خبر : جيد لنا، نحن اليهود! / بقلم: دورون روزنبلوم / هآرتس - 27/9/2009

الأحد 27 سبتمبر 2009 12:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
جيد لنا، نحن اليهود! / بقلم: دورون روزنبلوم / هآرتس - 27/9/2009



  ليس ثمة مثل عشية يوم الغفران للندم والاعتراف بالاخطاء؛ واذا كان هناك أمر أذنبنا فيه، اخطأنا، بيتنا النية، شككنا وسخرنا – فهذا دون ريب هو موقفنا الساخر تجاه شعار "بيبي جيد لليهود" الذي نشرته في حينه دوائر جماعة "حباد" واليمين. وهؤلاء تمكنوا الان من التخلي عنه والعودة اليه والتخلي عنه مرة اخرى عدة مرات؛ ولكن بعد عقد من خيبات الامل والصحوات – فانه حتى لمعارضي نتنياهو من الصعب اليوم عدم الاعتراف بالفم المليء: جيد لليهود مع بيبي. "جيد" ليست الكلمة الصحيحة بل مسرة.             جيد لليمين، الذي يتلقى غمزة لمواصلة زخم الاستيطان؛ جيد لليسار الذي يتلقى غمزة بشأن عدم جدية الغمزة المعاكسة؛ جيد ليهود صهيون والشتات، في أن لديهم ناطقا طليق اللسان، يصدح بصوت عال وبنبرة نقية فيعبر عن مخاوفه الاكثر عمقا: من اللاسامية العالمية، من التنازلات الغبية، من ازدواجية اخلاق العالم الغربي، من نكران الكارثة، من أي حركة، فقط قد تغير الوضع الى الاسوأ؛ جيد للدولة التي في حربها الاخيرة امام العالم هناك لديها من يوجه الضربة الى رأس الاغيار؛ جيد للحضارة الغربية التي تتلقى من على لسان يهودي منتصب القامة تحذيرات عقلانية جدا من الطاغية الايراني.             كي نفهم كم جيد لليهود مع بيبي – يكفي أن نتذكر بعض خيبات الامل، المفاجآت وحالات ثوران الاعصاب التي شهدناها في هذا العقد مع كل اسلافه – خلفائه: آمال عظمى تبددت، وعود كبيرة بفجر جديد وسلام اقليمي بقيت معلقة في الهواء، خطط جارفة تقتلع الجبال تحطمت دفعة واحدة، دم سفك كالماء في عمليات وحروب عابثة. اما الان – حين يوجد نتنياهو في السلطة – عودي يا نفسي الى راحتك: لا خيبات أمل، لا مفاجآت، لا ثوران اعصاب. لماذا؟ ببساطة شديدة: لانه لا توجد آمال، لا توجد وعود، لا توجد خطط.             حتى المحادثات، السفريات واللقاءات السياسية – التي في الماضي لم تكن سوى جولات اللا شيء – وصلت الان الى العدم المطلق: كونه لم تنشأ الشروط المسبقة لمحادثات بلا شروط مسبقة، فلا تجري اليوم سوى الرحلات – دون اللقاءات نفسها او اللقاءات – دون محادثات. كما أن "الخطابات الدراماتيكية" الموعودة تبدو كمواعظ حديثة الطراز لحفلات سن البلوغ، ترافقها عروض اكثر مما هي رؤيا محفزة او خطة عمل. ما الذي يمكن عمله بعد خطاب نتنياهو غير التصفيق والهذر عن ازدواجية العالم الاخلاقية؟ الدافعية لعمل شيء تقترب من الصفر. إذ أن التشاؤم معدٍ اكثر من انفلونزا الخنازير وبالتأكيد أكثر من الأمل. والدليل: حتى اوباما المشرق والنشط وكأن به خبا بمجرد لمسة من فارسنا.             نتنياهو، رافع علم "تخفيض مستوى التوقعات" و نبي بشرى انعدام البشرى – والذي كان يعتبر في الماضي مجرد مثبط للفرح – عاد الى الحكم على موجات اليأس كمن يحتفل بانتصار التجربة على الامل. ولكن ما الضير؟ اذا لم يكن هناك أمل – فلا خطط؛ واذا لم يكن هناك خطط – فلا حركة؛ واذا لم تكن حركة  - لا ارهاب؛ واذا لم يكن ارهاب – فلا خطى. واذا لم تكن خطى – فلا أزمات ائتلافية ايضا. باختصار، مثلما يقول ليبرمان: "جنة عدن".             وكل هذا لا يعد شيئا بالقياس الى العلاوة السمينة، التي تترافق تلقائيا وتخفيض مستوى التوقعات: عندما توجد هذه منذ البداية في مستوى البساط الاخضر في الحديقة – فان الحفلة السياسية الاكبر يمكنها أن تعتبر مفاجأة ايجابية: اذا نشبت هوة بعمق المتجر الاكبر في علاقاتنا مع البيت الابيض – فانهم في مكتب نتنياهو يحتفلون بان "على الاقل اوضحنا موقفنا"، واذا كان اوباما دعا عمليا الى انسحاب الى خطوط 1967 – ففي مكتب نتنياهو يفتحون زجاجة شمبانيا لان "على الاقل لم نتلقى منه ضربة عصا البيسبول على الرأس" (كما اقتبس احد كبار رجالات المكتب، بعد خطاب القاهرة). فما غرو أن الان، بعد القضاء على كل فرصة لاستئناف المسيرة، تصل احتفالات النصر في المكتب الى ذروتها؟             "مع الكينلي مسرة ان يكون المرء عطشا"، جاء ذات مرة في احد الاعلانات. مع نتنياهو مسرة أن يكون المرء بلا أمل: التوقعات منخفضة المستوى بحيث أنه اذا لم تسقط على رأسنا قنبلة في الساعة الثامنة وخمسية وثلاثين – فاننا ندخل تقريبا في حالة نشوى؛ وشريطة الا نسأل ماذا سيحصل في الساعة التاسعة، واذا كان بيبي جيد ايضا للاسرائيليين.