خبر : يثورون للقضاء علينا / بقلم: ايلان اسيا / هآرتس - 10/1/2010

الأحد 10 يناير 2010 11:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
يثورون للقضاء علينا / بقلم: ايلان اسيا / هآرتس - 10/1/2010



عشية الحرب العالمية الثانية كانت قواعد اللعب الدولية تتميز من جهة برومانسية العقائد المتطرفة ومنها القومية الفاشية والعنصرية المتطرفة، ومن جهة اخرى بمصالح استعمارية منطلقة القيود والانسانية. لم يكن ليهود اوروبا الذين كانوا بلا وطن ولا سلاح للدفاع عنهم، أي احتمال أن يبقوا حيال قواعد اللعب هذه.             قواعد اللعب الدولية في أيامنا مختلفة. فهي في ظاهر الامر انسانية، وتهتم بحقوق الانسان، وتعادي العنصرية وهي الى حد كبير غير قومية ايضا. لكن من الواضح انها تتميز كما كانت قبل 70 سنة برومانسية التطرف من جهة، وبانتهازية غير مقيدة من جهة اخرى. يميل الكبار اليوم ايضا كما كانوا في الماضي الى جباية غرامات عن مخالفات قانون اللعب من الصغار فقط، والان كما كانت الحال، هذه القوانين هي بمنزلة تهديد لحياة اليهود الذين يوجدون في  اسرائيل هذه المرة.             ان استغلالا انتهازيا معاديا للسامية للفرق بين قوانين اللعب السارية الفعل في الواقع الامني الذي تحاول اسرائيل البقاء فيه – افضى بعقب العملية الاخيرة في غزة، الى انقضاض جماعي عليها كان تقرير غولدستون رمزا لذروته.             يوجد للاجراءات المواجهة لاسرائيل ثلاث نقط اعتماد رئيسة. اولاها زعم استمرار الاحتلال غير الشرعي للمناطق. من المحقق انه توجد اسباب جيدة للخروج من المناطق، لكن لا يقوم أحد منها على العلة الكاذبة وفحواها اننا احتللنا في سنة 1967 منطقة تحت سيادة فلسطينية. نقطة الاعتماد الثانية هي زعم عدم التناسب. ولد استعمال هذا الزعم لان مبتدعيه لا يستطيعون ان يسلبوا اسرائيل البتة حقها في الدفاع عن نفسها، لانه سيجب عليهم آنذاك ان يغيروا ميثاق الامم المتحدة. من أجل الالتفاف على هذه العقبة يعرضون كل عملية دفاعية اسرائيلية ذات شأن على أنها رد غير تناسبي ولهذا فأنه غير قانوني.             نقطة الاعتماد الثالثة هي زعم المس المتعمد بالمواطنين واتهام قادة الدولة والجيش الاسرائيلي بجرائم حرب. تعرف حماس وحزب الله ولا سيما من يقف وراءهم جيدا قواعد اللعب الحالية. سبيل الى استغلالها هي تصريف اجراءاتهم بحيث يكونان برغم انهما منظمتان تحكمان مثل دولة، كيف تحاربان اسرائيل على انهما منظمتا عصابات. تهاجمان بسلاح باليستي كأنهما قوة نظامية، لكنهما تختبئان وراء مواطنين مدنيين مثل عصابة. اختارتا هذه الطريقة لا كتكتيك ضروري بل كاستراتيجية مفضلة، عالمتين بأن هذه الاستراتيجية تجعل اسرائيل تقف بحسب قوانين اللعب الحالية أمام اختيارين غير ممكنين: اذا لم تحم نفسها بسلاحها من هجماتهما فانها ستنقض عراها، واذا دافعت عن نفسها – فان قواعد لعب "التناسب" و "الانسانية الرومانسية"، واتهام قادتها بجرائم الحرب ستعارض حقها في الوجود.             وهكذا تتمكن حماس وحزب الله ومستعملوهما ومؤيدوهما ايضا من الاعلان بصراحة انهم يرمون الى القضاء على اسرائيل، ان يطلقوا آلاف القذائف الصاروخية على بلداتها المدنية وان يعترضوا على شرععية وجودها، في حين تعمل هي في مقاومة قواعد اطلاق الصواريخ التي تختبىء وراء ظهور النساء والاولاد.             يبدو انه بواسطة قواعد اللعب الدولية تحاول جهات ومنظمات وحكومات في المنطقة وفي العالم، ان تعيد اليهود الى وضع العجز الذي كانوا فيه قبل 70 سنة. انها تجهد كل الجهد كي لا يستطيع اليهود في دولتهم السيادية استعمال سلاحهم للدفاع عن حياتهم.             لا تبين الهجمة الدولية بوضوح ايضا مطلب الانسحاب الى حدود 67 فقط، بل الطلب الى الشعب العبري ان يتخلى من سيادته على اسرائيل، وان يحصل بدل ذلك على دولة ثنائية القومية وهي طراز فشل في كل مكان في العالم. ينشىء هذا المطلب وضعا يطلب فيه الى الشعب الذي دفع أبهظ ثمن في التاريخ لانه لم تكن له دولة قومية – أن يكون أول من يتخلى منها.             يفضي هذا الواقع غير الممكن الى ثلاثة استنتاجات حاسمة، تقتضي من الحكومة الاخذ باستراتيجية جديدة. الاستنتاج الاول هو ان اعمال العقاب الصغيرة المدى في مواجهة اعداء اسرائيل تقويهم فقط. هذه الاعمال لا تحرز أي هدف استراتيجي بعيد المدى، والعالم يعاقب اسرائيل عليها، ويضعف عمدا شرعية وجودها ويرمي الى المس البالغ بقادتها. والاستنتاج الثاني هو ان العقوبات التي تقع على اسرائيل من العالم والتحريض الذي يصحب جهودها في البقاء في الواقع القائم في المنطقة، تسبب اليوم وعلى عمد، خسارتها شرعيتها وتقويض أسس وجودها لذلك.             تفضي هذه المسارات بالضرورة الى الاستنتاج الثالث وهو ان اسرائيل في الحرب المقبلة اذا فرضت عليها، يجب ان تغير ذلك الواقع في المنطقة، الذي لا يمكنها اليوم من الدفاع عن نفسها كما ينبغي. اذا لم يمكن اسرائيل من ان تدفع حماس عن نفسها فستضطر الى القضاء عليها البتة. واذا لم تمكنها قوانين اللعب من ان تحمي نفسها من حزب الله فستضطر الى نقض قدراته العسكرية والسياسية. لان الخيارين اللذين يقيدان اسرائيل اليوم هما بمنزلة عقدة عويصة النقض على رقبتها ويجب علاجها بحسب ذلك.   (هو مؤرخ للنزاع العربي – الاسرائيلي، ومحاضر في قسم العلوم السياسية في المعهد الاكاديمي في الجليل الغربي)