خبر : هيلارى كلينتون توجه رصاصة الرحمة إلى عملية التسوية ..ماجد عزام

الجمعة 20 نوفمبر 2009 01:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
هيلارى كلينتون توجه رصاصة الرحمة إلى عملية التسوية ..ماجد عزام



في تصريحاتها المتنقلة ما بين القدس المحتلة والدار البيضاء والقاهرة، تبدو هيلاري كلينتون محقة فى أمر واحد فقط , طوال عقدين من الزمن فاوض الفلسطينيون في ظل الاستيطان , ولم يطرحوا التجميد بتاتاً كشرط مسبق للتفاوض، فيما عدا ذلك لا أظن أن وزيرة الخارجية الأمريكية محقة على الإطلاق، لكونها تبنت بالكامل وجهة النظر الإسرائيلية ليس فقط من ناحية واقعية وتكتيكية وإنما أيضاً من ناحية تاريخية و إستراتيجية. لا يمكن نسيان التوصيف الشهير لاتفاق أوسلو , كل عبارة تحتاج إلى اتفاق , ثمة عيوب وثغرات بنيوية عديدة فيه , غير أن أهمها على الإطلاق تتمثل بتجاهل قضية الاستيطان ,وعدم الحصول على تعهدات اسرائيلية وضمانات دولية لتجميده , ولذلك لم يكن غريباً أن يتضاعف عدد المستوطنين لمرتين ونصف تقريباً , ليصل 300000،بعد ما كان 130 ألف عند توقيع الاتفاق، ما يعني أن السلطة الفلسطينية فاوضت لعقدين من الزمن تقريباً دون أن تشترط وفق الاستيطان ,  بل فى ظل وتيرة متسارعة ومحمومة له، يقول السيد ياسر عبدربه في مذكراته التي , نشرت خريف العام  2000 أن الشهيد ياسر عرفات لم يكن مفاوضا بارعا , كما انه تبنى إستراتيجية تفاوضية خاطئة , تستند على الحصول على أكبر قدر ممكن من مظاهر السلطة وأقل مساحة ممكنة من الأرض , ولم يقدر خطر الاستيطان بشكل صحيح , وفقط في عام 1998 وبالصدفة البحتة-هبطت طائرته اضطراريا لسوء الاحوال الجوية قرب القدس واكمل الطريق بريا الى رام الله- استشعر الامر ومدى استفحاله على الارض الفلسطينية، وحتى بغض النظر عن عبد ربه ومذكراته يمكن الرجوع الى الاحصائيات والارقام التى لا تكذب وحسب حركة السلام الان الاسرائلية فقد تضاعف الاستيطان بنسبة ستين بالمائة خلال عام 2008 او عام انابوليس الذى شهد مفاوضات ماراثونية ومكثفة بين السلطة الفلسطينية وحكومة –الحرب- الاسرائيلية بقيادة اهود اولمرت وتسيبى لفنى , اذن هيلاري كلينتون محقة تماماً , ألم يسبق للفلسطينيين أن طرحوا تجميد الاستيطان كشرط للتفاوض وبالتالي لا داعي لطرح الأمرالآن أيضاً، وتحديدا فى ظل ادارة أمريكية جادة تسعى لاستئناف عملية التسوية  من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي للصراع. هذا هو الأمر الصائب الوحيد في تصريحات كلينتون , و مقاربتها لعملية التسوية والمفاوضات , ما عدا ذلك فهي ليس محقة في شيء وتكاد تتبنى بالكامل وجهة النظر الإسرائيلية تكتيكياً وإستراتيجياً , مفاوضات دون شروط مسبقة , ودون تجميد الاستيطان , ما يعنى إعطاء الدولة العبرية الفرصة , لفرض الأمر الواقع على الأرض خاصة في القدس , بعدما تم إنجاز المهمة في الضفة الغربية ومحيط المدينة المقدسة بشكل عام، مفاوضات تهتم فقط بنهاية الطريق، وليس مهم البداية حسب تعبير وزير الخارجية المصرى السيد أحمد أبو الغيط، ما يعنى فى الحقيقة نسف خارطة الطريق التي يفترض أن يتم السير على هداها , والتي تتحدث في بندها الأول- عن حرب اهلية فلسطينيةحدثت فعلا- عن تفكيك البنى التحتية للمقاومة و تجميد تام للاستيطان