خبر : نحو تفعيل المجلس التشريعي لصيانة الحريات العامة ..بقلم : محسن أبو رمضان

الإثنين 04 يناير 2010 11:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
نحو تفعيل المجلس التشريعي لصيانة الحريات العامة ..بقلم : محسن أبو رمضان



عندما تقرر القوى السياسية الفلسطينية بصورة شبه تامة بالمشاركة بالعملية الانتخابية ،لانتخاب المجلس التشريعي وكذلك المؤسسات الأخرى كالبلديات والنقابات والمؤسسات الأهلية ، فإن ذلك يعكس الإرادة الجمعية بانتهاج المسار الديمقراطي في عملية بناء مؤسسات المجتمع والحكم . إن هذا القرار الجماعي بالمشاركة في عملية بناء مؤسسات المجتمع والحكم يفترض اعتماد سلسلة من المفاهيم والآليات التي تساهم في تعزيز المسار الديمقراطي مثل سيادة القانون والفصل بين السلطات ، واستقلال القضاء ، واعتماد سلسلة من التشريعات بالسياسات التي تضمن حقوق المواطنين وفئاتهم الاجتماعية المهمشة والضعيفة ، الأمر الذي سيعمل على تعزيز قيم المواطنة المتساوية والمتكافئة بين الناس بما يتجاوز البنى القبلية والعضوية ، وبما يعزز من قيم المساواة وعدم التمييز .يستند النظام السياسي الفلسطيني وبالأخص المجلس التشريعي إلى القانون الأساسي وهو بمثابة الدستور المؤقت " حيث ان الدستور الدائم يكون في إطار مؤسسات الدولة ذات السيادة ، هذا إلى جانب العديد من القوانين التي تحمي حقوق الأفراد على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية وتنظم العلاقة ما بين السلطة والمواطنين وقطاعاتهم المهنية وفئاتهم الاجتماعية المختلفة. إن المشاركة بالعملية الانتخابية يعنى الإقرار الضمني والجماعي بتبني كافة الحلقات والترابطات الخاصة بمفهوم الديمقراطية ذاته ، حيث أن الانتخابات هي آلية ليس إلا ، ولكن قيمتها لن تكون كبيرة إذا جرى الاقتصار عليها فقط دون تبنى كافة الملفات والدوائر الخاصة بها ولعل أبرزها احترام الحريات وحقوق الإنسان وثقافة التسامح والتنوع والاختلاف والتعددية والحق بالعمل الأهلي والتشكيل الحزبي والنقابي والرأي والتعبير والصحافة....إلخ .وعليه فإنه من المنطقي أن تنعكس المشاركة بالعملية الديمقراطية في قوانين وتشريعات منصفة لحقوق الأفراد والفئات الاجتماعية والقطاعات المهنية المختلفة لكي يتم اعتماد مضامينها والمجسدة بالحرية والمساواة والعدالة وعدم التميز، وذلك بغض النظر عن طبيعة الحزب الذي يحظى على الأغلبية في إطار المجلس التشريعي.وبالوقت الذي ينظر المرء بحزن شديد على ما آل إليه المجلس التشريعي ، حيث انسحاب جميع الكتل الانتخابية وإبقاء كتلة سياسية وانتخابية واحدة تعمل في إطاره ، فإننا نأمل أن لا تستمر الحالة الراهنة والتي تعكس نفسها بالسلب على مسار العملية التشريعية والرقابية بالوطن ، بما يساهم بالنكوص عن قيم المواطنة و الارتداد عبر انضواء الأفراد في البنى الجهوية والقبلية والمناطقية .وعليه فإنني أرى أنه من المناسب التفكير بآليات تساهم في إعادة تفعيل المجلس التشريعي وذلك كمؤشر على مدى جدية الأطراف السياسية والكتل الانتخابية على استمرارية الالتزام بالمسار الديمقراطي ومن اجل إعادة الاعتبار للمؤسسة الوطنية الفلسطينية كحاضنة للخلافات الداخلية على طريق حلها بالطرق القانونية وبأساليب الحوار والمشاركة الوطنية .فما الذي يمنع من إعادة استضافة القوى السياسية وعبر المجلس التشريعي للحوار الوطني ، وكذلك دعوة جميع القوى السياسية في إطار لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية لتعقد اجتماعاتها في مقر المجلس التشريعي وكذلك بحث التحديات الوطنية من حصار وإعادة اعمار من خلال هذا المنبر بوصفه بيت الشعب . إن إعادة إحياء المجلس التشريعي لا يهدف إلى إعادة بناء المؤسسة الديمقراطية الفلسطينية فقط ، ولكنه يهدف كذلك إلى وقف التدهور في سجل الحريات وحقوق الإنسان في مجتمعنا جراء حالة التشاحن والانقسام بين كل من حركتي فتح وحماس بما أدى إلى تقويض العديد من المكتسبات الحقوقية والديمقراطية وتعزيز حالة الاستقطاب الفئوي بالمجتمع خارج دائرة التشريعات وبعيداً عن القانون الأساسي الذي يتبنى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان كأحد مرتكزاته ومرجعياته .ولقد بات ملحاً الضغط باتجاه اعتماد مرجعية المجلس التشريعي والقانون الأساسي من أجل وقف الاعتقالات السياسية ، والسماح بحرية العمل الحزبي والأهلي لحركة حماس بالضفة ولحركة فتح في غزة وضمان حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وفق مرجعيات القانون وسلسلة التشريعات الفلسطينية .وإذا كان هناك صعوبات في عقد دورة رسمية للمجلس التشريعي ، بسبب حالة الانقسام السياسي فلتكن اجتماعات المجلس ابتداءً على قاعدة من التراضي الوطني وليس بالضرورة بالطرق الرسمية التي تشهد حالة من التجاذب والاستقطاب بين كل من حركتي فتح وحماس .إن إحياء الاجتماعات حتى أن كانت غير رسمية بالمجلس التشريعي سيعبر عن ثقة المواطن بالمؤسسة الوطنية والديمقراطية الفلسطينية وستتحول تلك الاجتماعات إلى منتدى للوفاق والمصالحة ومرجعية لضمان حرية وكرامة وحقوق المواطنين،وربما تشكل تلك الاجتماعات المدخل لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على أسس من الحوار والمصالحة والوحدة الوطنية .  إن ما تقدم يشكل واحدة من الآليات المقترحة لحماية الحريات العامة وصيانة المكتسبات الديمقراطية ومن أجل إعادة وحدة النسيج الاجتماعي بصورة تضمن الاستمرارية والتماسك والتلاحم على أنقاض ما حدث من تصدعات في المبنى الاجتماعي الداخلي.