأوسط الذي تم التعامل معه خاصة من قبل وزير خارجية الكيان المحتل بكثير من الصفاقة وقلة الاحترام ولم نر منه أي رد فعل يشي بان الرجل يمكن ان يتميز بما أشيع عنه من قدرة على إدارة المفاوضات خاصة وان الموضوع الفلسطيني يختلف اختلافا كليا عن الموضوع الايرلندي وان ما يمكن تطبيقه في ذاك الصراع ليس بالضرورة يمكن ان يكون مفيدا في هذا الصراع عدا عن الطبيعة العدوانية والوظيفية لدولة الكيان المحتل. عندما كانت الوزيرة- الدكتورة- رايس وزيرة للخارجية، قامت بجولات مكوكية عديدة إلى المنطقة وقد استخدمت كل علاقاتها وقدراتها وسطوة سيدها بوش الابن من اجل تحقيق ولو تقدم صغير إلا أنها فشلت بذلك كما فشل من سبقها في هذا المجال، لقد وصل الأمر بالوزيرة رايس ان تستجدي دولة الاحتلال من اجل إزاحة حاجز هنا أو تفكيك حاجز هناك، وكان ذلك ملاحظا خاصة في أيامها أو أشهرها الأخيرة في ذالك المنصب، إلا ان الحقيقة هي انها لم تصل إلى هذا الدرك أو إلى تلك الطلبات إلا في آخر مرحلة من مراحل اتصالاتها. ما حدث مع الوزيرة رايس وكما اشرنا كان في الأيام الأخيرة من ولاية سيدها بوش الصغير، إلا ان ما يجري مع السيد ميتشل وتقليص طموحاته وطلباته من دولة الاحتلال، يأتي وهو بعد  في أول الطريق، والحقيقة ان السؤال هو ماذا يمكن للسيد ميتشل ان يطلب بعد عام من الآن خاصة وانه يضطر إلى استجداء قادة دولة الكيان من اجل رفع حاجز هنا أو إزالة حاجز هناك. إسرائيل وفي ظل التجربة التي مرت بها على مدار عام كامل من ولاية الرئيس اوباما، استطاعت ان تعرف كيف تتعامل مع الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، وهي خبرت ضعف أداء هذه الإدارة من خلال التراجعات المستمرة لإدارة اوباما عن مطالبها والتي يعلمها الجميع، وبالتالي فان إسرائيل ليس في وارد تقديم أي تنازلات لا لميتشل ولا لسيده اوباما. القضية هي ليست قضية تزمت أو عناد حكومة العدوان بقيادة نتانياهو،  وإنما هي في عدم قدرة الإدارة الأمريكية على فرض أي شروط أو عدم ممارسة أية ضغوط على دولة الكيان، ان نوايا الحل لدى إدارة السيد اوباما غير موجودة، فإسرائيل في نهاية المطاف لا تختلف عن غيرها من دول لعالم، ان مواقف الدول الأخرى هي التي قد تجبر إسرائيل على الاستجابة أو عدم الاستجابة،إسرائيل تشعر بأنها الدولة – المدللة- في العالم، وهي تقوم بكل ما تريد وترغب دون ان تجد من يقف في وجهها. ويبدو ان العالم بحاجة إلى أكثر من اردوغان أو شافيس أو ربما الملك  حسين بن طلال- قضية محاولة اغتيال مشعل- من اجل ان يبصق الحقيقة في وجه هذا الكيان ومن يقوم عليه من غلاة المتطرفين والشذاذ. لقد أثبتت التجارب العديدة مع دولة الكيان انه كيان لا يرغب في إعطاء الشعب الفلسطيني أي من حقوقه، وقد كانت تجربة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مريرة على مدار 18 عاما وهذا باعتراف من شارك في تلك المفاوضات، وفي هذا الإطار فان الجانب الفلسطيني جانب الصواب عندما قلص خياراته وحددها في طريق واحد هي الحياة مفاوضات، ان الرهان على إمكانية نجاح المفاوضات والتوصل مع دولة مثل دولة الاغتصاب إلى حلول وسط، لم يكن فيه الكثير من الفطنة والحنكة، خاصة وان إسرائيل لا تعترف أصلا بالشعب الفلسطيني، وهي منذ تأسست تقول ان هذه ارض بلا شعب وارض الميعاد وهبة من الله، الرهان على قيام دولة فلسطينية مستقلة في ظل وجود كيان فاشي تقلد الحكم فيه منذ تأسيسه عصابات من المتطرفين يعتبر رهانا فاشلا عدا عن انه يؤشر على غياب الفهم لدى الجانب الفلسطيني عن الدور الوظيفي وطبيعة هذا الكيان. إسرائيل دول عدوانية يحكمها مجموعة من الفاشيين، ولن تقبل بقيام كيان فلسطيني إلا ضمن رؤيتها هي وبالشروط التي تريد، وما تقوم به من مصادرة للأرض وبناء للجدر وتوسيع للمستوطنات، لا يوحي بأي شكل من الأشكال ان الطبيعية العدوانية لهذا الكيان قد تغيرت، أو ان الأهداف والغايات قد تبدلت، إسرائيل لن توافق على قيام كيان فلسطيني كما يريد الشعب الفلسطيني، ونظرة واحدة على ما يجري في الأراضي المحتلة يمكن ان يبين لمن يريد، ان إسرائيل ماضية في مخططاتها، وهي تقوم بفرض المزيد من الحقائق على الأرض، وهي بذلك تدمر ما تبقى من الحلم الفلسطيني في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. وهذا ما يجب ان يتنبه له ليس فقط أبناء فلسطين لا بل والعالم اجمع. باختصار شديد، إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، والسؤال هو، هل يمتلك الفلسطيني أو هل أبقى الفلسطيني لنفسه أي من عناصر القوة من اجل إجبار إسرائيل على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني؟ السؤال متروك لقادة هذا العشب.