زواج عـــرفــي...عبد الناصر النجار

السبت 20 يوليو 2019 02:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
زواج عـــرفــي...عبد الناصر النجار



يعرّف الزواج العرفي عادةً بأنه زواج يتم بعيداً عن الأعين وخارج الإطار الرسمي لعقود الزواج، حتى وإن عقد في بعض الدول في مكاتب محاماة أو على ورق أبيض أو شفهياً... وهو لا يختلف عن الزواج السري أو ذاك الذي يتم إخفاؤه لعدم وجود التكافؤ بين الطرفين أو الشعور بالنقص واحتقار الذات.. وهذا النوع من الزواج يختص به العرب دون العالم.  
اليوم لا نتحدث عن مفهوم الزواج العرفي المتداول بين الناس، ولكن عن ذلك الذي نراه بين الأنظمة والقيادات والأفراد المتنفذين في المنطقة الذين تحكمهم عداوة ظاهرة للاحتلال الإسرائيلي مع أن باطنها تعاون وصداقة في كثير من المجالات.
نجحت إسرائيل مؤخراً في عقد أكثر من زواج عرفي مع العرب حسب مقال للكاتب الإسرائيلي نداف شرغاي نشر، أمس، في صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية، ومن بين إنجازات إسرائيل خطة لعقد زواج عرفي جديد يتمثل في محاولة الاحتلال إحداث اختراق من خلال إعادة تأهيل سكة حديد الحجاز التي ربطت حتى العام 1946 بلاد الشام بالحجاز لنقل الأفراد والبضائع والحجاج.
تحاول إسرائيل عقد الزواج التطبيعي الجديد كمشروع اقتصادي لجعل خطة تجارة المنطقة بعيداً عن باب المندب ومضيق هرمز لتجنب بعبع الخطر الإيراني وتقليل تكاليف النقل واختصار المسافة إلى أوروبا بنحو 90%.
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير النقل الإسرائيلي إسرائيل كاتس تحدثاً مطولاً مع مبعوثي الرئيس ترامب، غاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، اللذين تشجعا للفكرة، فأدرجاها ضمن الخطة الاقتصادية لصفقة القرن.
ومصادفة مع الحديث إسرائيلياً عن هذا الموضوع، انتشرت الأسبوع الماضي مجموعة من الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، (إثر أزمة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان)، لقطار الحجاز وعرباته الممتلئة بخليط من الركاب من حواضر بلاد الشام والخليج حيث كان يتم التنقل بين هذه المناطق دون حواجز أو أوراق ثبوتية والحدود مفتوحة للعمل والتجارة. هكذا كان الهدف من سكة الحجاز وليس المحاولات الإسرائيلية لإعادة إحياء المشروع تطبيعياً.
الزواج العرفي التطبيعي لم يعد سراً كما كان في السنوات العجاف السابقة، وهو لم يعد مقتصراً على الفنادق والمنتجعات السياحية، بل أصبح يعقد على رؤوس الأشهاد دون خوف أو خجل.
وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد التقى وزير المواصلات الإسرائيلي إسرائيل كاتس، عرّاب سكة حديد الحجاز، في واشنطن، والتقطا الصور مبتسمين، قبل أن يتحفنا بن أحمد بتصريح جديد يطالب فيه بتوفير راحة البال لشعب إسرائيل.
لا ندري إن كان بن أحمد فاقداً للذاكرة، وغير مطلع على تاريخ المنطقة وحاضرها.. ولا يعرف شيئاً عن الشعب العربي الفلسطيني ومعاناته سواء بالقتل والتشريد والحصار والتجويع وسرقة أرضه ما تحتها وما فوقها وحتى سمائها. 
هل يعلم أن هناك عشرات الآلاف من زوجات وأمهات وأطفال الشهداء والأسرى الذين يتساءلون عن سبب قتلهم برصاص الشعب الذي يريد له بن أحمد راحة البال.
وزير خارجية البحرين أصبح عراب الزواج العرفي للمطبعين على حساب أرواح الشعب الفلسطيني.. ولكنه ليس زواجاً متكافئاً بل علاقة قوي بضعيف يستجدي الحماية. وهذا ما شجع قادة ومسؤولين على الكشف عن زواجهم العرفي التطبيعي، واستقبال قادة الاحتلال الملطخة أيديهم بالدم الفلسطيني في بلدهم علناً.
وعلى الرغم من تعدد علاقات الزواج العرفي التطبيعي، فإن الشعب الفلسطيني يعض على جرحه النازف من أشقائه في زمن الخطيئة، ويحاول ألا يسيء إلى أي دولة أو نظام، لعل وعسى أن تعود الذاكرة العربية الأصيلة لفاقديها. 
الزواج العرفي التطبيعي تدخل سافر في شؤون الشعب الفلسطيني، وهو إضعاف للقضية الفلسطينية، التي كانت مصدر الشرعية للأنظمة العربية. 
استمرار هذه الزيجات غير الشرعية التي يرغب بها الاحتلال لإنهاء القضية الفلسطينية لن تمر، لأن كل المؤامرات التي تعرض لها الفلسطينيون سقطت وإن بثمن باهظ.
الزوج الإسرائيلي على عكس العربي متأكد من أنه غير قادر على كسر إرادة الفلسطينيين، فكلما كبرت المؤامرات اشتد عودهم.
مما لا شك فيه أن إسرائيل تريد من الزوجات المطبعات بيتاً جاهزاً دون مهر.. وكل ما هو مطلوب منها وضع فزاعة على باب بيت الزوجية تحت مسمى التهديد القادم من إيران، وأن بيدها مفتاح الحماية.
التغيرات على شكل الزواج العرفي التطبيعي خطيرة وتعدت الخط الأحمر، وكسرت المحرمات كلها ووصلت إلى حد التشكيك في قدسية المسجد الأقصى أو أهميته، وصولاً إلى أن إسرائيل جزء أساسي من المنطقة، وأن من حق الشعب الإسرائيلي أن يعيش بأمن وراحة بال، ولو على جثث الفلسطينيين.