خبر : صفقة تبادل الأسرى: سياقات مختلفة لنتيجة واحدة ...سماعيل رمضان

الثلاثاء 01 ديسمبر 2009 11:41 ص / بتوقيت القدس +2GMT
صفقة تبادل الأسرى: سياقات مختلفة لنتيجة واحدة ...سماعيل رمضان



  يزيد عدد المعتقلين السياسيين الفلسطينيين في سجون ومعتقلات إسرائيل عن عشرة آلاف أسير، أكلت منهم جدران السجن، وتصارعت مع نفوسهم وعقولهم سنوات الانتظار الطويل، وبين بارقة أمل تظهر وبين إحباط وفشل، يستمر الأسرى الفلسطينيين متمسكين بالثوابت الوطنية دون أن ينكسر لهم جناح او يخبو إيمانهم بقضيتهم العادلة، إلا أن عرض قضيتهم وطريقة تناولها ربما يحتاج إلى إعادة نظر، أو أكثر من ذلك يحتاج إلى نظر، فوجود بعضهم خلف القضبان لأكثر من ثلاثين عاما يشير إلى أن قضيتهم لا تحظي بما يكفي من اهتمام. مع اقتراب صفقة شاليط من التمام نرى أن قسما من الأسرى الذين سوف تشملهم  صفقة التبادل يفصلهم عن الوطن والأهل خطوات او أيام او ساعات قليلة، وهذا مدعاة للفرح والسرور، ولكننا وسط البهجة والفرح والسرور يجب ألا ننسى ان الصفقة تشمل عشر الأسرى فقط، فيما يتبقى تسعة آلاف قيد الأسر إلى ما شاء الله، فالله وحده يعلم كم من وقت وكم من سنين سيبقى من ضحوا وحملوا لواء القضية خلف القضبان. ان كل مرحلة لها استحقاقاتها وظروفها والصراع متواصل بين مد وجزر وليس كل شيء بيد الطرف الفلسطيني وحده، وان يكن الأمر على هذا النحو فعلينا أيضا ان نسلط الضوء على موضوع الأسرى وطرق تناوله، وان نساعد في فهمه وفي العمل على أن يكون في المكان الذي يستحقه على المستوى الشعبي والرسمي المحلي والعالمي القانوني والنضالي، فقضية الأسرى قضية لها وجوه عديدة وتقرأ من زوايا مختلفة، وجدير بنا أن نرى فيها قضية نضالية قبل كل شيء، ليس نضالية بان نرى أن الأسرى مناضلين من اجل الحرية بل واجبنا أن نناضل من اجل نيل حريتهم. حيث انعقد المؤتمر الدولي لنصرة الأسري قبل أيام في مدينة أريحا، من اجل تدويل قضية الأسرى وتحويلها لقضية دولية، مثل تدويل القضية الفلسطينية وتحويلها لقضية دولية وإنسانية،  وكان المطلوب من العالم أن يحرر الفلسطيني ويعطيهم وطن من خلال  مقررات الشرعية الدولية ، وهي بالطبع قرارات تفيد ولكنها غير كافية، فحصولنا على قرارات دولية بخصوص الأسرى واعتبارهم أسرى حرب سيكون قرارا ايجابيا جدا، ولكن إبقاء وضع الأسرى في دائرة الضوء الإعلامي والقرارات المشرقة دوليا لن تضيء زنزانة سجين، ولن تقربه يوما آخر من أهله، فقط تبقى أملا بان قضيته مازالت حاضرة حتى الآن في ذهن الوزارة- وزارة شؤون الأسرى التي عقدت مؤتمر أو مهرجان أريحا، الذي شارك فيه العديد من شخصيات المجلس التشريعي والفصائل وبعض النخب وقليل من الأسرى وأهاليهم،  حيث أكد الكل واجمع المشاركين على ان قضية الأسرى هي في ضمير الشعب والسلطة، التي لن تتأخر في العمل على إطلاق سراحهم خاصة وان اوباما طلب من نتنياهو الإفراج عن ألف أسير لمصلحة ابو مازن، إلا ان ثبات ابو مازن على موقفه من عدم الدخول في المفاوضات منع تحريرهم. من المؤكد أننا غير مطالبون بدفع ثمن تفاوضي لإطلاق سراح الأسرى، فلا احد يريد أن يقدم تنازلات وطنية لتحرير الأسرى، وان يكون ثمن حريتهم  هو ما ضحوا وناضلوا من اجله بالأساس، وعندما جاءت اوسلو تخيلنا ان السجون سوف تصبح فارغة والقدس تكون عاصمة واللاجئين يعودون وتقام الدولة في حدود عام 67، كل ذلك لم يحصل القدس عاصمة موحدة لإسرائيل واللاجئين لم يعودوا، وأراضي 67 تقضم تدريجيا  بالمستوطنات ومصادرة الأراضي والطرق الالتفافية والجدار.  