خبر : وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .. د. محمد إبراهيم المدهون

الخميس 10 ديسمبر 2009 12:06 ص / بتوقيت القدس +2GMT
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .. د. محمد إبراهيم المدهون



  "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ" [آل عمران : 133] المسابقة إلى الخيرات منافسة محمودة "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ " [المطففين: 26] ،" أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" [المؤمنون: 61] " .وجعل الله درجة السابقين أعلى من أصحاب اليمين، فمنزلة أصحاب اليمين دون منزلة المقربين " هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ" [آل عمران : 163]. وكذلك "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى" .وقال صلى الله عليه وسلم "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب ، لتفاضل ما بينهم". ولقد تفطّن الصحابة إلى هذه المعاني العظيمة فكانوا مسارعين في الخير دائماً فحازوا الدرجات العٌلى والرفعة. ومن التنافس المحمود المبادرة إلى الصف الأول, وكذلك التنافس في الجهاد بالمال والنفس, وقيام الليل والعلم والذكر والصلاة والصدقة والصيام والإصلاح بين الناس والدعاء إلخ من أبواب الخير الرحبة الفسيحة. كل واحد في هذه الدنيا له سبيل "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" [البلد : 10] فالناس مشارب ولكن السعيد من وفّقه الله لسلوك الطريق الأقوم، ومن الناس من ينحرف في تنافسه لتكون "الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه" .ويقول صلى الله عليه وسلم "فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتننافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم".وينشأ عن ذلك التكالب على الدنيا والمخاصمة المستمرة عليها وعلى ما فيها من متاع زائل, وتكون العداوة والبغضاء على كل من يسبقه في أمور الدنيا, وازدراء نعمة الله عزوجل وعدم الرضا بها. يُبطل التنافس المحمود فساد النية، فلربما ينافس الإنسان غيره في عمل من أعمال الخير كالصدقة أو الصوم أو نحوه من الأعمال ولكن قد يزل بنيته فيهوي خاسراً الدنيا والآخرة. وذلك بتحقير منجزات الغير ، وإظهار سلبياتهم, وسوء الظن بالناس وتأويل أقوالهم, أو لحسد) الداء الذي يأكل الحسنات). ومن العوائق التي تمنع التنافس التسويف والتباطؤ وهو من خصال الكسالى المتثاقلين.وفي إدارة التنافس مع العدو, فلا ينبغي بخس الخصم إمكاناته, فالأساس أن نعرف ونفهم الخصم وموارده وأهدافه وغاياته وإستراتيجيته. وهذا لا يأخذنا في طريق المبالغة بقوة الخصم وفي ذلك يقول نابليون "هناك نزعة تجعلنا نفترض أن عدونا المنافس يبلغ طوله أقداماً, وله موارد غير محدودة, وليس لديه مشاكل, بينما نبدو نحن إلى جواره أقزاماً تافهة ذات موارد محدودة ومشاكل كثيرة".هنا على أرض فلسطين الحبيبة يبدو جلياً أن الصراع المحتدم مع الاحتلال الغاصب بحاجة إلى تقدير دقيق لقدرات العدو وخططه وبرامجه. وكذلك تحديد نقاط ضعفه من أجل مزيد من الإنهاك له ولأتباعه.ومشروعي التحرر في فلسطين في تنافس ولكن يبدو أن هناك من يضل الطريق وينحرف في فلسفة التنافس ليجعل من العدو حليفاً؟! ومن المنافس في ميدان التحرر عدواً، فيحدث التواطؤ في العدوان على غزة، ويُنجّي (الفلسطيني؟!) الاحتلال من تقرير الإدانة الدولي (غولدستون)؟!لنعد إلى المنهج ونصحح المسار ولتكن وجهة البوصلة صوب القدس وفلسطين وإلا فإن سنة الله ماضية " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ" [الرعد: 17].