بما في ذلك النمو الطبيعي أيضاً، عندما تصف وزيرة الخارجية الامريكية , عرض نتنياهو بكبح مؤقت للاستيطان ب غير المسبوق فانها تجافي الحقيقة، وهي تتجاهل عن عمد تواطؤ الإدارة السابقة مع حكومتي أرييل شارون وأهود أولمرت، مباشرة اثر الاعلان عن رؤيا بوش وخارطة الطريق، تم تجاوز البند الأول منها اى شرط التجميد التام للاستيطان يتفاهم غير معلن بين كوندا ليزا رايس و ودوف فايسغلاس مستشار ارئيل شارون انذاك , عدم اقامة مستوطنات جديدة وعدم مصادرة أراضي فلسطينية وتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية، تحديد حدود المستوطنات والبناء ضمن نطاقها خاصة في التكتل الاستيطانية الكبرى بما في ذلك القدس، تواطؤ امريكى آخر حدث مع حكومة أهود اولمرت على هامش لقاء أنابولس وكشرط اسرائيلى للشروع فى مفاوضات جديدة، البناء بمحاذاة خط الحدود من الخارج في الكتل الاستيطان الكبرى والبناء بمحاذاته من الداخل فى بقية ا لمستوطنات مع استبعاد القدس من أي تفاهم- هى ليست مستوطنة حسب تعبير نتنياهو الشهير، تؤاطو اولمرت رايس لحظ كذلك تفكيك البؤر العشوائية وعدم مصادرة اراضى فلسطينية جديدة , طبعاً لم تلتزم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حتى بهذا التواطؤ بل وتجاوزته تحديدا لجهة مصادرة الاراضى , ولذلك لا يمكن الادعاء باى حال أن تقليص مؤقت للاستيطان-مع استثناء القدس والكتل الكبرى- هو خطوة غير مسبوقة تستحق الثناء والتشجيع. أمر مهم آخر فى الحماسة الأمريكية لمقترح نتنياهو الملغوم يتمثل ب التماهي مع التصور الإسرائيلي المسبق لمصير عملية التسوية – الموافقة على مواصلة الاستيطان في القدس يعني القبول بكونها العاصمة الأبدية الموحدة للدولة العبرية , الموافقة على مواصلة بناء ال3000 وحدة سكنية في الكتل الاستيطانية الكبرى يعني ايضا الموافقة على ضمها لإسرائيل في أي تسوية أو اتفاق، وإجمالاً فإن القبول بمواصلة الاستيطان ولو بشكل جزئي ينسف الموقف القاتل بعدم شرعيته ، وبالتالي عدم جواز فرض الحقائق الأرض بقوة الاحتلال الجبرية. إستراتيجياً تتساوق وزيرة الخارجية الامريكية مع التصورات الإسرائيلية لاقامة دولة فلسطينىة مسخ- دون القدس ,  دون حق العودة للاجئين، دون سيطرة على الحدود والأجواء. دولة يمزقها الاستيطان اربا يحولها إلى دولة ميكى ماوس حسب التعبير الشهير للسيد سلام فياض. المعطيات السابقة جد مهمة لكونها توجه رصاصة الرجمة الى عملية التسوية بشكلها السابق ,  غير أن الأهم يتمثل ب الاستنتاجات السياسية الفلسطينية منها، ليس من الملائم التعويل أو المراهنة على وساطة أمريكية نزيهة، ليس من الملائم المراهنة على خيار التفاوض فقط لاسترجاع الحقوق، في ظل الوقائع التى فرضتها اسرائيل على الأرض ,فان حل الدولتين ميت اكلينيكيا , ويحتاج الامر فقط إلى شجاعة استثنائية للإعلان الرسمي عن وفاته، وبالتالي إعطاء الأولوية للوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام والتفكير الجدى في خيار الدولة الواحدة خاصة في ظل الأجواء التي خلّفها تقرير غولدستون فى العالم , على النضال بوسائل مختلفة من أجل تحقيق نفس الهدف , تفكيك المستعمرة المسماة إسرائيل ليس بالقوة الناعمة ايضا , ليس بالضرورة بالقوة المسلحة فقط. *مدير مركز شرق المتوسط للإعلام