ويتزايد عدد الأسرى والاعتقالات الإسرائيلية متواصلة يوميا في مناطق السلطة الوطنية، رغم شجب مؤتمر الأسرى الدولي في اريحا لذلك ومطالبته بان يكونوا أسرى حرب، ومراجعة المؤسسات الدولية والقانونية لأجل ذلك وتسليط الضوء على قضية الأسرى، وربما ان كان الضوء شديدا واتى مباشرة في عيون الأسرى التي لم تعهد سوى ظلام الزنازين من فترة طويلة ان لا يروا الحرية إلا بصورة لا تخلو من غباش ، صورة ينقصها الوضوح واكتمال الرؤية، خاصة وان الوطن وطنين وبدل الحكومة حكومتين، ويجري في نفس فترة انعقاد المؤتمر مفاوضات شاقة وصعبه يشارك فيها أطراف فلسطينية وعربية ودوليه للإفراج عن الجندي شاليط الذي اسر بعملية قتالية شاركت فيها فصائل فلسطينية وحماس، التي تفاوض من اجل إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني، مفاوضات شاقة مستمرة من سنوات سوف يكون من ضمنها قادة وأطفال ونساء وأسرى محكومين أحكام طويلة.  وماذا بعد؟؟ ماذا بخصوص عشرة آلاف أسير آخر، هل نختار وسيلة ما اعنت عنه جمعية أسرى في غزه عن جائزة بمليون دينار لمن يأسر جندي، وأين الفصائل التي الأسرى جنود  في صفوفها وناضلوا باسمها، أين منظمة التحرير المثل الشرعي والوحيد، وأين السلطة التي تقيم علاقات دولية وعربية وتفاوض باسم الشعب من قضيتهم، أم أن قضية الأسرى تنحسر من طرف السلطة باستحقاق مالي يتم كهبة وليس راتب، ويكون في أسفل الترتيب المالي لرواتب السلطة الوطنية. او هل علينا قبل كل شيء استعادة وحدة الوطن ووحدة القيادة ووحدة الاداء والقرار، والاتفاق على سبل حل ومواجهه قضية الأسرى في مجال الإعلام والسياسة والمال وفي المجال الميداني، وان تتحمل السلطة مسؤولياتها ويكون لها هي وحماس موقف حاسم تجاه قضية الأسرى، وان نجد روابط بين الأرض والإنسان، والا نتنازل عن أي منهم وان تكون ليس شرطا تفاوضيا وإنما استحقاق، فالزمن يمر على الأسرى ومن اعتقل مع تباشير عمليه السلام (مفاوضات مدريد) أصبح له الآن أكثر من 18 سنه بالسجن.  فهل ينتظر البعض ما تبقى من عمره يقضيها خلف القضبان، والأرض التي ناضل من اجلها تتقلص، حقيقة أن الكثير من الأسرى كانوا مشاريع شهادة، وما كان لهم ان يندموا على حياتهم لو  انجزت عملية التحرير او تحقق شيئا لشعبهم او وطنهم، ويجدر القول انه بمجرد تخلي القيادة الفلسطينية عن اللاءات الثلاث رفض الصلح والتفاوض والاعتراف كان الاولى ان يكون حينها الاسرى جميعا خارج السجون، ما قيمة السلام وأي سلام نتحدث عنه ما دام من ناضل من اجله ما زال بالسجن، هل هو سلام الشعب بأكمله ما دامت السلطة تمثله او سلام القلة التي ربما لم تدخل السجن يوما وتفاوض من  فنادق ومنابر وفضائيات. هل على الأسرى ان يستمر اعتقالهم واحتجازهم رهينة لمفاوضات قد تستمر سنوات ولربما أجيال ما دمنا رفعنا شعار الحياة مفاوضات، قد يكون التفاوض جزء مهم من عمليه إنهاء اعتقال الأرض والإنسان، لكن يجدر بنا الثبات على محددات دقيقة وشروط واضحة ولا نتقدم باتجاه المفاوضات إلا إذا تحققت هذه الشروط ومن ضمنها قضيه الأسرى، وأول شرط لقبول فكرة التنسيق الأمني هو المطالبة بالإفراج عن الأسرى، فما قيمة وجود وزارات وأجهزة أمنية تحافظ على عدم الاشتباك مع الإسرائيليين وتقوم بالحفاظ على الأمن والنظام معتبرة من يتصرف عكس  ذلك خارج عن القانون، كما تعمل حماس نفس الشيء في قطاع غزة من اجل ضبط التحرك الميداني والسياسي بيد واحدة.  قد نتفهم ونفهم كل من موقف السلطة وحماس في اعتبار أن كل منهما تمثل سلطة، ولكن نطلب من السلطة وحماس أيضا أن يتفهموا ان لنا حق بان يفرج عن أسرانا بدون تأخير، ولسنا من يحدد الوسائل والسبل، إنما حماس والسلطة والفصائل سواء اخترنا طريق النضال أو طريق المفاوضات يجب الا يتأخر الأسرى وقتا إضافيا داخل المعتقلات، فبالقدر الذي سيفرح أسرى وعائلات وشعب بأكمله في حال إتمام صفقة شاليط سيكون بجانبها مزيد من الحزن والألم والإحباط لدي من تبقى الى اجل غير مسمى في المعتقلات فهل من مقاتل مجيب او مفاوض مصغي؟