خبر : الأمن الإعلامي مسئولية الجميع... رياض الاشقر

السبت 16 يناير 2010 11:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
الأمن الإعلامي مسئولية الجميع... رياض الاشقر



يبدو انه لا مفر من التعايش مع مفهوم الأمن ومتطلباته وإدراك حقيقته وأهميته والتعاطي معه لكي نتقى إضراره ، ونحمى أنفسنا ومجتمعنا من المخاطر والمزالق التي يسعى الأعداء بكل أنواعهم إلى توريطنا فيها .ولعل مفهوم الأمن لا يقتصر على الجانب التي له علاقة بالحوادث والخروقات الأمنية فقط بل يمتد ليشمل كافة جوانب الحياة حيث الأمن الاقتصادي والأمن السياسي والأمن الاجتماعي، والأمن الفكري، ولكن ما نود الحديث عنه في السطور القادمة هو الأمن الإعلامي وبالتحديد ما يتعلق بقضية الجندي المأسور في غزة "جلعاد شاليط" .ومصطلح الأمن الإعلامي هو حديث نسبياً ويقصد به "الإجراءات العملية التي تراعى الأبعاد الأمنية في كل مخرجات الإعلام عبر وسائله المختلفة "، ووظيفته "إيقاف أو منع تورط وسائل الإعلام من تسبب الخلل الأمني في المجتمع الذي تصدر فيه "، ويتحقق الأمن الإعلامي بتوافق تام وتنسيق مستمر بين وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية المختلفة ، بحيث تدرك تلك الوسائل بان حرية النشر غير مفتوحة بشكل مطلق ولكنها مقيدة بمسئولية الحفاظ على امن المجتمع ، بعدم نشر كل ما يضر به، أو يتسبب في اختراق حصونه من قبل الأعداء .ولو أخذنا قضية شاليط مثالاً على ذلك نجد أن وسائل الإعلام الفلسطينية وخلال تغطيتها لهذه القضية لم تراعى المصلحة العامة سواء الأمنية أو الاجتماعية فتسابقت بشكل محموم إلى نقل الأخبار التي تصدرها وسائل إعلام العدو بهذا الشأن، وهى لا تدرك مرامي تسريب تلك الأخبار والمعلومات التي غالباً ما يكون مصدرها الأساسي "أجهزة الأمن الصهيونية" لتحقيق أهداف إستخبارية خاصة في محاولة لمعرفة مكان شاليط، أو على الأقل استعادته بأقل الخسائر عبر تمرير صفقة هشة لا تلبى طموحات وأمال شعبنا ، وما لجأت إليه مخابرات الاحتلال في الآونة الأخيرة من الاتصال على أهالي الأسرى واستغلالهم للضغط على حماس لتنفيذ الصفقة بشروط الاحتلال ما هو إلا حلقة من هذا المسلسل .   ولو تجاوزنا عن هدف هام ترغب دولة الاحتلال في تحقيقه من وراء تلك التسريبات ألا وهو التأثير على معنويات الشعب الفلسطيني وعلى وجه الخصوص الأسرى وذويهم ، عبر نشر أخبار تتحدث عن انتهاء الصفقة، وان الكرة في ملعب الفصائل الفلسطينية، وان التنفيذ متوقف على ردها على العرض الاسرائيلى ،وأحياناً يشعرونا بان الصفقة تمت وانتهت ،ثم ينزلون بنا إلى الأسفل ويخبرونا بأنه ليس هناك صفقة .  لو تغاضينا عن ذلك كله سنجد أن الأجهزة الأمنية للعدو تستغل الإعلام لتحقيق أهداف أمنية، فتقوم بنشر أخبار معينة بشكل متعمد ومدروس، لمحاولة الوصول إلى معلومات خاصة من خلال مراقبة الاتصالات بمختلف أنواعها وما يمكن أن يدور فيها رداً على تلك الأنباء والأخبار التي تم تسريبها، ومراقبة ردات الفعل لقادة التنظيمات المعنية سواء السياسة أو العسكرية و الأمنية ، وكذلك رصد تحركات بعض الأشخاص الذين يعتقد الاحتلال ومخابراه بان لهم علاقة بتلك القضية ، ولا يغفل الاحتلال الذي لا نقلل من إمكانيات مخابراته عن أي معلومة مهما كانت صغيرة أو تافهة في نظرنا ، ثم يقوم بدراسة تلك المعلومات وتحليلها بشكل دقيق ، للوصول إلى حقائق على الأرض .وبذلك نكون قد حققنا أهداف الاحتلال وساعدناه بشكل غير مباشر دون أن ندرى، لأننا ببساطة لا ندرك مفهوم الأمن الإعلامي ،أو ندركها ولكننا نقدم مصلحتنا الخاصة على مصلحة المجتمع ككل. وهذه المسئولية لا تتحملها وسائل الإعلام لوحدها، إنما تتحمل المؤسسة الأمنية جزء منها، حيث منوط بها عملية التوعية الأمنية لمرامي الاحتلال وأساليبه ووسائله ، ووضع محاذير لا يجوز لأحد الاقتراب منها لحماية المجتمع من اختراقات العدو، وتأمين الجبهة الداخلية من كل العابثين بها والمستهترين ، ووضع قيود على النشر بحيث لا يتعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني، وإيجاد آلية مراقبة مستمرة  لما ينشر في وسائل الإعلام التي تخضع لمناطق نفوذها ،حتى لا تربك المواطنين وتشيع اليأس والإحباط ، كتلك التقارير التي نشرتها بعض المواقع الالكترونية وتحدثت عن "حالة هستيريا " تجتاح الشارع الغزى خوفاً من حرب قادمة، هذه التقارير تنشر الإحباط والضعف في الجبهة الداخلية ،وهذا يؤثر على نفسية المواطنين ويخدم الاحتلال .وهذه الرقابة التي نطالب بها ليست بدعاً من الدول ، فمعظم الدول العربية تحظر على الإعلام نشر مواد معينة تتعارض والمصلحة العامة، ففي دولة الإمارات يحظر القانون نشر مواد إعلامية تؤدى إلى بلبلة في الرأي العام وتتنافى مع متطلبات المصلحة الوطنية ، وفى البحرين يحظر القانون نشر اى أخبار من شانها تكدير الأمن العام أو إلحاق ضرر بمصلحة عامة ،، وفى السعودية يحظر القانون نشر اى مادة تفضي إلى ما يخل بأمن البلاد أو نظامها العام أو ما يخدم مصالح أجنبية تتعارض مع المصلحة الوطنية أو يؤدى إلى زعزعة الطمأنينة العامة او بث التفرقة بين المواطنين وفى سلطنة عمان يمنع نشر الموضوعات والآراء التي تلحق الضرر بالنظام العام وتعرض سلامه الدولة وأمنها الداخلي للخطر. وكذلك الكويت والأردن وسوريا .إذاً على الإعلام أن يسعى لخدمة المجتمع وتحقيق الأمن وليس العكس ، وهذه مسئولية يتحملها الجميع ، فهل نحن على قدر المسئولية أم تظل المسألة محصورة في المصالح الفردية فقط ؟.   مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى والمحررين