مصلوب ... مظلوم ،، محمد احمد سالم

الأحد 21 يوليو 2019 11:36 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مصلوب ... مظلوم ،، محمد احمد سالم



كلنا مظلمون ولكنه ترك وحده ، وما نصروه ولا أيدوه ولكن شوه لهم!

وشويا لحمه ، بعد ان اصبح كالطريدة , الشاردة في براري الخوف يعدو ، وحده ، تنقطع انفساه وحده, فلا يسلم ولا ينجو من الفخ تلو الاخر ، ولا المصيبة عقب الأخرى , الي ان تفنن الصهاينة في إكمال الفخ المحكم ، وغرزت انياب الحديد المدبب بعمق احشائه، وتناول البندقية ذات المنظار .. ومد بها يد سوداء فوقها دماء لم تجف ، الي يد قريبة ليكون له عار التخلص من هذا الاخ المشاكس المثير للمشاكل هادم الملذات ومفرق الجماعات وناقد الاجتماعات ، ومذكرا العرايا منهم والبغايا ، واتباعهم عديمي السجايا انهم اقل من خيط حذاء .

  فقد اختصر شعوره بتقصير القريب وخذلان البعيد وتجهم اخلاق العبيد ، شعور الاغتيال ثم الصلب والتقطيع وضرب النار ، وبرغم من ذلك لم تمزق فيهم صراخته المدوية سكون اليل الطويل ، لم يصرخ ولم يغادر ولن يغادر ولا يبع الضمير.

 حتى في احتضاره المؤقت قد يوقظ فيك عروبتك فتتذكر رجولتك ومجدك واحزانك ولتبكي على لحم اخاك المطعون المصلوب المرفوع الراس، واستمع الي الانين الخافت بصخب دمائه مع الهدوء الذي سكن جسده وليطمئن قلبك وتقر عينك ، بصحبة من فتت لحم اخيك حيا وقد هرسة عظامه ، وانت تطرب مرغما مستمع لصوت سحق عظامه

كصوت المنشار وهو يغور بعمق عظام صدره , حين توقفت انفاسه .. وصغر عنقك ، وقزمت اكتافك ،حين عادة روحه بعد اسبال مؤقتا.

ليفتح شفته وليبصق دماء فمه في وجهك , ولا يغيب وجهه الشاحب بعد اشراق ولا يغيب في عتمة اليل والظلام

 هل رحلوا العرب في صمت؟

اوهن من العجز واتفه من الضعف واقل من الهوان .چج

فلا يخفي ما يشعروا به من خجل حين بدت لنا وللعالم سوءتهم ولا يأخذون طفقا ولا خصفا , فهل ذلوهم الصهاينة بغرور؟

وحين تنظر في عينيه قبل اسبل مؤقت يجعلك تعشق قضيتك الاولى .. تعشق سيرتك الاولى , وما تلك بيمينك يا فلسطيني ؟ قال هي بندقية سمراء تزأر.. وازود بها عن ارضي ، قال اخوه وبصوت الصهاينة سمعوه , اطرحها ولا تخف وارتدى ثوب النكبة الاولي !

ملامحه استراحت في مجده الدائم

اقتلو الفلسطيني يخلو لكم وجه سيدكم

وبرغم من ذلك كان الشك في موته يملا منهم النفوس ولم يكونوا من بعده من المقربين!!

رجولة تبعث القشعريرة في اجساد المعدمين ،جسده صلبا وعنقه كصواري المركب ، يضج بالحياة والفتوة والعنفوان , وبرغم من ذلك يقولون , وطنه محتل .. ميزانه مختل جسده مقسم ، والباقي منقسما , مستباحة جروحه مضروب بالنار , مصلوبا مظلوما يئن ولا يبكي ،جفت دموعه سحقت ضلوعه وأعدا لحفل الشوء .

وخيم السواد والظلام والسخط ، ليعيش في بعض العرب!!

مصلوب يختنق بالظلم, ليشاهد يد القاتل الظالم بيد اخاه !!

 يبارك اغتياله ، ويراقب احتضاره المظلوم ، وتتجمع فوق جبهته قطرات الدماء مثل قطرات ندي الفجر .. تتجمع على اوراق التين والزيتون .

بوسط ليل الضياع العربي ، لم يعطى له الراحة ولا شربة ماء مع صوت انفاسه اللاهثة , وقد عرف جسده الالم الذي لا يطيقه بشر ، طال الوجع الذي يقتل ويقهر ويعذب ويموت بلا رثاء .. بلا رنات اهاته والامه , الى ان اخرست اصوات اخواته. حتى قبل ان يقتل ويصلب وتأكل الطائرات من راسه ، قد يستغيث في رجفة في لهفة , وقد سحقت ضلوعه وتوترت انفاسه اللاهثة لحد الاختناق ، لم يتركوه يناضل يقاتل يتألم وهو الثأر , كأنما اخواته حجر ضخم يجثم فوق صدره ولا يستطيع منه فكاكا !

اخواته قانعين بالأمه ، بدمه والاهم ان لا يحيا _ يحيي ولا يعيش!

 صم الاذن عن نصائحه , ويقطع ولا يجد يد تشقي جروح صدره , ولا اخرى تمنع صلب قديما , لكنها تحاول عبثا وتخنق مولود جديد لم يكن خائف من الموت , واصبح كل ما فيه جروح وغطي جسده بالطعنات من القريب والعدو والبعيد .. مضروبا مطعونا في الظهر ومغتال, مظلوما مصلوبا عطشان , يتجرع المر ويشرب كأس الفقدان .

وبرغم من ذلك لم يضمر جسده ولم تشحب روحه ويرجع يبتلع جروحه ويناضل ويثار يستخلص ارضه كما يتنفس الهواء .