إلى متى نبقي تدريس الإعلام والعلاقات العامة بأيدي غير الممارسين للمهنة؟! د.محمود خلوف

الأربعاء 10 يوليو 2019 09:57 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إلى متى نبقي تدريس الإعلام والعلاقات العامة بأيدي غير الممارسين للمهنة؟! د.محمود خلوف



كان لي شرف اللقاء بكوكبة من كبار الصحفيين من الأراضي الفلسطينية من أراضي عام 1948 في جلسة عمل تقويمية صريحة عقدت يوم السابع من تموز2019 في الحرم الرئيس للجامعة العربية الأمريكية تناولت بعمق مسار تدريس الإعلام في الجامعات الفلسطينية.

إن ما تحدث عنه الزميل وديع عواودة بشأن ضرورة إثراء تدريس الإعلام بالجانب التطبيقي أمر حرصت عليه الجامعة، وعملت على ترسيخه منذ التحاقي في الجامعة العربية الأمريكية قبل 7 سنوات وبدعم لا محدود من صناع القرار في هذه المؤسسة الذين تفهموا تعديل الخطة وإضافة ساعات تدريب، وحتى مساقات عديدة.

لقد أوضح هذا الصحفي المخضرم وغيره من الزملاء من أتوا من الداخل، أن جامعة حيفا هي الأحرص على التطبيق العملي في مساقات الإعلام، وأن العديد من الجامعات الإسرائيلية ما زالت دون المستوى في هذا الجانب، ولكن الأهم بالأمر أن هناك حراكا جادا على هذا الصعيد.

إن تناولي تجربة تخص جامعات دولة محتلة لأرض شعبي وغير صديقة يأتي من باب إظهار أن حجم المعضلة لا يقتصر على فلسطين، وهذا لا يعني على الإطلاق بأن يتم تبرير العجز الكبير والواضح في تدريس مساقات الإعلام والعلاقات العامة وعلوم الاتصال في غالبية الجامعات الفلسطينية.

وحتى نضع الأمر في سياقه المنطقي، من المهم التأكيد على أن عمر أية جامعة أو قسم ليس مهما؛ لأن الأهم المخرجات، ورجع الصدى والقدرة على التعاطي مع متطلبات سوق العمل بواقعية، فلو استعرضنا تجربة قسم اللغة العربية والإعلام في الجامعة العربية الأمريكية فهو حديث النشأة لكنه فرض اسمه في سوق العمل.

صحيح أن هذا القسم لا يملك قناة فضائية، ولا موقعا إخباريا، ولا مركز تدريب، لكن لديه مختبرات مجهزة ومتطورة، وطاقم من خيرة خبراء الإعلام كونه يزاوج بين الخبرة المهنية والشهادة الأكاديمية، وليس هذا هو سر النجاح فقط، بل طريقة تدريس المساقات التي تتم بشكل مختلف عما هو دارج في غالبية جامعات الوطن، إن لم تكن في المنطقة.

ففي أكثر من اجتماع وُجهت لي ولرئيس قسم اللغة العربية والإعلام ولزملاء آخرين أسئلة تتعلق بمبررات أن يدفع الطالب رسوم (3 ساعات معتمدة)، ويتم تدريسه في 8 مساقات إعلام(7 ساعات) هي عبارة عن ساعة نظري، و6 ساعات عملية أسبوعيا، ناهيك عن 4 مساقات أخرى تُدرس بواقع 3 ساعات عملي وساعتين نظري أسبوعيا، ويبقى أهم مبرر أن يشرف الأكاديمي وبدعم من الفني ومساعد البحث والتدريس على تدريب الطلبة داخل المساق نفسه.

لقد أثبتت التجربة قدرة أي طالب على جلب شهادات تدريب وهمية عبر الواسطة أو المعرفة ليبقى الممر الأسلم هو التدريب داخل المساق نفسه، لتتاح للطالب فرصة التدريب لدى المؤسسات الإعلامية ضمن ساعات خدمة المجتمع وغيرها.

وبعرض طريقة تدريس الإعلام في مرحلة البكالوريوس في الجامعة العربية الأمريكية خلال الاجتماع سالف الذكر عبر الصحفيان سعيد حسنين، وحسين سويطي عن إعجابهما من نجاح تجربة التدريب العملي الموسع داخل مساقات الإعلام، وأكدا أهمية البناء عليها في طرح برنامج ماجستير إعلام يُعطي الأولوية أيضا للجانب التطبيقي.

وباستعراض الواقع المؤلم في العديد من مؤسسات التعليم العالي نجد أقساما تمنح درجة الدبلوم وتخرج كفاءات في الإخراج والتصوير والمونتاج أكثر من كليات إعلام في جامعات عريقة ولها تاريخ، وهذا نتاج قلة متابعة هيئة الاعتماد والجودة في وزارة التعليم العالي، وكذلك لعدم اختيار المدرس الأفضل الذي لديه خبرة مهنية فعلية.

وبإجراء عملية تقويم سريعة لمسار تحكيم برامج قمت بها شخصيا، وحتى بالنظر إلى سير ذاتية منشورة على المواقع الإلكترونية يتضح عدم انسجام الواقع مع ما هو مكتوب، فأين التعليم العالي وحتى الجامعات من إشراف أشخاص على رسائل ماجستير من تخصصات مختلفة وبعيدة عن موضوع الرسالة، وأين هي تشكيل لجان حكم على رسائل دراسات عليا بعيدا عن احترام التخصص، وأين صناع القرار من ترخيص برامج بناء على سير ذاتية تضمنت خبرات وهمية؟!.

إن المطلوب أن تشترط الوزارة في أية إجراءات لاعتماد برامج جديدة، شهادات مصدقة، دون أن يقتصر الإجراء على السير الذاتية، وأن تنطلق طواقمها للميدان للتأكد من صحة الإجراءات وسلامة التدريس، ودقة المعلومات.

أستاذ علوم الاتصال والعلاقات العامة