خبر : الانتخابات الفلسطينية تعميق للانقسام أم خشبة للخلاص؟؟ ... رشيد شاهين

الأربعاء 16 سبتمبر 2009 12:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
الانتخابات الفلسطينية تعميق للانقسام أم خشبة للخلاص؟؟ ... رشيد شاهين



  من الواضح أن حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية ترخي بظلالها على كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، وهي ومع اقتراب انتهاء الفترة القانونية للمجلس التشريعي وكذلك فترة ولاية الرئيس أبو مازن – 25-1-2010-، تبدو في حال من "التأرجح" ما بين أن تتعمق حال الانقسام هذه، لتصبح ملامح قيام كيانين منفصلين في كل من قطاع غزة الضفة الغربية اقرب إلى الواقع والتحقق، أو أن يتم الاتفاق والتوافق بين الفصائل – الحقيقة هي بين فتح وحماس لان باقي الفصائل لا تبدو ذات تأثير كبير أو ملموس في هذا الإطار- من اجل الخروج من هذا المأزق، وبالتالي البدء برأب الصدع وتجسير الهوة حتى الوصول إلى إنهاء حالة الانقسام ولو بشكل تدريجي.  اللافت في موضوع الانتخابات، هو هذا الاختلاف الذي يصل إلى حالة التضاد بين من يدعو إلى إجراء الانتخابات وفي المقدمة حركة فتح، وبين من يرفض الخوض في الموضوع وفي المقدمة حركة حماس. حيث يقول من يؤيد بان الانتخابات هي استحقاق دستوري لا بد من تحقيقه، وان عدم القيام بذلك يعني وجود فراغ دستوري يطال مؤسستي التشريعي والرئاسة، فيما يعتقد من يعارض بان إجراء الانتخابات قد يكون له عواقب وخيمة ويرسخ الانقسام ويضر بالمصالح الوطنية الفلسطينية.  هذا التنازع في موضوع الانتخابات لا يبتعد عن النهج الذي تم اتباعه من قبل الفصيلين على مدار ما يزيد على العامين من عمر الانقسام وهذا - الدجل- والتسويف والمماطلة في الوصول إلى المصالحة، كل هذا لا نعتقد بأنه لا يغيب عن كل ذي بصيرة، انه يتم على خلفية حسابات فئوية، وتحقيق مصالح حزبية على حساب المصلحة الوطنية، وكذلك المراهنة على تحقيق مكاسب أو انتصارات من اجل تحسين مواضع أو مواقع التفاوض لهذا الفريق أو ذاك.  لقد سمعنا في الماضي استعدادات حركة حماس للذهاب إلى الانتخابات مستندة إلى كل ما قامت به من إنجازات خلال الفترة الماضية، وخاصة في قطاع غزة، وتكرر ذلك في تصريحات كثيرة، وهو أيضا تكرر من قبل جماعة السلطة في رام الله وعلى رأسهم أبو مازن، وحيث ان الاستحقاق الانتخابي أصبح على الأبواب، فان من الملاحظ ان حماس صارت تعارض ذلك، لا بل ان وتيرة الرفض لإجراء أو تنظيم هذه الانتخابات أصبحت السمة التي تميز الخطاب الحمساوي، وهذا ما يخالف ما كنا نسمعه عن استعداد عال لدى الحركة للذهاب إلى انتخابات إذا ما تمت بشفافية ونزاهة، لا بل كنا نسمع نغمة من التحدي أيضا عالية من حركة حماس تقول انها لا تخشى ذلك وانها سوف تحقق نفس النتائج السابقة ان لم يكن أفضل منها-- لا مانع بان تكسب حماس أو غيرها بالنسبة لنا، المهم هو إنهاء هذه الحالة من الانقسام التي أضرت بشكل كبير بالقضية وبالناس-  هناك محاولات ممن يروجون لرفض الانتخابات القول بان الظروف لا تسمح بتنظيم الانتخابات، ويوردون فيما يوردون بعض الأسباب- لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل عدم الوصول إلى مصالحة وهذا يعني ان على الشعب الفلسطيني ان ينتظر ربما عشر سنوات أخرى حتى يتصالح الشباب، الاحتلال وان الانتخابات لا يمكن ان تتم إلا بموافقة إسرائيل وكان الانتخابات السابقة جرت بدون موافقة إسرائيل، الظروف الأمنية، حقوق الإنسان، اعتقالات في الضفة وغزة، اقتحامات في الضفة، هجمات على غزة، والحصار على القطاع ولا ندري ما علاقة هذا بالانتخابات وهل علينا ان ننتظر ربما عشر سنوات حتى يرفع الحصار هذا إذا رفع في ظل خنوع عربي وصمت دولي واضحين، وأسباب أخرى كثيرة -- التي نعتقد بأنها كانت دوما موجودة، وهي ستبقى دوما موجودة ما دام الواقع في فلسطين هو ليس سوى حكم ذاتي في ظل الاحتلال، وهي نفس الظروف التي كانت ولا زالت سائدة منذ دخول السلطة، رفض حماس وترددها يتزايد وخاصة مع الدعوة التي تضمنتها الورقة المصرية لتأجيل الانتخابات، وهي الدعوة التي تم رفضها عمليا أو التحفظ عليها في أفضل الأحوال من قبل معظم الفصائل.  الاستحقاق القادم هو ان يتم الإعلان رسميا من قبل الرئيس الفلسطيني عن موعد إجراء الانتخابات في موعدها، ومن الواضح ان هنالك نية لدى أبو مازن لإصدار مرسوم رئاسي يحدد من خلاله 25 كانون الثاني يناير من العام القادم كموعد لإجراء الانتخابات، هذا الإعلان سوف يواجه بمعارضة من قبل حماس كما تشير كل التوقعات، حيث تردد بان حماس طالبت في إحدى جلسات الحوار تمديد فترة الرئاسة والتشريعي لمدة سنتين.  المخرج هو في حالة من التوافق بين الأطراف المتنازعة من اجل إعلان موعد جديد للانتخابات يكون بعد ذلك، لكن ما هو ومن هو الضامن بان حالة من التوافق قد تحدث خلال فترة قريبة، وماذا ان طالت فترة التوصل إلى توافق أو مصالحة إلى سنة أخرى او سنتين او ربما عشرة.  من اجل الخروج من الدوامة وحتى لا يبقى الناس في دائرة مفرغة فان الأسلم هو إجراء انتخابات بترتيبات يتم الاتفاق عليها بين الفرقاء وتحت إشراف فلسطيني عربي ودولي من اجل ان تكون هذه الانتخابات نزيهة، حرة وشفافة، لكن هل يكفي ذلك لان تنتهي الحالة السائدة، نعتقد بان هذا لن يكون كافيا ان لم تتوفر الإرادة والنوايا الحقيقية والمخلصة لدى أطراف النزاع، وهذا ما لم نلمسه خلال فترة الانقسام التي حدثت قبل أكثر من عامين. إجراء الانتخابات يتطلب كذلك ان تلتزم الأطراف المشاركة في العملية السياسية بنتائجها.   16-9-2009