خبر : بلطجة ...مصطفى الصواف

الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 01:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
بلطجة ...مصطفى الصواف



 كنت استمع, صباح أمس, إلى راديو القدس الذي يبث من قطاع غزة وكان المتحدث نعيم الطوباسي ( نقيب الصحفيين الفلسطينيين) منذ أكثر من عشر سنوات دون وجه حق، فقد انتهت رئاسته وأعضاء مجلس الإدارة منذ ثماني سنوات، ولم يعد هذا المجلس شرعيا إلا بحكم الواقع المفروض، كما شرعية محمود عباس وغيرها من الشرعيات الفلسطينية المشكوك فيها، والطوباسي حتى يعلم الجميع هو أحد رجالات حركة فتح، وهي من نصبته في رئاسة مجلس النقابة، ومجلس إدارة النقابة غالبيته من حركة فتح ومن نصبتهم أيضا حركة فتح، واليوم هناك خلافات كبيرة بين رجالات فتح في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، واتهامات بالسرقة والنهب والشرعية وعدم الشرعية؛ حتى أن أعضاء فتح في مجلس النقابة وهم الأغلبية شكلوا مجلس إدارة مؤقتاً يتجاوز الطوباسي، بل زاد انه رُفع على الطوباسي قضية أقل ما يقال فيها إنها اتهام له بالسرقة والسطو على أموال النقابة، الأمر الذي ينفيه الطوباسي، ما أثار انتباهي ما وصف به الطوباسي زملاء له في التنظيم وفي مجلس النقابة بكلمة بلطجة في وصفه لما يقومون به، وهو وصف ليسوا جديدا لحركة فتح، فالبلطجة باتت مكوناً أساسياً لحركة فتح، ولعل أكثر من اكتوى بها الشعب الفلسطيني وبعض الشعوب العربية، ولو قيلت هذه الكلمة على لسان من هم ليس في قيادة فتح؛ لربما يشكك فيها المراقبون، أما أن تأتي على لسان الطوباسي فهي شهادة مشفوعة بالقسم من قبل أهل البيت في فتح. على العموم، ليس هذا هو مقصدي من هذه الكلمات، ولكن ما أريد التطرق إليه هو الحالة التي وصلت إليها نقابة الصحفيين، بيت السلطة الرابعةً, من حالة محزنة ومخزية في نفس الوقت، فلم يعد هناك من النقابة إلا الردح والسب والشتم والاتهامات تجري على ألسنة أعضاء مجلس إدارتها من أعضاء وقيادات حركة فتح، فلا لوم عليهم في ذلك، فقد وصف الطوباسي ما يقوم هو وهم فيه بـتعبير ( بلطجة) ولو جاء على لسان أنصار حركة حماس في النقابة لوصف ذلك أنه حلقة من حلقات الانقلاب الأسود والدموي والنهب والاستيلاء على المؤسسات الوطنية ومسلسل الألفاظ الهابطة التي باتت اليوم سهلة حتى على لسان أعلى الهرم في حركة فتح. طبيعي أن يكون هذا حال نقابة الصحفيين، ليس لأن حركة فتح, سليلة العراقة الحديثة, هي من يقود النقابة بغير وجه حق منذ ثماني سنوات، ولكن لأن جموع الصحفيين تقبل بذلك، وهي راضية بهذه الحالة من المهانة والسوء، ولم تحرك ساكنا، وكل الذي نسمع همسا هناك أو حراكا تشوبه المصلحة الشخصية أو الذاتية هناك، أما أن نجد تحركا فاعلاً للقاعدة الصحفية تجاه ما يجري في نقابة وصل إلى حد الاتهام بالسرقة والتقديم للمحاكم ( للنقيب)، فهذا لم يحدث حتى هذه اللحظة, لأن الذي يملك أن يضع حدا لمثل هذه الهرطقات والخزعبلات الفتحاوية الفتحاوية، والتي تمثل صراع مصالح بين أعضاء مجلس النقابة, لا يمكن أن يضع لها حداً إلا الصحفيون، وهم غائبون عن ساحة الفعل ،لا اتحاد صحفيين عرب ولا اتحاد صحفيين دوليين يجب أن لا يكون له علاقة بهذا الموضوع لأنه شأن صحفي داخلي. لأن من وضع هذا المجلس على رأس الهرم في النقابة هم الصحفيون، وصاحب الحق في سحب الثقة عن هذا المجلس هم الصحفيون الذين لم يمارسوا حقهم الطبيعي، فكان ما كان في النقابة، ولن يحسم هذا الصراع إلا الصحفيون أنفسهم، وليس جهات خارجية تنظيمية أو نقابية دخيلة. وعندي سؤال إلى جموع الصحفيين سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية المحتلة: هل لو أقدمت فتح واستخدمت أسلوب البلطجة الذي تحدث به الطوباسي، وأخمدت كل المتصارعين وأسكتتهم عن الحديث، وأمرتهم بالكف عن هذا الموضوع، وإبقاء الحال على ما هو عليه، هل سيقبل الصحفيون أن يصمتوا على هذا الوضع البائس؟ وسيبقون على موقفهم الساكن والذي لا يحرك ساكنا أو يثير غبارا. المطلوب اليوم من الصحفيين جميعا على مختلف توجهاتهم السياسية وغير السياسية أن يلتفتوا إلى نقابتهم بيتهم المهني, وأن يعملوا على وضع حد لهذه المسرحية الهزلية, وأن يُخلعوا هذا المجلس كما نصبوه في يوم من الأيام، وان يمارسوا حقهم الديمقراطي وأن يبدءوا بإجراء الخطوات الأولى نحو القيام بانتخابات لمجلس نقابة جديد مهني ديمقراطي بعيد عن أي اعتبارات أخرى، وإذا تعثر ذلك بحكم البلطجة الفتحاوية التي تحدث عنها الطوباسي، ليفكروا في حل يخرجهم من صراع المصالح الذي يحكم مجلس النقابة الحالي منتهي الصلاحية منذ ثماني سنوات، وإن لم يفعلوا ذلك، فلنصلِّ صلاة الغائب على القاعدة الصحفية, لأنها كما يبدو آثرت الموت بصمت على أن تواجه حقيقة واقع النقابة المسيطر عليها بحكم الأمر الواقع.