خبر : سي أي إيه! ... مصطفى إبراهيم

الثلاثاء 22 ديسمبر 2009 02:00 م / بتوقيت القدس +2GMT
سي أي إيه! ... مصطفى إبراهيم



على إثر ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الأسبوع الماضي حول الإشراف والتعاون الوثيق بين جهاز المخابرات الأمريكية "سي أي إيه"، وجهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة الفلسطينية، عقبت بعض المصادر الفلسطينية في غزة بالقول: الموضوع ليس جديداً ولا يتعلق فقط بـ "سي أي إيه" الأمر يتعدى ذلك، وان هناك ارتباطات وتعاون وثيق مع أجهزة أمنية عالمية، وبالطبع الإسرائيلية. وأضافت أن هذا التعاون تحت ما يسمى محاربة "الإرهاب" قائم منذ نشأة السلطة الفلسطينية، وان العلاقة كانت وما تزال بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية و"سي أي إيه"، علاقة مميزة تتعدى التعاون، و العلاقة بين "سي أي إيه" وجهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة هي علاقة الحاضنة. وتتحدث المعلومات أيضاً عن أن جهاز "سي أي إيه" يشرف على التدريب والتمويل وتقديم المساعدة اللوجستية للجهازين المذكورين، ويتلقى جهاز المخابرات الأمريكية التقارير الأمنية المتعلقة بفصائل المقاومة خاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والجماعات السلفية، وله الأفضلية لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية في تلقي المعلومات. الأخبار تحدثت عن تقديم الإدارة الأمريكية مساعدات للسلطة الفلسطينية بقيمة نصف مليارد دولار منها 100 مليون دولار لتدريب قوات الأمن الفلسطينية التي يشرف عليها الجنرال الأمريكي كيت دايتون. ويكفي أن يقدم جهاز "سي أي إيه" المال والتدريب واحدث الوسائل تقنية، والتدريب على التحقيق وانتزاع الاعترافات من المعتقلين بأحدث تقنيات التعذيب الجسدي والنفسي، وليس من الضروري أن يشرف على التحقيق مباشرة وهو يتلقى المعلومات ويوجد من يقوم بالعمل القذر. وبعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، شددت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قبضتها في الضفة الغربية، وبدأت بتنفيذ الخطة الأمنية التي وضعتها حكومة رام الله بتجريد المقاومة من أسلحتها وتسليم عشرات المطاردين أسلحتهم. وانطلقت بذلك من الشعار الذي رفعته السلطة في أن "لا سلاح غير السلاح الشرعي"، وهو الشعار ذاته الذي ينطلق منه المنسق الأمني الأمريكي كيت دايتون الذي يشرف على تدريب وإعادة تأهيل قوى الأمن الفلسطيني "السلام عبر الأمن". وبعد أن توقف التنسيق الأمني بعد عملية السور الواقي وإعادة احتلال الضفة الغربية ربيع العام 2002، (يشكك بعض العارفين في طبيعة وتركيبة قيادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بذلك)، زادت وتيرة التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والأجهزة الأمنية الإسرائيلية وصلت لأعلى المستويات، وأصبحت الأجهزة الأمنية الفلسطينية تعمل بانفلات غير مسبوق، وعاد الوضع إلى الفترة الذهبية لتلك الأجهزة من التعاون والتنسيق الأمني في سنوات التسعين من القرن الماضي. وانطلقت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بذلك بتغطية سياسية مطلقة من القيادة الفلسطينية، وعدم السماح لحركة حماس أو غيرها من الفصائل بالقيام بأي نشاط، ولم تتعظ تلك الأجهزة مما حل بها عندما اقتحمت قوات من الجيش الإسرائيلي المقر الرئيس لجهاز الأمن الوقائي في بيتونيا في الضفة الغربية أثناء عملية السور الواقي، واعتقال معظم ضباط الجهاز الذين كانوا يشرفون على التعاون المشترك والتنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الذي وصل في تلك الفترة لأعلى المستويات. وما تزال تلك الأجهزة تعمل بجد ومستمرة في التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتقوم بما هو مطلوب منها وغير المطلوب، وتتعاون مع أجهزة أمنية مختلفة، ويتلقى ضباط معينون التدريب على تلقي المعلومات وتحليلها وطرق التعامل معها، وتجنيد المتعاونين وكيفية تشغيلهم واختراق صفوف فصائل المقاومة، وبعض الجماعات الإسلامية السلفية.    لم تدرك القيادة الفلسطينية بعد، أو هي تدرك أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ومعها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنها وعلى رغم ما تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية من تعاون وتنسيق أمني كبير وتقديم معلومات مجانية، أن الاسرائيليين لم ولن يثقوا بهذه بالقيادة الفلسطينية والأجهزة، وهم ينطلقون من أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية عملها فقط تقديم المعلومات وتلقي المعلومات التي تريد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تقديمها، ومن الشعار الأمني الإسرائيلي " نحن فقط نحمي أنفسنا". فالأجهزة الأمنية الفلسطينية لم تكتف بالعمل تحت إمرة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بل تخطت ذلك وتتعاون مع أكثر من جهاز امني عالمي في مقدمتها "سي أي إيه" الذي ليس بحاجة إلى الإشراف على عمليات التحقيق والتعذيب.   mustafamm2001@yahoo.com mustaf2.wordpress.com